الديون تثقل فرنسا.. هل تتجه إلى أزمة على غرار الأزمة اليونانية؟

الصحافي الفرنسي جون ليتشفيلد يعلّق على مسألة تخفيض وكالة "فيتش" الدولية التصنيف الائتماني لفرنسا، ويتحدّث عن ما إذا كانت الديون الفرنسية ستؤدي إلى أزمة على غرار الأزمة اليونانية.

  • تقرير: الديون الفرنسية تصاعدت بشكل مخيف في السنوات 15 الماضية
    تقرير: الديون الفرنسية تصاعدت بشكل مخيف في السنوات الـ 15 الماضية

علّق الصحافي الفرنسي جون ليتشفيلد على مسألة تخفيض وكالة "فيتش" الدولية، التصنيف الائتماني لفرنسا، وتحدّث عن مستقبل البلاد المالي في تقرير بعنوان: "هل ستؤدي الديون الفرنسية إلى أزمة على غرار الأزمة اليونانية؟". 

وقال ليتشفيلد في تقريره إنّ وكالات التصنيف "تذكر ما هو واضح، ووكالة "فيتش"، منزعجة من حقيقة أنّ فرنسا مديونة بـ 3000 مليار يورو".

ويعقب: "لكن، ألم نعرف ذلك بالفعل؟ أليس هذا أحد الأسباب التي جعلت الرئيس إيمانويل ماكرون يريد من الفرنسيين التقاعد لاحقاً، والتوقف عن تراكم العجز في نظام التقاعد الحكومي؟ أليس هذا هو السبب في أنّ ماكرون أصبح أقل رئيس فرنسي شعبية"؟ 

كما لفت ليتشفيلد إلى أنّ الديون الفرنسية تصاعدت بشكل مخيف في السنوات الـ 15 الماضية، لذلك رأت وكالة "فيتش" أنّه "ربما حان الوقت لتوجيه تحذير عام للبلد، وليس الحكومة فقط، خاصةً أن آخر مرة قامت فيها فرنسا بموازنة ميزانية الدولة كانت في عام 1975".

وأضاف ليتشفيلد أنّ الوكالة خفّضت درجتها لديون الدولة الفرنسية بدرجة واحدة من (AA) إلى (AA-). وقدمت الوكالة عدة أسباب بينها حقيقة أنّ تعديل نظام التقاعد ولّد احتجاجات كبيرة في الشوارع، وعنيفة في بعض الأحيان.

كذلك، ألقت "فيتش" بظلال من الشك على ما إذا كان ماكرون والحكومة، سيقدران على تنفيذ الإصلاحات، مشيرةً إلى أنّ الحكومة ستضطر إلى إنفاق الكثير من الأموال التي يقترضها الناس لإرضائهم في السنوات الأربع المقبلة.

وأشار الصحافي الفرنسي إلى أنّ "المسؤولين الحكوميين منزعجون، إذ سيشجع تخفيض الديون الفرنسية المقرضين الدوليين على زيادة الفائدة على القروض الفرنسية الجديدة لمدة 10 سنوات".

وتابع أنّه "طُلب من جميع الوزارات تحديد تخفيضات بنسبة 5% في ميزانياتها، والهدف من ذلك هو محاولة الحفاظ على الإنفاق الإجمالي إلى 0.8% دون معدل التضخم".

وأضاف: "بعبارة أخرى، تأمل الحكومة أن يخفي ارتفاع الأسعار بعض آلام السنوات الأربع، من التقشف".

وتساءل ليتشفيلد ما إذا كانت فرنسا تسير في طريق اليونان، مجيباً: "ليس بعد، وربما تكون "فيتش" قد بدأت عملية تضع فيها العجز والديون في قلب الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2027".

لكن، إذا بقي 70% من البلاد "في وضعية النعيم"، فقد تصبح باريس "أثينا الشمال" في العقد المقبل، بحسب ليتشفيلد. 

يُشار إلى أنّ أزمة الدين الحكومي اليوناني هي أزمة مالية عصفت بالاقتصاد اليوناني في نيسان/أبريل من عام 2010، حينما طلبت الحكومة اليونانية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تفعيل خطة إنقاذ، تتضمن قروضاً لمساعدة اليونان على تجنب خطر الإفلاس والتخلف عن السداد.

وكانت معدلات الفائدة على السندات اليونانية قد ارتفعت إلى معدلات عالية نتيجة مخاوف بين المستثمرين من عدم قدرة اليونان على الوفاء بديونها، لا سيما مع ارتفاع معدل عجز الموازنة وتصاعد حجم الدين العام.

وفي نيسان/أبريل الفائت، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، درجة فرنسا، مشيرةً إلى التوتر الاجتماعي الشديد حول تعديل نظام التقاعد، في ما يبدو على أنه تحذير. 

وكتبت الوكالة في بيان أعلنت فيه خفض تصنيف فرنسا درجة واحدة "إيه إيه سلبي" -AA (مقابل إيه إيه سابقاً) أنّ "الجمود السياسي والحركات الاجتماعية (العنيفة أحياناً) يشكلان خطراً على برنامج (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون للإصلاح".

وفي وقتٍ سابق، تبنّت الحكومة الفرنسية، بشكلٍ نهائي، مشروعها لتعديل نظام التقاعد الذي ينص على رفع السن القانونية من 62 إلى 64 عاماً. واستناداً إلى المادة 49-3 من الدستور، تم تبنّي النص من دون تصويت في البرلمان.

وأدى هذا القرار إلى تصاعد الاحتجاجات، وأيام من التظاهرات العنيفة في جميع أنحاء البلاد.

وقالت وكالة "فيتش"، التي ربطت تصنيفها السابق بآفاق سلبية، إنّ "هذا القرار أثار احتجاجات وإضرابات في جميع أنحاء البلاد ومن المرجح أن يعزز القوى الراديكالية والمناهضة للمؤسسة".

وأضافت أنّ المأزق الحالي يمكن أن "يؤدي إلى ضغوط من أجل سياسة مالية أكثر توسّعاً أو إطاحة إصلاحات سابقة".

اخترنا لك