تركيا: تحسّن الليرة بعد رفع الفائدة إلى 25%
الليرة التركية تسجّل تحسناً بعدما رفع البنك المركزي معدّل الفائدة إلى 25%، والمركزي التركي يقول إنّ "المؤشرات الأخيرة تدل على أن منحى التضخّم في تزايد مستمر".
سجّلت الليرة التركية تحسناً، اليوم الخميس، بعدما رفع البنك المركزي معدّل الفائدة إلى 25%، وهي نسبة أعلى بكثير مما كان متوقعاً، في قرار يشكّل نقطة تحوّل في سياسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الاقتصادية غير التقليدية.
وأعقبت زيادة المعدل بـ7.5 نقاط مئوية قراراً سابقاً برفعه بنقطتين مئويتين الشهر الماضي. وكان خبراء الاقتصاد بغالبيتهم توقعوا أن يرفع المصرف المعدل إلى 20 من 17.5%.
وأعلن المركزي التركي أنّ "المؤشرات الأخيرة تدل على أن منحى التضخّم في تزايد مستمر"، مشدّداً على "تعزيز سياسة التشديد النقدي تدريجياً عند الضرورة لغاية تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم".
كما أكد "مواصلته عملية التشديد النقدي من أجل تخفيض التضخم في أقرب وقت ممكن، وتعزيز توقعاته والسيطرة على سلوك التسعير".
بدوره، قال وزير المالية التركي، محمد شيمشك، في منشور على منصة "إكس": "نحن مصمّمون!"، مضيفاً "استقرار الأسعار أهم أولوياتنا".
Kararlıyız!
— Mehmet Simsek (@memetsimsek) August 24, 2023
Fiyat istikrarı en büyük önceliğimiz…
وارتفع سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار بنسبة 6% بعد الظهر، بعدما أيّد إردوغان خطوة رفع الفائدة وأبدى ثقته بفريقه الاقتصادي.
وقال إردوغان في تصريح متلفز: "نحن بصدد اتّخاذ خطوات حازمة لمعالجة المشاكل الناجمة عن التضخم".
من جهته، قال الخبير في مركز "كابيتال إيكونوميكس"، ليام بيتش، إنّ رفع معدّل الفائدة "الأعلى بكثير مما كان متوقعاً" سيسهم في "طمأنة المستثمرين إلى أنّ العودة إلى سياسة اقتصادية تقليدية سلكت مسارها".
تخلٍّ عن الحذر
وبعد فوزه في انتخابات أيار/مايو التي شهدت تنافساً محموماً، عدّل إردوغان نهجه وعيّن خبيراً اقتصادياً سابقاً في بنك "ميريل لينش" الأميركي، محمد شيمشك، وزيراً للمالية والخزانة، والمسؤولة السابقة في "وول ستريت" حفيظة غاية إركان، حاكمةً للبنك المركزي.
وبعدما عزّز حكومته بخبراء اقتصاديين بارزين، أطلق هؤلاء على الفور حملة لمكافحة التضخّم الذي بلغ ذروته في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي مسجلاً نسبة 85% على أساس سنوي، ليعاود مؤخراً ارتفاعه.
وسمح الفريق الاقتصادي بتراجع سعر صرف العملة الوطنية مقابل الدولار في مسعى لتخفيف الأعباء عن خزينة الدولة، كما اتّخذ سلسلة من الخطوات التقنية الرامية إلى موازنة الاقتصاد واستعادة ثقة كل من المستهلكين والمستثمرين الأجانب.
وكان البنك المركزي، أعلن، في نهاية حزيران/يونيو، نواياه رفع معدل الفائدة الرئيسي من 8.5% إلى 15% وذلك في أوّل اجتماع للهيئة المالية برئاسة حفيظة غاية إركان، لكنّ الخطوة لم تُزل مخاوف المستثمرين لأن التحوّل كان أكثر حذراً مما كان يطالب به خبراء كثر ويعوّلون عليه.
"فريق مبهر"
ويعتقد خبراء أن تلك التطوّرات دفعت إركان وشيمشك لانتهاج مقاربة أبطأ في الشهرين الماضيين سعياً لاستعادة ثقة السوق من دون التسبّب بمعاناة كبيرة على المدى القصير.
لكن يبدو أنّ النهج تغيّر في تموز/يوليو مع ارتفاع التضخّم إلى 47.8% بسبب نفقات اجتماعية بمليارات الدولارات شهدتها حملة إردوغان الانتخابية.
ويتوقّع المركزي التركي أن يبلغ معدّل التضخّم 60% بين نيسان/أبريل وحزيران/يونيو من العام المقبل.
لكنّ كبير الخبراء الاقتصاديين في مصرف "أي أن جي" في تركيا، محمد مرجان، حذّر من "فجوة كبيرة لا تزال موجودة بين سعر الفائدة الأساسي والتضخم الحالي والمتوقع".
ويستغرق إبطاء التضخّم من خلال رفع معدّلات الفائدة وقتاً، ومن المتوقّع أن تواصل أسعار السلع الاستهلاكية التركية الارتفاع في الأشهر المقبلة.
بدوره، قال الخبير في شركة "كونوتوكسيا" الاستثمارية، غجيغورج دروجدج: "يمكن أن نتوقّع استمرار الضغوط التضخّمية في الفترات المقبلة مع كبح ضعف الليرة".
ويبدو أنّ إركان ماضية في خططها المستقبلية وقد تعزّز وضعها بعد تعيين 3 خبراء اقتصاديين مرموقين في مناصب عليا في الهيئة الشهر الماضي.
وقال خبير الأسواق الناشئة، تيموثي آش، إنّ هؤلاء المصرفيين "يمنحون حفيظة غاية إركان الدعم لتكون أكثر تشدداً في رفع معدّلات الفائدة"، وأضاف: "لدى المركزي التركي حالياً فريق مبهر حقاً، هناك ضوء في نهاية النفق".