الحكومة المصرية تسابق الزمن لجلب الدولار وخفض الأسعار
في ظل أزمات اقتصادية تعانيها مصر، الحكومة المصرية تنطلق بنشاط ملحوظ في الملف الاقتصادي، يحمل عنوان جذب الاستثمارات الأجنبية والسعي لدعم الصناعة والتوسّع المالي.
انطلق نشاط ملحوظ للحكومة المصرية في شهر آب/أغسطس، في الملف الاقتصادي، يحمل عنوان جذب الاستثمارات الأجنبية والسعي لدعم الصناعة والتوسّع المالي. مع موجة تضخّم شغلت الرأي العام، وعدّة أزمات يشكّلها شحّ النقد الأجنبي، وعلاقته بالأسعار والواردات ومدخلات الصناعات القائمة، واستحقاق سداد الدين الخارجي.
شهد أول أسبوع زيارة وزير التجارة والصناعة، المهندس أحمد سمير، الرسمية إلى أنقرة، برفقة مسئولين، منهم رئيس جهاز التمثيل التجاري بالوزارة، يحيى الواثق بالله، ومحمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات المصرية، ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة السويدي للصناعات.
شملت الزيارة لقاءات مع مسئولين بشركات ومؤسسات تركية، تستهدف التوسّع في السوق المصري أو دخوله. على رأسها شركتيّ "فيستل" و"زورلا"، لمناقشة خطتهما لإنشاء مصنع للأجهزة المنزلية، باستثمارات نحو 70 مليون دولار في المرحلة الأولى، وبنك "زراعات" التركي، لبحث مقوّمات وفرص ضخ استثمارات جديدة، وهو، وفق قول الوزير، أكبر بنك حكومي فى تركيا برأسمال يبلغ 125 مليار دولار، ويدرس إنشاء مكتب تمثيل فى مصر تمهيدًا لإنشاء فرع، بعد الاتفاق مع البنك المركزي المصري، حرصاً على الإفادة من التبادل التجارى الكبير بين البلدين، الذي تجاوز 10 مليار دولار العام الماضي في المنتجات السلعية والبترولية.
والتقى الوزير ممثّلي مجموعة "كاي أو سي" القابضة، التي قال الوزير إنها تريد التوسّع بإنشاء مصنعين، لمدخلات السيارات والمستحضرات الطبية، والتعاون مع الهيئة الاقتصادية لقناة السويس في مجاليّ الطاقة الجديدة ومارينا اليخوت، ومع الهيئة العربية للتصنيع. ما يسهم، وفق قوله، في توفير احتياجات السوق المحلى والتصدير، وفرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
من جهة أخرى ترأس مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، النسخة الرابعة من "المائدة المستديرة حول صناعة الهيدروجين الأخضر"، بمدينة العلمين الجديدة. بحضور "هايكه هارمجارت"، المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وممثلين لشركات عاملة بمجال الهيدروجين الأخضر، ووزراء الكهرباء والبترول والتخطيط، ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي.
خلال الفاعلية قال مدبولي إن أكثر من 20 مذكرة تفاهم وُقّعت، مع كبريات الشركات المطورة للهيدروجين الأخضر، وطُورت 10 شراكات إلى مستوى الاتفاقيات الإطارية، لتنفيذ استثمارات بنحو 83 مليار دولار، لإنتاج 15 مليون طن سنويًا من الأمونيا الخضراء والميثان الاخضر. وأشار رئيس هيئة منطقة القناة أن إعلان بدء تزويد السفن بالميثانول الأخضر في ميناء شرق بورسعيد قريبًا، في أول تجربة لاستخدام الوقود الأخضر، يعكس البنية المُعدّة في المنطقة الاقتصادية لتؤهل مصر للمنافسة، لتصبح المنطقة أحد أهم مراكز الطاقة الخضراء إقليمياً ودولياً.
انتهى الأسبوع الأول باجتماع متابعة مؤشرات الاقتصاد، الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بوزراء التخطيط والتعاون الدولي والمالية، ومحافظ البنك المركزي. ووجّه فيه بتحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد، وجذب الاستثمارات و"استيعاب" التضخم، واستمرار الإصلاحات الهيكلية وتعظيم دور القطاع الخاص، ودفع التعاون مع مختلف مؤسسات التمويل الدولية.
مطلع الأسبوع الثاني، وقّع بنك تنمية الصادرات بروتوكول تعاون، مع مركز تحديث الصناعة، الذراع التطويري لوزارة التجارة والصناعة، المنشأ بقرار جمهوري عام 2000 (بتمويل مشترك بين الاتحاد الأوروبي والحكومة والقطاع الخاص المصري)، لتوسيع برامج التمويل خدمة للقطاع الصناعي المصدِّر، ودعم المصدريين وعملية التصدير وفق "برنامج تنمية التكتلات الصناعية"، المختصّ بالصناعات الواعدة ذات الميزة التنافسية. واحد من أربعة برامج رئيسية، تنفذّها خطة التنمية للسنة المالية 2023/2024، باستثمارات نحو 3.3 مليار دولار لقطاع الصناعة التحويلية - البترولية وغيرها -، بزيادة نحو 20% عن العام الماضي، تستهدف توليد ناتج صناعي قيمته نحو 3.3 مليار دولار في عام الخطة، بمعدل نمو 21% عن العام الماضي.
بنفس الأسبوع اجتمع مجلس الوزراء بعدد من المؤسسات الحكومية المسئولة عن قطاع العقارات، والبنك المركزي والوزارات ذات الصلة. وناقشوا إنشاء صندوق عقاري، من أصول إدارية وتجارية مدرّة للدخل، وتداول العقارات في البورصة المصرية، وتمكين المستثمرين والشركات العقارية من تداول حصص الأصول العقارية والاستثمار فيها، بشكل مكمّل للأسواق العقارية التقليدية، وتوفير فرص التداول اللحظي والاستثمار الأكثر سيولة في قطاع العقارات. وفق بيان المجلس.
وقال المتحدّث باسم المجلس إن الاجتماع ناقش إجراءات اللجنة المشكّلة، لدراسة آليات "تصدير العقار" لتوفير النقد الأجنبي، والمقترحات التشريعية بهذا الشأن، ومنها مشروعات قوانين ستُقترح على مجلس الوزراء قريباً لتيسير تملّك الأجانب للعقارات. وأضاف أن رئيس الوزراء أكّد ضرورة إعداد حملة ترويجية لزيادة تصدير العقار، مع المحفّزات والتسهيلات التي وضعتها الدولة لحصول الأجانب عليه، ومنها الحصول على الجنسية والإقامة. وأن الاجتماع ناقش عقد لقاءات مع خبراء مصريين بالخارج في الاستثمار العقاري، لتبادل الرؤى عن الملفّ.
في قطاع الطاقة، أعلن وزير البترول والثروة المعدنية، المهندس طارق الملا، أن "إيني" الإيطالية قدّمت مقترحاً بمشروع لتوليد وقود الغاز الحيوي، "البيوغاز"، من المخلفات الحيوانية والزراعية بمحافظة بورسعيد. وأكّد أهمية إعداد دراسات جدوى دقيقة، والتأكد من كافة الجوانب الفنية ومراجعة مدخلات ومخرجات التنفيذ مع الجهات ذات الخبرة. وقالت وزيرة البيئة، ياسمين فؤاد، إنه يوفّر منظومة إدارة آمنة لنحو 140 طن مخلفات زراعية وحيوانية بمنطقة إقامته، جنوبي المحافظة. اختُتم الاجتماع بإطلاق المراجعات اللازمة للمقترح، جهة إمكانية تنفيذه وجدواه. وكُلّف فريق عمل من قطاع البترول والغاز ومحافظة بورسعيد لدراسة مقوّمات المشروع.
غير بعيد عن تدبير النقد الأجنبي لشراء مدخلات الصناعة. عقد رئيس الوزراء اجتماعاً، منذ أيام، بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، لمتابعة عمل شركة الشرقية "إيسترن كومباني"، المستحوذة على 75% من حجم سوق السجائر في مصر. مع أزمة ندرة يشهدها مؤخراً، بدأت منذ نحو شهر، وتصاعدت مع ارتفاع غير مسبوق للسعر، وسط إلقاء شعبة الدخان والسجائر بالغرفة التجارية المسؤولية على الحكومة مراراً، لتجاهلها فرض السعر الرسمي.
حضر الاجتماع وزير قطاع الأعمال العام، ووزير المالية ونائبه للسياسات، بالفيديو كونفرانس. وتناوَل توفير المواد الخام لتصنيع مختلف منتجات الشركة، خاصةً السجائر، وزيادة أوامر التوريد للمواد الخام، ما يرفع الإنتاج اليومي لإتاحة معروض أكبر، سعيًا لاستقرار السوق وضبط الأسعار.
تمتلك الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، التابعة لقطاع الأعمال العام وتدير 16 شركة تابعة، 50.5% من أسهم الشرقية، ويمتلك القطاع الخاص 43.5%، مقابل 5% لاتحاد العاملين المساهمين، و1% للعمال.