تمرير إصلاح ضريبي كبير في البرازيل.. انتصارٌ سياسي للرئيس لولا
الحكومة البرازيلية ستُقدّم اقتراحاً لإصلاح ضريبة الدخل قبل التصويت على إصلاح ضريبة الاستهلاك.
تبدو البرازيل في طريقها لتبنّي إصلاح ضريبي تنتظره منذ عقود ويُشكّل انتصاراً سياسياً للرئيس اليساري، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ونقطة تحوّل لأكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.
هذا الإصلاح الذي تصفه الحكومة بأنّه "تاريخي"، سعت إليه الحكومات السابقة، ولا سيما رئيس الدولة اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو (2019-2022). لكنّه فشل في كلّ مرّة في غياب توافق في الآراء.
وبعد اعتماده من جانب النواب في السادس من تموز/ يوليو الجاري، ما زال النص بانتظار موافقة مجلس الشيوخ، بشكل تعديل دستوري.
والهدف من هذا الإصلاح الضريبي هو تبسيط حياة السلطات والشركات والأسر بنظام أكثر عدلاً وفاعلية مع إدخال قواعد جديدة لمكافحة التهرب الضريبي، بينما يُواجه النظام الحالي انتقاداتٍ من كلّ الجهات.
وعبر دمج مختلف الضرائب على الاستهلاك تحت اسم واحد هو ضريبة القيمة المضافة، يهدف الإصلاح إلى زيادة القدرة الإنتاجية وجذب مزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل.
وقال براوليو بورجيس من معهد الاقتصاد البرازيلي "مؤسسة جيتوليو فارغاس" لوكالة "فرانس برس": "هذا يُمكن أن يُسهم في النمو بفضل فاعلية أكبر وخفض غياب الأمن القانوني وإساءة استخدام الأموال العامة"، معتبراً أنّ "الجميع رابحون بذلك".
أي تأثير سياسي؟
حاول عددٌ من الحكومات من دون جدوى، إجراء هذا الإصلاح.
وللتوصل إلى ذلك بعد عدد من الانتكاسات في البرلمان منذ عودته إلى السلطة في كانون الثاني/ يناير الماضي، اضطر لولا إلى تقديم تنازلاتٍ لقدامى "المركز" أيّ مجموعة من الأحزاب الوسطية التي لا تتبنى أي أيديولوجيا فعلياً وتُقدّم دعمها مقابل مناصب مهمة.
وأقوى هذه الشخصيات هو رئيس مجلس النواب آرثر ليرا الذي يُنسب إليه نجاح التصويت على الإصلاح إلى حدٍ كبير.
وقال النائب عن حزب العمال ريجينالدو لوبيز الذي يقوده لولا وأحد من ساهموا في صوغ النص لـ"فرانس برس": "هذه هي المرّة الأولى التي نُحقق فيها مثل هذا التوافق السياسي الاستثنائي".
لكنّ لهذا الإجماع ثمناً، فـ"المركز" يتطلع إلى مزيدٍ من الحقائب الوزارية داخل الحكومة. وبعد أسبوع تماماً على تصويت النواب حصل حزب الوسط أيضاً على وزارة السياحة، الخميس الماضي.
ومن الشخصيات المؤثرة أيضاً، تارسيسيو دي فريتاس، حاكم ساو باولو الولاية الأغنى والتي تضمّ أكبر عدد من السكان في البلاد وكان وزيراً للبنى التحتية في عهد بولسونارو.
ويُعدّ الرئيس السابق الذي جرّده القضاء في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، من أهليته للانتخابات بسبب تضليل إعلامي، الخاسر الأكبر. فقد تمزّق الحزب الليبرالي الذي يقوده هذا المعارض للإصلاح الذي أيّده نحو خُمس نوابه (20 من أصل 99).
ما هي التغييرات الملموسة؟
مع هذا الإصلاح ستُصبح الضرائب الخمس على الاستهلاك السارية حالياً واحدة هي ضريبة القيمة المضافة.
وإلى جانب شفافية أكبر للمستهلكين، يفترض أن يحسن قبل كل شيء القوة الشرائية للفقراء بفضل إعفاء من الضرائب على عدد من المنتجات الأساسية. ويقضي نظام "استرداد المال" بإمكان استرداد ضرائب من الأسر الأكثر تواضعاً.
وقال براوليو بورجيس إنّ الإصلاح "مفيدٌ للاستهلاك الجماعي"، مضيفاً أنّ الصناعة رابحة أيضاً مع انتهاء الضرائب "المتتالية" المدفوعة في كل من مراحل الإنتاج.
ويفترض أن يدرس مجلس الشيوخ النص قريباً وقد يدخل عليه تعديلات. ويتعلّق الأمر خصوصاً بتحديد النسبة المئوية لضريبة القيمة المضافة التي يمكن أن تزيد على 25% ما يجعلها واحدةً من أعلى النسب في العالم وأثارت انتقادات.
لكن بورجيس يرى أنّ هذا لا يعني زيادة في الضرائب على الاستهلاك المرتفعة أساساً في النظام الحالي، بل تذويبها في العديد من الضرائب.
وبعد إقرار النص، سيتمّ تطبيق الإجراءات الجديدة تدريجياً خلال فترة انتقالية تنتهي في 2032.