في 2022.. الاقتصاد العالمي على أعتاب 5 مشكلات حقيقية
الاقتصاد العالمي يواجه تحديات جديدة في 2022، بدأت تتشكل في نهاية عام 2021، ولربما تستمر إلى أعوام لاحقة، وسط مخاوف من تفاقم بعضها.
بدأ الاقتصاد العالمي يلمس انفراجات بعد تعرضه لخسائر فادحة بسبب انتشار فيروس كورونا، الذي شلَّ الحركة العالمية، وأثر على قطاعات اقتصادية كبرى أهمها قطاع السياحة.
لكن اللافت هو وجود عدة مشكلات اقتصادية تؤثر بشكل حقيقي على حركة الاقتصاد العالمي، بدأت تأثيراتها تظهر جلياً في النصف الثاني مع التفشي الجديد للوباء ومتحوراته المتطورة.
أبرز هذه المشكلات هي اختناقات سلسلة التوريد، ونقص العمالة، والنشر البطيء للقاحات كورونا، خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض والدول النامية.
ومع ذلك، حافظ الاقتصاديون على توقعاتهم للعام المقبل، لكنهم حذروا من أن متحورات كورونا يمكن أن تعرقل النمو، وشددوا على الحاجة الملحة إلى تطعيم الغالبية العظمى من سكان العالم بسرعة.
خطر المتحورات
في تشرين الثاني/نوفمبر، تلقت الأسواق العالمية صدمة جديدة أدت إلى تأرجحها، وهي انتشار متحور "أوميكرون" الجديد، الذي تكمن خطورته في عدم التأكد بعد من فاعلية اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في مواجهته، وقدرتها في السيطرة عليه.
تشير الأدلة الأولية، وإن كانت قليلة حتى الآن بالإضافة إلى تعليقات الخبراء، إلى أن "أوميكرون"، رغم أنه أكثر قابلية للانتقال من متحور "دلتا"، فإنه سيكون أقل تأثيراً على عكس سابقه ولن يتجاوز المناعة التي تنتجها اللقاحات أو العلاجات الحالية.
ومن المحتمل ألا يكون "أوميكرون" هو القشة التي تدفع الانتعاش الاقتصادي عن المسار الصحيح، ولكن من المحتمل أن يكون المتحور المستقبلي كذلك.
وقالت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي: "إذا كان للفيروس تأثير ممتد - على المدى المتوسط - فقد يخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار تراكمي 5.3 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة بالنسبة لتوقعاتنا الحالية".
وأضافت أن الأولوية القصوى للسياسة يجب أن تكون ضمان أن يتم تطعيم 40% من السكان في كل بلد بشكل كامل بحلول هذا العام و70% بحلول منتصف عام 2022. حتى الآن، تم تحصين أقل من 5% من السكان في البلدان منخفضة الدخل بشكل كامل.
اختناقات سلسلة التوريد
عطلت اضطرابات سلسلة التوريد الانتعاش العالمي هذا العام، وأدى تباطؤ الشحن إلى جانب النقص في الحاويات، والانتعاش الحاد في الطلب مع تخفيف القيود الوبائية، إلى تعثر المنتجين في الحصول على المكونات والمواد الخام.
وكان قطاع السيارات من بين الأكثر تضرراً مع تراجع الإنتاج في منطقة اليورو، بما في ذلك في ألمانيا، حيث خفضت شركات صناعة السيارات الإنتاج لأن المعدات الوسيطة، وخاصة أشباه الموصلات ، لا تزال تعاني نقصاً في المعروض.
في حين أن هناك دلائل على أن نقص الإمدادات ينحسر مع انخفاض تكاليف الشحن وزيادة صادرات الرقائق، يتوقع الخبراء أن تستمر اختناقات العرض في التأثير على النمو بشكل ملحوظ في العام المقبل.
وقال فرانك سوبوتكا، المدير الإداري في شركة النقل والخدمات اللوجستية "دي إس في إير آند سي" في ألمانيا: "نتوقع ألا يتحسن الوضع في عام 2022 - وليس قبل نشر قدرات النقل البحري الجديدة ذات الصلة في عام 2023 أو تكييف سلاسل التوريد مع التوريد القريب".
تفاقم التضخم
تسبب نقص المواد الخام والمدخلات، إلى جانب ارتفاع أسعار الطاقة، في دفع التضخم في منطقة اليورو والولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته منذ سنوات عديدة، مما أثار فزع المستثمرين العالميين الذين يخشون أن تضطر البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة قبل الأوان لترويض الأسعار المرتفعة.
ويتمسك البنك المركزي الأوروبي بالقول إن الأسعار ارتفعت بسبب عوامل مؤقتة، مثل نقص الإمدادات وارتفاع أسعار الطاقة والتأثيرات الأساسية، ويتوقع أن يهدأ التضخم بمجرد أن تهدأ آثار الاختلالات العالمية بين العرض والطلب.
لكن إذا ثبت أن اضطرابات سلسلة التوريد أكثر استمراراً مما كان يعتقد سابقا، من المتوقع أن يستمر التضخم في الارتفاع لمعظم عام 2022، مما يبقي البنوك المركزية الأوروبية في موقف حرج.
دور الصين
ساعدت الصين العالم على الخروج من الركود الناجم عن الوباء في عام 2020 بفضل الطلب العالمي على سلعها الإلكترونية والطبية، وكانت تمتلك الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي نما في عام 2020 ومن المتوقع أن يتوسع بنحو 8% هذا العام، مما يجعله الاقتصاد الرئيسي الأسرع نمواً بعد الهند.
التوترات السياسية
لا بد أن الاتهامات التي تتبادلها الأطراف السياسية الكبرى في العالم سينعكس تأثيرها السلبي على الاقتصاد العالمي، فالولايات المتحدة وروسيا تتهمان روسيا بأنها تمتلك مخططات جاهزة لاقتحام أوكرانيا عسكرياً، مع توقعات بزيادة عقوبات هذه الأطراف على الروس.
في وقت تنفي فيه موسكو هذه الادعاءات بشكل قاطع، لكنها تحذر في الوقت نفسه القوى الغربية من خطورة التوسع شرقاً نحو أراضيها، وأيضا من استمرار التحركات العسكرية الاستفزازية على حدودها الغربية، ونشر منظومات صاروخية بالقرب منها.
وقال إدوارد مويا، كبير محللي السوق في مجموعة "أواندا" التجارية: "التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا تشكل خطراً كبيراً يمكن أن يجعل حلفاء الناتو الشرقيين على أعتاب الحرب".
وأضاف: "إذا أوقفت الولايات المتحدة وأوروبا خط أنابيب التيار الشمالي- 2، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة طاقة عالمية تدفع تكاليف النفط نحو 100 دولار للبرميل، وقد يكون ارتفاع أسعار الطاقة بمثابة القشة التي تجبر محافظي البنوك المركزية على مستوى العالم على تسريع تشديد السياسة النقدية".
أيضا توترت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، حيث حذرت واشنطن بكين من تغيير الوضع الراهن من جانب واحد على أراضي الجزيرة.
وأثارت واشنطن غضب بكين أكثر بإعلانها أن المسؤولين الأميركيين سيقاطعون دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين هذا العام، وردت بكين بأن الولايات المتحدة "ستدفع ثمناً" لقرارها.