الألمان يلجؤون إلى الفحم لتعويض النقص في الغاز
التخوف من النقص الكبير في إمدادات الغاز ومن شتاء صعب يدفع المواطنين الألمانيين للتهافت على شراء الفحم.
دفع الخوف من نقص كبير في الغاز، في أعقاب الحرب في أوكرانيا، سكان العاصمة الألمانية إلى شراء الفحم الذي صار سلعة نادرة على الرغم من الأضرار التي يمكن أن تسببها وسيلة التدفئة الملوثة هذه للبيئة.
"لم نر من قبل مثل هذا الاندفاع في الصيف.. الجميع يريدون شراء الفحم"، بهذه الكلمات يشرح التاجر فريتهوف إنغلكه الموقف. ولهذا، اضطر الرجل، البالغ من العمر 46 عاماً والذي يدير شركة "هانس إنغلكه إنرجي" العائلية التي أنشئت قبل قرن، إلى تأجيل إجازته.
ويتعين على الشركة استلام الطلبات وترتيب عمليات التسليم بالشاحنات، وإعداد البضاعة لأولئك الذين يأتون مباشرة لشراء الوقود من المستودعات، مشيرةً إلى امتلاء جداول التسليم حتى تشرين الأول/أكتوبر.
وفي برلين، ما زال 5 إلى 6 آلاف منزل يعتمد على الفحم للتدفئة، وهو عدد صغير جداً من نحو 1.9 مليون منزل في المدينة.
وسكان هذه المنازل هم غالباً من كبار السن، ويعتمد بعضهم تماماً على هذا الوقود، ويعيشون في مساكن قديمة لم يتم تجديدها مطلقاً، أو أنهم يحبذون الحرارة الشديدة المنبعثة من المواقد القديمة.
ولكن هذا العام، قصد الشركة عملاء جدد بأعداد كبيرة، كما يؤكد إنغلكه الذي قامت شركته الصغيرة بتنويع منتجاتها وصارت تبيع كريات الخشب وزيت الوقود.
ويسعى الزبائن مع زيادة سعر الغاز، المتوقع أن يرتفع أكثر اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر عندما سيكون بإمكان الشركات تحميل المستهلك الزيادة في أسعار الكهرباء، إلى تأمين احتياجاتهم، قائلين إنّ "مع ارتفاع سعر الغاز بنحو 30%، صار الفحم أقل كلفة وهو أرخص حتى من الخشب الذي تضاعف سعره".
وهكذا، يشهد السوق عودة إلى الوقود الأسود، بعد أن قررت الحكومة الألمانية زيادة استخدام الفحم في محطات الطاقة لتوفير احتياجات صناعتها الهائلة من الكهرباء.
يأتي ذلك في ظل تأكيد الحكومة عدم العودة عن هدفها بالتخلي عن هذه الطاقة الملوثة في العام 2030، واستبعادها العودة إلى الوقود الأحفوري لا سيما الفحم على نطاق واسع، كما أعلن المستشار أولاف شولتس مؤخراً.
ومع ارتفاع الطلب جراء ظهور مستهلكين جدد، يعجز الانتاج عن المواكبة. ولم يعد لدى العديد من تجار الفحم الصغار في العاصمة أي شيء لبيعه.
وأفاد المتحدث باسم شركة "لياغ" (LEAG) تورالف شيرمر لوكالة "فرانس برس" بأنّ "الإنتاج قفز بنسبة 40% منذ كانون الثاني/يناير، لكن الطلب قوي في كل مكان، ومن المتوقع أن يستمر الضغط على الأقل حتى الشتاء، خصوصاً أنّ المصنع الآخر الذي يزود السوق في ألمانيا ويقع في حوض الراين، سيتوقف عن الإنتاج في نهاية العام، وهذا سيقلل العرض".
يذكر أنّ فاتورة الغاز السنوية للأفراد سترتفع بنحو 600 يورو في ألمانيا، للسماح للمستوردين بالتعويض عن زيادة الأسعار إثر تراجع الشحنات الروسية، فيما وعدت الحكومة بتخفيف الصدمة المالية على الأسر الأكثر فقراً.