"مدافع" لبنانية من تحت الماء.. باتجاه العدو الإسرائيلي!(فيديو وصور)
لبنان ينجز أكبر حديقة مائية في حوض البحر الابيض المتوسط مكونة من آليات عسكرية ودبابات في قعر بحر مدينة صيدا اللبنانية جنوب البلاد، ونقيب الغواصين المحترفين محمد السارجي يشرح الفوائد العلمية والسياحية لها، معلناً خلال حفل التدشين أن مدافعها "موجهة باتجاه العدو الإسرائيلي" في خطوة رمزية تأكيداً على أن بوصلة الجيش اللبناني هي باتجاه هذا العدو.
تحقق حلم نقيب الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي، وهاهي الحديقة المائية التي تضم دبابات وقطعاً عسكرية تتشكّل في قعر بحر مدينة صيدا اللبنانية جنوب لبنان.
فقد عكف الرجل على مدى عقدين ونصف على العمل لتحقيق فكرته، وهو يقوم بجهودٍ شخصية ونقابية جبّارة مع فريق عمل النقابة النشط لتحقيق المزيد من الخطوات المماثلة.
لا يكاد يمضي يوم دون أن " يبحر" السارجي في عالم استكشاف "بحر لبنان"، وهو الذي عمل بجهود شخصية بحتة على اكتشاف آثار مدنٍ غارقة تحت الماء مثل صيدون وصور ويرموتا وغيرها، فضلاً عن كشفه لآبار المياه العذبة والكبيريتية والحارة في المياه الإقليمية اللبنانية.
أهداف علمية – سياحية - رياضية
تعرّف السارجي وهو ابن صياد صيداوي الى عالم الغوص منذ طفولته، وكان يحلم بتعلّم الغوص على أصوله، لكن النوادي المتخصصة لم تكن متوافرة في لبنان وكان الأمر محصوراً ببحرية الجيش اللبناني، وفي العام 1980 بدأ تدريباته في سان فرنسيسكو بالولايات المتحدة حيث نال رخصة غوص وبقي يمارس الغطس هناك حتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
وعندما عاد إلى وطنه لبنان لحظ مدى الخطأ الذي يمارسه الغطّاسون وقرر ان يدرّبهم فأنشأ عام 1995معهد صيدون للغوص، ثم الشركة اللبنانية للسينما والتلفزيون التي شكلّت أول ظاهرة من نوعها في لبنان ومهمتها تصوير اعماق البحر وكشف ميّزاته وثرواته، وشرع بتصوير أفلام لا مثيل لها عن المدن والآثارات الغارقة تحت مياه صور وصيدا. وساعده في ذلك قبوله كعضو عربي وحيد في منظمة "ناوي"، وهي منظمة عالمية للغوص مركزها الولايات المتحدة وتضم عشرات آلاف المتدربين.
وكان لكاميرا السارجي الفضل الأول في التعريف بالمدن اللبنانية المغمورة بالمياه منذ آلاف السنين... بالتعاون مع دراسات الدكتور يوسف حوراني التاريخية.
نعود إلى الهدف من إقامة الحديقة المذكورة، الذي وتتجلى في نواحٍ علميّة – سياحية - رياضية - بيئية، وهي بحد ذاتها، حدثٌ بحري هام، وهنا يقول السارجي "عملنا على إيجاد مساحات إصطناعية مرجانية، وهذه التجربة تعتمد في دول العالم منذ عشرات السنين، من أجل تحقيق هدفين: الأول هو لتنشيط الثروّة السمكية، لأن السمك يعشق الحديد ويستقر فيه ، وبالتالي تعزيز الأسماك المحلية وتكاثر السمك في المنطقة. والثاني هو إغناء التنوّع البيولوجي في البحر”.
وكشف عن قدوم أعداد لافتة من أسراب أسماك "الغبّص" ذات الأحجام الكبيرة التي لم تشهدها المنطقة، وذلك بعيد إنزال هذه الآليات، كما شوهدت - وللمرة الاولى - سمكة "الأسد النادرة في داخلها.
الأهمية السياحية
سياحياً، تكمن أهمية المشروع في التشجيع على الغوص، إن كان غوص على عبوات الاوكسيجين (جهاز تنفس تحت الماء scubadiving ، أو غوص على النفس الحر.
كذلك من الممكن في وقتٍ لاحق، تشجيع "سياحة البحر" من خلال توفير مراكب فيها زجاج في الأسفل، كتلك الموجودة في شرم الشيخ والعقبة وكل دول العالم، يستطيع من خلالها السياح رؤية هذه الدبابات والآلات والأسماك الموجودة فيها “.
وللمشروع فائدة بيئيّة وإقتصاديّة، هذ ما أكده السارجي "بالتالي نستفيد من هذا المشروع كسياحة وإقتصاد، امّا من الناحية الرياضية فتكمن أهمية هذه الحديقة في جذب المزيد من عشّاق الغوص من لبنان وخارجه، حيث يحتاج لبنان إلى تنشيط هذا النوع من الرياضة السياحية البحرية.
والجدير بالذكر، أن الدبابات والآليات التابعة للجيش اللبناني أنزلت، إلى قاع البحر لإنشاء هذه الحدائق. في ثلاثة أماكن بعيدة عن مجرى التيارات البحرية الجارفة.
وتتركز الأماكن المقترحة لهذه الحدائق في الجهة الشرقية الشمالية، من جزيرة "الزيرة" وهي عبارة عن جزيرة صغيرة تكوّنت بفعل هزة أرضية، كانت قد تعرضت لها مدينة صيدون الفينيقية عام 147 قبل الميلاد.
لا أضرار بيئية....
السارجي يؤكد أن "لا أضرار جانبية بيئية للمشروع، بل على العكس من ذلك. فهذه فكرة عالمية نفذتها دول كثيرة بهدف إثراء الثروة السمكية والتنوع البيولوجي البحري". إذ "تعشق الأسماك الحديد"، وفق السارجي، وهي تجد في هكذا نوع من المركبات مكاناً لائقاً لبناء أعشاشها، ففي مدينة نيويورك الأميركية مثلاً، أغرقت مئات عربات القطار منذ سنوات.
ويعكس نمو الطحالب والأعشاب البحرية والإسفنج والشِعب المرجانية على المراكب الحديدية أيضاً، رونقاً جميلاً، زدّ على ذلك أن وزن هذه المركبات يصل إلى نحو 18 طناً من الحديد، وبالتالي فهي تحتاج إلى مئات السنين لتتحلل وتختفي".
وفي هذا الإطار يقول كامل كزبر، رئيس جمعية أصدقاء جزيرة زيرة صيدا التي قادت تنفيذ المشروع، لوكالة فرانس برس "سيصبح هذا المكان جنة للغطاسين، وبقعة يمكن أن نطوّر فيها الحياة تحت الماء".
وأعرب عن أمله في أن تغطي الأعشاب البحرية قريباً هذه الدبابات، التي قدّمها الجيش هدية لهم، لتحقيق رؤيتهم بخلق "متنزه تحت الماء ليكون بذلك عالماً بعيداً عن الشواطئ التي لم تستطع الإفلات من أزمة القمامة في لبنان".
أماكن وجود الدبابات
وعن أماكن وجود هذه القطع العسكرية يوضح النقيب الخبير بمكامن "بحر لبنان" وأسراره أن الحديقة الأولى تقع على بعد 150 متراً غربي الزيرة، وهي منطقة تتميز بأرضها الصخرية الناعمة الغنية بالاسفنج والطحالب البحرية والمرجان الناعم.
ويردف قائلاً"وضعنا فيها دبابتين وملالة على عمق 12 إلى 13 متراً، ويستطيع الغواص المبتدئ أو هواة الغطس الحر الوصول إليها. أما الحديقة الثانية فتقع شمال غرب الزيرة وتبعد عنها مسافة 250 متراً، ووضعنا فيها دبابتين وملالة على عمق 16 إلى 17 متراً. تتميز هذه المنطقة بهضابها الصغيرة وتنوعها البيولوجي أيضاً.
المنطقة الثالثة "تبعد 350 متراً عن الزيرة لجهة الغرب، ووضعت فيها 4 دبابات على عمق 27 متراً. تتألف هذه المنطقة من جور رملية عمقها 150 متراً وصخور ضخمة. "للمنطقة الثالثة قيمة معنوية كبيرة بالنسبة إلينا كنقابة. إذّ عانينا طويلاً بامتلائها بالنفايات بسبب مكب صيدا. واليوم هي أكثر نظافة، رغم بعض البقايا التي نسعى إلى إزالتها من خلال تنظيم حملة وطنية. وإذ لا تتوقف الجهود عن هذا الحد، فإن نقابة الغواصين تهدف إلى إنزال هياكل طائرات إلى قعر البحر في المستقبل القريب"، يقول النقيب السارجي.
جوليا حاضرة.... والمدافع باتجاه "إسرائيل"!
وكان احتفال تدشين أول حديقة مائية هي الأولى من نوعها في لبنان والأكبر في حوض البحر الابيض المتوسط حافلاً على وقع الأغاني الوطنية لفيروز وجوليا ...، حيث أقيم في قلعة صيدا البحرية برعاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، حيث اطلق على الحديقة اسم "حديقة صيدون المائية "، التي تمّ انجازها عبر جمعية اصدقاء زيرة وشاطىء صيدا ونقابة الغواصين المحترفين في لبنان تحت اشراف بلدية صيدا التي اعلنت بشخص رئيسها المهندس محمد السعودي بأنها مهداة لارواح شهداء الجيش اللبناني.
وفي الختام اعلن رئيس جمعية اصدقاء زيرة وشاطىء صيدا كامل كزبر أن مديرية الطيران المدني الخاص قدمت ثلاث طائرات ليتم وضعها في الحديقة المائية، ولتشكّل ملاذاً للاسماك وبيئة مناسبة لتشكل الشعب المرجانية.
بدوره، أعلن السارجي الذي توجه بالشكر لكل الغواصين المحترفين الذين شاركوا بعملية انزال الآليات العسكرية بقاع البحر "أننا في صيدا على عهد وميثاق الجيش اللبناني، لذلك قمنا بتوجيه فوّهات الدبابات (التي أُنزلت) باتجاه العدو الصهيوني تأكيداً على أن بوصلة هذا الجيش هي باتجاه العدو الإسرائيلي وكذلك أردناها تحية لشهدائه ولهذه المؤسسة العظيمة".