استطلاع أميركي: الروس أكثر رضاً عن قيادتهم.. ومتفائلون بشأن اقتصادهم
مواطنو روسيا يؤكدون أنّ الظروف الاقتصادية تتحسّن، والأغلبية في كل المناطق تقول إنها راضية عن مستوى معيشتها، بحسب استطلاع أجراه مركز "غالوب" الأميركي.
أظهر استطلاع لمركز "غالوب" الأميركي أنّ العقوبات الغربية والأميركية على روسيا، خلال العام الفائت، فشلت في إفساد نظرة الروس إلى اقتصاد بلادهم.
وبحسب الاستطلاع، وجد الروس أنّ الظروف الاقتصادية تتحسن أكثر مما وجدوا أنها تزداد سوءاً، وقالت الأغلبية في جميع المناطق إنها راضية عن مستوى معيشتها، بينما شهدت المناطق الأقرب إلى الصراع تحسناً كبيراً في التصورات بشأن الوضع الاقتصادي.
وقال الباحث في المركز في واشنطن، بينيديكت فيجرز، إنه "حتى عندما فرض الغرب عقوبات اقتصادية على موسكو، العام الماضي، ظلّ الروس متفائلين أكثر من أي وقت مضى بشأن ظروفهم الاقتصادية المحلية"، إذ رأى 44٪ ممن شملهم الاستطلاع، بين آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، أنّ "ظروفهم الاقتصادية المحلية تتحسن"، بينما رأى 29٪ أنها "تزداد سوءاً".
ووصف فيجرز التوقعات الاقتصادية للروس بأنها "مذهلة، بالنظر إلى أحداث عام 2022 وعدم اليقين الاقتصادي الذي رافقها"، إذ سبق أن توقع كلّ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حدوث انخفاضات تتراوح بين 2% و 4% في الناتج المحلي الإجمالي الروسي، في عام 2022.
ومع ذلك، لم يُترجم هذا إلى تصورات اقتصادية أسوأ على المستوى المحلي. وبدلاً من ذلك، تحسّنت بنسبة 4 نقاط مئوية بين عامي 2021 و2022.
وفي عام 2023، توقع صندوق النقد الدولي نمواً بسيطاً بنسبة 0.3% في الاقتصاد الروسي، على الرغم من العقوبات الغربية بعيدة المدى.
ما سبب إيجابية التصورات الاقتصادية للروس؟
يوجد تفسيران محتملان لنظرة الروس المرنة، كما يقول فيجرز. الأول هو أنّ "العقوبات قد لا تكون أضرّت بالاقتصاد الروسي بقدر ما كان الغرب وحلفاؤه يأملون في البداية، إذ أدى وضع روسيا، كمصدّر رئيس للسلع، دوراً مهماً في هذا الصدد".
ولفت إلى إنّ "اقتصادات الدول الكبيرة الأخرى، مثل الهند والصين، لم ترفع مشترياتها من النفط الروسي فحسب، بل إنها تسدّد مدفوعاتها بالعملات المحلية أيضاً"، مؤكداً أنّ "هذا الأمر يُعَدّ بمثابة وسيلة للالتفاف على إزالة البنوك الروسية من نظام التمويل الدولي سويفت".
وأشار فيجرز إلى أنّ "جزءاً كبيراً من أوروبا، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، لا يزال يعتمد بشدّة على صادرات الغاز الروسية، بحيث لا تزال الأسعار مرتفعة، الأمر الذي يجعل من الصعب خفض الاستهلاك بطريقة أكثر جدوى".
ويعمل عدد من جيران روسيا الآخرين، مثل تركيا وبيلاروسيا وكازاخستان، على زيادة التجارة مع روسيا بشأن المنتوجات التي تستهدفها بشدة العقوبات الغربية.
باختصار، تمكّنت روسيا من إعادة التكيف مع العقوبات والتجارة بصورة أكثر فعالية مع أجزاء أخرى من العالم.
وساهم ذلك في ظهور نظرة متفائلة إلى حدّ ما في معظم أنحاء البلاد، إذ إنه، لأول مرة على الإطلاق، أصبحت أغلبية الناس في كل مناطق روسيا، راضية الآن عن مستوى معيشتها، وفق المركز الأميركي.
وتشير التقارير الأخيرة أيضاً، بحسب فيجرز، إلى أنّ "الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يضغط على بنك روسيا لنشر رسائل اقتصادية أكثر إيجابية، ولإرسال إشارة إلى أنه يسير في الطريق الصحيح فيما يتعلق بالأعوام المقبلة".
الالتفاف حول "العلَم" الروسي
ويؤكد فيجرز أنّ السبب الثاني للتصورات الاقتصادية الجيدة هو تأثير "التجمع حول العلم"، إذ لاحظ عدد من الأكاديميين كيف يمكن أن تتحسن شعبية القائد المحلية في مواجهة تهديد خارجي، مثل الصراع الدولي، أو جائحة عالمية.
ويظهر "تأثير التجمع"، بصورة خاصة، جنوبي روسيا وشمالي القوقاز، فلقد شهدت هاتان المنطقتان - وكلتاهما قريبة من القتال على طول الحدود الشرقية لأوكرانيا - بعض الزيادات السريعة في الرضا عن مستويات المعيشة والتصورات الاقتصادية منذ الحرب، بحسب المركز.
ويقول فيجرز إنّ "روسيا تمكّنت من عزل نفسها واستيعاب بعض الآثار السلبية للعقوبات واسعة النطاق، والتي أصابت الاقتصاد الروسي".
وبحسب مركز "غالوب"، تبقى الأسئلة مطروحة بشأن المدى الذي سيستمر عليه هذا الوضع، إذ لا تُظهر الحرب في أوكرانيا أيّ بوادر للتراجع في أي وقت قريب. وعلى المدى الطويل، قد تستمر العقوبات المكثفة في محاولات تقويض الاقتصاد الروسي.