مقلّد للميادين نت: "إسرائيل" أمام تغير استراتيجي لم نشهده منذ تأسيس الكيان
الصدمة التي تلقّتها "إسرائيل"منذ بدء ملحمة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر أثّرت بشكلٍ مباشر على اقتصادها، الذي حاولت بناءه على مدار السنوات الماضية. الخبير الاقتصادي حسن مقلّد يوضح للميادين نت تداعيات ما يحصل على الاقتصاد الإسرائيلي.
الصدمة التي تلقّتها "إسرائيل" في 7 أكتوبر منذ بدء ملحمة "طوفان الأقصى"، لم تكتفِ بضرب الكيان الإسرائيلي عسكرياً وسياسياً، وإنّما أثّرت بشكلٍ مباشر على اقتصادها الذي حاولت بناءه على مدار السنوات الماضية.
وتعليقاً على ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي، حسن مقلّد للميادين نت، أنّ الاقتصاد في الكيان الإسرائيلي مرّ بعدّة مراحل، أهمها التي انطلقت في عام 1985 حين جرى العمل بشكلٍ جديّ على مشروع اقتصادي إسرائيلي، وأصبحت هناك أسواق عربية تفتح سراً للبضائع الإسرائيلية، وصار هناك تعاون اقتصادي مع "إسرائيل" وإن كان من تحت الطاولة.
وأضاف أنّ انهيار الاتحاد السوفياتي وقدوم مليون روسي إلى "إسرائيل" مع كل إمكاناتهم المالية ساعد في هذا الشأن، وأتت الكثير من الكفاءات العلمية، واستطاعوا من خلال ذلك خلق "منطقة اقتصادية" ترافقت مع مشروع الشرق الأوسط الذي طرحه شمعون بيريز، والذي كان يفترض إحداث وظيفة اقتصادية للكيان على مستوى المنطقة ككل.
كذلك، أوضح مقلّد أنّه كان مطلوب 50 سنة استقرار، ليستطيعوا بناء اقتصاد داخلي مبني على التكنولوجيا والبحث العلمي والسلاح المتطور، مما سمح لهم ببناء علاقات مع دول، لم تكن لهم تاريخياً علاقات معها.
وتابع: "كل ذلك كان ضرورياً لإقامة دمج بين فكرة العقل اليهودي والعلاقات اليهودية والمال العربي"، لافتاً إلى أنّ "هذه الفكرة قدّمت بشكلٍ جلي في التسعينيات بالمؤتمرات التي جرت في عمان والرياض والرباط والدار البيضاء، وهذا أساس فكرة التطبيع التي تقوم بها مع دول الخليج".
في غضون ذلك، رأى حسن مقلّد في تصريحه إلى الميادين نت، أنّ كل هذ القضايا تأذّى الأساس فيها، بعد "طوفان الأقصى"، موضحاً أنّه في السابق، كان الأذى الذي لحق بالاقتصاد سببه عوامل خارجية، مثل ما حصل في مصر عام 1973، وفي لبنان 2006.
لكن هذه المرة الأولى التي يكون فيها العامل الداخلي هو الأساس، وفق مقلد، الذي أكد أنّ المناطق الصناعية والاقتصادية الضخمة التي كانت موجودة في جنوبي فلسطين أي في غلاف غزة أو في الشمال على الحدود اللبنانية، "تشهد تهجيراً وإقفالاً كاملاً".
من الطاقة إلى التكنولوجيا.. نحو اللا عودة
الأهم من كل ما سبق هو، أنّ هناك إشكالات في حقل كاريش (بين لبنان و"إسرائيل")، ولا يوجد انتظام بتصدير الغاز، كذلك الأمر بما يخص شركات التكنولوجيا التي تعتبر اليوم "إسرائيل"، ثاني أكبر بلد في العالم بعد وادي السيليكون في الولايات المتحدة، وفقاً لما أوضحه الخبير الاقتصادي.
وبيّن مقلّد أنّ هذه القطاعات لا تحتمل اللا استقرار، فقضاياهم لا تقاس بالأسابيع والأشهر، كحال الصناعة على أهميتها، وإنّما تقاس بالساعات والأيام، لأنّ العمر الافتراضي لبعض البرامج لا تتجاوز اليوم إلى 72 ساعة، إما تتمّ صيانتها وإصلاحها أو ما إلى هنالك.
كذلك، شدّد على أنّ الكيان الإسرائيلي اضطر اليوم لتسريح جزء من الاحتياط بعدما تم استدعاؤهم، لأنّ قطاعات التكنولوجيا والطاقة لم تعد لديها اليد العاملة الأساسية والكفاءات التي يتراوح عمرها بين 18 و40 سنة.
وقال مقلد للميادين نت، إنّ ما حصل اليوم فعلياً هو انتهاء وضرب "فكرة الاستقرار، التي تعرّضت لها كدولة أوروبية لا دولة شرق أوسطية.
والفكرة الثانية، وفق مقلد، أنّ حجم الهجرة المقدّرة من الكيان "عالية جداً"، لافتاً إلى أنّه قبل "طوفان الأقصى" وبعد الاضطرابات التي حصلت، اتخذ 32% من المستوطنين قرار الهجرة، واليوم العامل الأساسي للاستقرار ضُرب، والمناطق جغرافياً، سواء بالجنوب أو بالشمال تركت، وليس من الواضح أنهم سيعودون إليها.
وقبل أيام، أوقفت أنقرة مؤقتاً خططها للتنقيب المشترك عن الطاقة مع "إسرائيل" في البحر الأبيض المتوسط وصادرات الغاز إلى أوروبا.
وأوضح مقلّد أنّ الخلاف الذي حصل اليوم مع تركيا، أنهى "تل أبيب" كمرجعية لتسعير الغاز في المنطقة، لذلك نحن اليوم أمام تغيّر استراتيجي نوعي لم نشهده منذ تأسيس الكيان في 1948.
كذلك، تطرّق إلى انتهاء الممر التجاري الجديد من الهند إلى الشرق الأوسط وأوروبا، مروراً بميناء حيفا، مؤكّداً أنّ هذا الممر انتهى، لأنّ "ملف التطبيع توقّف، فلا إسرائيل قادرة على تأدية دور أمني وعسكري لحمايتهم، ولا أي دور اقتصادي ومالي مما سيسبّب تغيّرات في هذا المجال".