الهيمنة المالية الأميركية تتراجع.. هل تستفيد أوروبا من نزع الدولرة؟
تتعرض الهيمنة المالية الأميركية للتهديد من قبل اتفاقيات الدول الجديدة، لكن الاتحاد الأوروبي قد يستفيد منها، كيف؟
توصّلت البرازيل والصين هذا الأسبوع إلى اتفاق للتجارة باستخدام عملتيهما بدلاً من الدولار الأميركي.
ويفي الصينيون بتعهدهم من شهر شباط/فبراير الماضي، لفتح غرفة مقاصة لتسوية الصفقات المقومة باليوان في البرازيل، بعد أن أعلنوا سابقاً عن مكاتب مقاصة مماثلة في باكستان وكازاخستان ولاوس .
واعتباراً من 2021، تمثل الصين 31.3% من الصادرات البرازيلية و22.8% من وارداتها، وهي النسبة الأكبر من أي دولة أخرى. وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية، حيث تمثل 11.2% فقط من الصادرات البرازيلية، و17.7% من الواردات.
وظلّت الصين أكبر شريك تجاري للبرازيل لمدة أربعة عشر عاماً، وفي مرحلة معينة، كان كلا الطرفين سيثيران مسألة: "لماذا يجب أن تستخدم تجارتهم عملة طرف ثالث".
وفي نفس اليوم الذي تمّ فيه الإعلان عن صفقة التجارة البرازيلية، ضربت قصة رئيسية أخرى أسواق العملات العالمية: قامت الصين بتسوية أول تجارة للغاز الطبيعي المسال باليوان.
وسيكون هذا التطور بمفرده، مهماً وفقاً لموقع "UnHerd"، بما يكفي لتحمل التدقيق بالنظر إلى الوضع الذي تم التباهي به كثيراً للدولار الأميركي كعملة للطاقة - "البترودولار" - لكن القراءة خارج العناوين الرئيسية تكشف عن شيء أكثر إثارة للدهشة.
بدايةً، لم تتم تسوية التجارة مع شركة طاقة في بعض دول الشرق الأوسط البعيدة ، ولكن بدلاً من ذلك مع شركة "TotalEnergies"، الشركة الفرنسية الكبرى، مع عائدات تزيد عن 182 مليار دولار وأكثر من 100.000 موظف.
وتشير صفقة الطاقة هذه، إلى أن "التعامل باليوان" لن يقتصر على الأطراف العالمية. فحتى وقت قريب، كانت الاقتراحات بأن دول "البريكس"، ستتخلص من الدولار وتتحول إلى عملات جديدة تقابل بالسخرية. لكن صفقة التجارة البرازيلية تضع هذه الشكوك بقوة، ويبدو الآن أن اليوان يشق طريقه إلى أوروبا.
السؤال الذي يتبع هذا منطقياً هو، من المستفيد؟ من الواضح أن التعامل باليوان يضع الريح في أشرعة الصينيين. ومن الواضح أن هدفهم هو إنشاء نظام تجاري عالمي بديل، لمنافسة النموذج الذي تقوده الولايات المتحدة. ومن المرجح أيضاً أن تكون البلدان التي تقفز على متن عربة "بريكس+" من المستفيدين.
في الضفة الأخرى، الخاسر الأكثر وضوحاً هو الولايات المتحدة، إذ لطالما اعتمدت واشنطن على الوضع المهيمن لعملتها في كل من قدرتها على الاستهلاك، أكثر مما تنتجه وفي عرض قوتها الناعمة.
واليوم، وفق الموقع، تتفكك الإستراتيجية الجيوسياسية الأميركية، التي تتمحور إلى حد كبير حول فرض أنظمة العقوبات، إذا كانت هناك بدائل ذات مصداقية. والوضع في أوروبا أقل وضوحاً.
لطالما كان الأوروبيون غير راضين عن لعب دور ثانوي للأميركيين، في العلاقات الاقتصادية العالمية. وتشير زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى بكين، إلى أن أوروبا، يمكن أن تحاول وضع نفسها بين أميركا في الغرب، والصين في الشرق، وهي حيلة قد تكون مفيدة للاستفادة من التطورات في كلا الاقتصادين الكبيرين.
من ناحية أخرى، فإن بريطانيا في موقف ضعيف بشكل غير عادي. فمنذ الثمانينيات، انخفض التصنيع البريطاني بشكل كبير، وأصبحت مستويات المعيشة البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على قطاع الخدمات المالية المتركز في مدينة لندن.
في الواقع، لندن هي مركز متقدم للقوة المالية الأميركية، ما يعني أن إزالة الدولار ستجعل المدينة، أقل أهمية على المسرح العالمي، وقد تؤدي العملية إلى رد فعل أميركي على خدماتهم المالية الداخلية، وبالتالي توجيه ضربة عقابية لبريطانيا.