أزمة غذاء عالمية تلوح.. ومنظمات تحذّر: الدول الفقيرة قد تواجه خطر المجاعة

خبراء اقتصاديون ومنظمات دولية يدقون ناقوس الخطر، ويحذّرون من أزمة غذائية عالمية بدأت ملامحها تظهر في ارتفاع أسعار القمح والحبوب والأسمدة.

  • منظمات عالمية: توقيف تصدير القمح والمنتجات الغذائية ستؤدي إلى عواقب خطيرة على الدول الفقيرة
    منظمات عالمية: توقيف تصدير القمح والمنتجات الغذائية ستؤدي إلى عواقب خطيرة على الدول الفقيرة

تصاعدت أزمة الغذاء العالمية بعد فرض بعض الدول الكبرى والمنتجة قيوداً على تصدير المواد الغذائية، في سعي منها إلى إبقاء إمداداتها الحيوية داخل حدودها، تحسباً من تواصل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لمدة أطول.

وانعكست الأزمة على أسعار المواد الغذائية في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بسبب توقف أكثر من 25% من صادرات العالم من المواد الأساسية. 

وحذّر خبراء اقتصاديون من أن تؤدي إجراءات الدول المنتجة للغذاء بوقف التصدير إلى عواقب اقتصادية كبيرة، تنذر بأزمة عالمية تصل إلى العديد من البلدان، مع ارتفاع أسعار القمح نحو 10-20 بالمئة.

روسيا وأوكرانيا أكبر مصدرين للقمح عالمياً

تشير إحصاءات برنامج الغذاء العالمي إلى أنّ ما يقارب 32% من قمح العالم يتمّ إنتاجه في روسيا وأكرانيا، إضافة إلى كمية كبيرة من الذرة و80% من زيت دوار الشمس. كما يوفر البلدان 19% من الإمدادات العالمية من الشعير و4% من الذرة.

ووفق شركة SPGLOBAL التجارية الأميركية، احتلت روسيا المرتبة الأولى بين الدول المصدرة للقمح في العالم عام 2021، بـ 37.3 مليون طن، فيما احتلت أوكرانيا المركز الخامس. 

وصدّرت روسيا وأوكرانيا 86 بالمئة من إنتاجهما من القمح عام  2020، وفق الأمم المتحدة.

أكبر الدول المنتجة للقمح عالمياً 

أنتجت بلدان الاتحاد الأوروبي مجتمعة نحو 127 مليون طن متري في موسم عام 2020- 2021، وفقاً لبيانات موقع "ستاتيستا" الإحصائي.

ويختلف الترتيب عند النظر إلى أكبر الدول المصدرة مع الأخذ في الاعتبار أنّ بعض البلدان تستهلك الكثير - أو كل - من إنتاجها المحلي.

  • أكبر الدول المنتجة للقمح عالمياً
    أكبر الدول المنتجة للقمح عالمياً

وتوفر أكبر خمس دول مصدرة للقمح (روسيا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأوكرانيا) أكثر من ثلاثة أخماس (63.8% تقريباً) من إجمالي القيمة الإجمالية من صادرات القمح، وفق الجدول التقريبي:

  • أكبر الدول المصدر للقمح عالمياً
    أكبر الدول المصدر للقمح عالمياً

ارتفاع أسعار الحبوب 

بلغت أسعار القمح الروسي أعلى مستوياتها حالياً منذ العام 2008، في حين قفزت أسعار حبوب الذرة إلى أعلى مستوى في 8 أشهر.

وارتفعت أسعار القمح المعياري في بورصة شيكاغو، والتي تُعد مقياساً دولياً، إلى 13.40 دولار للبوشل (وحدة قياس أميركية وبريطانية للمواد الجافة)، وبلغت الأسعار في بورصة باريس 406 يورو للطن، وكلاهما مستوى قياسي.

وقال محللون إنّ روسيا بدأت تستأنف تدريجياً تصدير القمح من موانئها على البحر الأسود، يوم الاثنين الماضي، على الرغم من أنّ حركة الملاحة في بحر آزوف ما زالت خاضعة لقيود.

وذكرت شركة "إيكار" للاستشارات الزراعية أنّ الصادرات مستمرة من جميع موانىء تصدير الحبوب الخمس على البحر الأسود.

وقالت الشركة إنّ "أسعار القمح الروسي لا تزال متقلبة جداً"، مضيفةً أنّ "سعر القمح الذي يبلغ محتوى البروتين فيه 12.5% يتمّ تسليمه على ظهر السفينة (فوب) بلغ سعره 415 دولاراً للطن الواحد من موانئ البحر الأسود حتى 11 آذار/مارس".

كما اجتاحت الاضطرابات الأرز، حيث اقتربت العقود الآجلة في شيكاغو من أعلى مستوياتها منذ أيار/مايو 2020، فيما ارتفعت العقود الآجلة للذرة 17 بالمئة، وتتجه لتحقيق أكبر مكاسب أسبوعية منذ 2008. 

وصعدت عقود فول الصويا لشهر أيار/مايو المقبل 4.2% إلى 17.41 دولاراً للبوشل، مسجلة ارتفاعاً.

وأعلنت الحكومة الأرجنتينية، التي تعتبر أحد أكبر مصدري القمح في العالم أيضاً، أنها ستمتلك آلية قائمة حتى أوائل عام 2024 لضمان الإمدادات للمطاحن، والحفاظ على أسعار منخفضة للسلع الأساسية في سوقها المحلية. 

أما الصين، أكبر مستورد للذرة وفول الصويا في العالم، وأحد أكبر مشتري القمح، فقد حجزت حوالى 20 شحنة من فول الصويا الأميركي، ونحو 10 شحنات من الذرة، لتأمين الإمدادات في وقت ارتفاع الأسعار. 

وتتجه الأسعار إلى تحقيق مكاسب أسبوعية قياسية بنحو 40 بالمئة، تصاعدياً، بعد أن أغلقت الحرب الموانئ الرئيسة في أوكرانيا، وقطعت الروابط اللوجيستية والنقل.

وتهدد المعارك إذا ما استمرت بعدم زراعة المحاصيل في الأشهر المقبلة، وتضاؤل التجارة مع روسيا، نتيجة العقوبات الصارمة المفروضة عليها، وارتفاع تكاليف التأمين والشحن. 

ارتفاع أسعار الأسمدة يهدد بزيادرة تكلفة الأغذية

وقبل عامين، أدّت جائحة "كوفيد-19" إلى عرقلة إمدادات الأسمدة، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الذي يشكل عنصراً مهماً في عملية الإنتاج، بالإضافة لعوامل أخرى أدّت إلى ارتفاع هائل بأسعار الأسمدة الزراعية، زادتها الأزمة الروسية الأوكرانية أخيراً.

وتعدّ روسيا من أكبر المصدّرين لعدد من أنواع الأسمدة منخفضة التكلفة،  فيما تنتج بيلاروسيا نحو 20 بالمائة من الإنتاج العالمي من "البوتاس".

وقال ألكسيس ماكسويل، المحلل لدى "غرين ماركتس" المتخصصة بالتحاليل والأخبار حول الأسمدة، إنّه "لا توجد أي دولة أخرى لديها القدر نفسه من الأسمدة الجاهزة للتصدير"، مضيفاً: "الأسمدة الروسية تنتشر في كلِّ القارات".

وتلعب الأسمدة دوراً بالغ الأهمية في تمكين الإنتاج الغذائي من مواكبة النمو السكاني العالمي، ويُعزى بشكل كبير لاكتشاف الأمونيا الصناعية قبل قرن من الزمن.

وفي حال تعرقلت تجارة الأسمدة الدولية حالياً، فإنّ ذلك سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة على المزارعين حول العالم، مما سيقود بدوره إلى المزيد من التضخم في أسعار الغذاء، وفقاً للبيانات الصادرة عن المركز الدولي لتطوير الأسمدة، نظراً إلى أنّ ارتفاع أسعار الأسمدة قد يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها في أفريقيا 30 بالمئة مثلاً، وخسارة في إنتاج الغذاء قد تعادل احتياجات 100 مليون شخص.

"الفاو": ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى سوء التغذية في الدول الفقيرة

ورأت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" (FAO) أنّ الأسعار العالمية للأغذية والأعلاف قد ترتفع بنسبة 8 و20 بالمئة نتيجة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الأشخاص الذين سيعانون من سوء التغذية في شتى أنحاء العالم.

وحثّت "الفاو" الدول الأخرى على عدم فرض قيود على تصدير منتجاتها لمنع تفاقم تقلب الأسعار، والحدّ من قدرة السوق العالمية والتي لها آثار سلبية على المدى المتوسط.

بدروها، حذّرت منظمات المعونة الغذائية من أنّ الارتفاع في أسعار الحبوب سيؤدي إلى ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية، الذي بلغ بالفعل أعلى مستوياته في سبع سنوات عند 7.8 بالمئة، خلال كانون الثاني/يناير الماضي، وسيكون له التأثير الأكبر على الأمن الغذائي للدول الفقيرة المستوردة الحبوب.

وحذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث من أنْ تعطل الحرب الدائرة حالياً بين روسيا وأوكرانيا إمدادات القمح للعالم العربي خصوصاً، الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات لتوفير غذائه، وتفاقم أزماته وعدم استقراره.

ففي لبنان، أدّى انهيار النظام المصرفي إلى إفقار 80% من السكان، وانفجار مرفأ بيروت إلى تدمير إهراءات القمح، حيث يستورد ما بين 600 و650 ألف طن سنوياً، أي 80 بالمئة من قمح أوكرانيا. 

كما يعتمد كل من المغرب، وتونس والجزائر والجزائر، والسودان، على القمح الروسي والأوكراني، فيما تستحوذ مصر على حصة الأسد من القمح الروسي بقيمة بلغت 2.5 مليار دولار.

كما تزود روسيا جارتها تركيا المطلة على البحر الأسود بأكثر من 60 بالمئة من وارداتها من القمح.

أما بالنسبة للدول التي تأتي في صدارة الاستيراد للقمح فهي: مصر 12.1 مليون طن، إندونيسيا 10.4 مليون طن، تركيا 8.1 مليون طن، الجزائر 7.7 مليون طن، بنغلاديش 7.2 مليون طن، نيجيريا 6.6 مليون طن، البرازيل 6.4 مليون طن، الفلبين 6.1 مليون طن، اليابان 5.5 مليون طن، المكسيك 4.7 مليون طن. 

وعلى المستوى الجماعي، يعد الاتحاد الأوروبي أيضاً بين أكبر المستوردين، حيث اشترى من الخارج 5.4 مليون طن متري في موسم 2020- 2021. 

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.

اخترنا لك