مستضيفة "خليجي 25".. البصرة وأهميتها في اقتصاد العراق
في الوقت الذي تشهد فيه "عاصمة العراق الاقتصادية" البصرة، أهم حدث رياضي في منطقة الخليج، ما أهمية هذه المنطقة بالنسبة للعراق؟
يشهد العراق في هذه الأيام حدثاً رياضياً اسثنائياً، فبعد 44 عاماً على الاستضافة الأولى، انطلقت في مدينة البصرة التي يقال عنها "ثغر العراق الباسم" النسخة 25 من كأس الخليج.
هذا الخبر العام، لكن ما بين سطوره، يفوق حتماً هذا الحدث الرياضي، فقد تحمل هذه النسخة أحداثاً اقتصادية مهمة ستعود بالفائدة على العراق، وخير دليل على ذلك ما قاله رئيس الوزراء العراقي، محمد السوداني إنّ "خليجي 25" هو فرصة يمكن أن تساعد في تعزيز العلاقات بين العراق وبقية دول الخليج، وقد تكون علامة على التعافي من السنوات العجاف والاضطرابات السياسية".
هذا النجاح في البطولة (تنظيمياً) في ظل الاستقرار الأمني سيتيح للعراق توطيد علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال استثمارات اقتصادية تفتح أبواب العراق مجدداً أمام جيرانه الخليجيين وحتى من خارج الخليج.
ما أهمية البصرة اقتصادياً؟
تعتبر هذه المحافظة "عاصمة العراق الاقتصادية" وثاني أكبر مدنه من حيث عدد المساحة والثالثة من حيث عدد السكان، كما تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه.
وكانت أبرز الدول المستقبلة للخام العراقي هذا العام خلال 2022 الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليونان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا، بالإضافة إلى دول عربية.
الجزء الأكبر والأضخم من الاحتياطي النفطي العراقي يتركز في الجنوب أي بمحافظة البصرة حيث يوجد 15 حقلاً منها عشرة حقول منتجة وخمسة ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج. كما تحتوي هذه الحقول احتياطياً نفطياً يقدر بأكثر من 65 مليار برميل، أي نسبة 59% تقريباً من إجمالي الاحتياطي النفطي العراقي.
كذلك يشكل الاحتياطي النفطي لمحافظات البصرة وميسان وذي قار مجتمعة حوالي ثمانين مليار برميل، أي نسبة 71% من مجموع الاحتياطي العراقي.
اقرأ أيضاً: مبيعات النفط العراقية تتجاوز 9 مليارات دولار في تشرين الأول
ونظراً لأهمية هذه المحافظة،صوت البرلمان العراقي عام 2017 على قانون "البصرة عاصمة العراق الاقتصادية"، لانشاء مركز تجاري عالمي فيها وتحسين البنى التحتية وتوسيع الموانئ وأحداث تنمية اقتصادية شاملة وغيرها من الأمور.
ووفق خبراء عراقيون فإنّ هذا القانون وفي حال تطبيقه سيخلق كثيراً من الفرص الاستثمارية الجديدة، ويجذب مزيداً من رؤوس الأموال إلى محافظة البصرة، فضلاً عن انتعاش قطاعات الصناعة والزراعة والإسكان والخدمات اللوجستية.
أبرز حقول نفط البصرة
ووفق المواقع الاقتصادية العراقية، من أبرز الحقول في الجنوب: حقل الرميلة الشمالي حيث يعتبر عملاق الحقول العراقية ويمتد من غرب مدينة البصرة متجهاً جنوباً حتى يدخل جزؤه الجنوبي في دولة الكويت، ويعتبر تاسع أعظم حقل نفطي عالمي وبطبقاته أجود أنواع النفط.
حقل مجنون: وهو حقل عملاق بمحافظة البصرة وينتج مؤقتاً حوالي مئة ألف برميل يومياً مع أن طاقته الإنتاجية لو طور قد تبلغ ستمئة الف برميل يومياً.
حقل نهر عمر: وهو بمحافظة البصرة أيضاً وله مكامن عديدة غير مطورة وما زال إنتاجه متواضعا حيث يبلغ حوالي ألف برميل يوميا. وقد تصل طاقته بعد التطوير إلى حدود خمسمئة ألف برميل يومياً.
إلى جانب حقل غرب القرنة وحقل الرميلة الجنوبي وحقل الزبير وحقل اللحيس غرب مدينة البصرة وحقل الحلفاية العملاق الواقع قرب مدينة العمارة بمحافظة ميسان جنوبي غربي العراق.
اقرأ أيضاً: النفط العراقي.. كل ما تريد معرفته عن الحقول والإنتاج والبنية التحتية
غاز البصرة
إلى جانب النفط وموانئ البصرة، تمثل شركة غاز البصرة أحد أكبر مشروعات خفض حرق الغاز بالعالم (من 900 إلى 1000 مليون قدم مكعبة يومياً)، كما أنها أولى منشآت النفط والغاز بالعالم المؤهلة للحصول على قرض أخضر، إذ إنها تعمل على "تنوع" القيمة الاقتصادية بخلاف النفط.
وسبق أن التزمت شركة غاز البصرة بزيادة قدرتها على معالجة الغاز من مليار إلى ملياري قدم مكعبة يومياً، وتعتزم الشركة -وفق خططها- توفير الإمدادات الإضافية اعتماداً على عمليات حرق الغاز المصاحب لـ3 حقول نفطية بجنوب العراق (غرب القرنة 1، والرميلة، والزبير).
كما دخلت شركة نفط البصرة التابعة للدولة في نزاع قانوني مع شركة إكسون موبيل (المُشغّلة لحقل غرب القرنة) بعدما أبدت شركة أميركية رغبتها ببيع حصتها بالحقل المقدّرة بنحو 32.7%، وتمكّنت، مطلع العام (2021)، من الإقدام على تلك الخطوة.
ويضم حقل غرب القرنة 1 -الذي تعوّل شركة غاز البصرة على زيادة إنتاجه حتى تتمكن من التوسع بقدرتها على المعالجة- احتياطيات قابلة للاستخراج تتجاوز 20 مليار برميل.
ملتقى دجلة والفرات
بالاضافة إلى ما ورد، تعتبر البصرة الميناء البحري الرئيسي للعراق، بإطلالتها على الخليج بساحل طوله 58 كيلومتراً، وهذا يمثل 1.6% من مجموع حدود جمهورية العراق البالغة 3809 كيلومترات. وفيها يلتقي نهرا دجلة والفرات في منطقة تسمى كرمة علي، ويكونان نهر شط العرب الذي يصب في الخليج.
ووفق منصة الطاقة المتخصصة بالأخبار الاقتصادية فإنّ ميناء البصرة يعد المنفذ الرئيس للصادرات العراقية، إذ يستحوذ على غالبية النفط الخام المصدَّر من حقول وسط العراق وجنوبه.
كما يحتوي الميناء على 4 منصات تحميل، ويمكنه تصدير ما يصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً، وفق المنصة.
النخيل وجودة التمر
وبعيداً عن حقول النفط والغاز، تشتهر هذه المحافظة منذ عقود طويلة بتعدد أصناف نخيلها وجودة تمورها، وبحسب وكالة الأنباء العراقية، فإن محافظة البصرة اشتهرت منذ القدم بزراعة النخيل حتى عرفت فيما بعد بأنها (أرض النخيل) حيث تم زرع أول نخلة على أرضها.
ووفق الوكالة، أدرك العرب حينها أن أرض البصرة تصلح لزراعة النخيل إضافة الى هوائها الرطب، والذي يتغير بين يوم وليلة عدة مرات.
الانعكاسات الاقتصادية لـ"خليجي 25"
وبالعودة إلى خليجي 25، سينعكس هذا الحفل الرياضي على العراق بشكل عام والبصرة بشكل خاص وذلك بناء على ما أعلنه رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي، عن دخول 34 ألف وافد عبر مطار البصرة ومنفذ سفوان لحضور خليجي 25.
وأضاف أن "الوافدين توزعوا ما بين لاعبي منتخبات ووفود رسمية وقنوات إعلامية وجماهير".
وقبل أيام من بدء هذا الحدث أعلنت الحكومة العراقية منحها سمات دخول مجانية للوافدين من دول الخليج فضلًا عن تأكيد الحكومة على إمكانية الوافدين استخدام الطرق البرية لدخول العراق، أو من خلال مطار البصرة الدولي.
بالتزامن، أعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، عن تجهيز 35 فندقاً في محافظة البصرة، لاستقبال وفود وجماهير بطولة .
أما الايرادات ستكون بملايين الدولارات بناء على أسعار التذاكر التي تنقسم إلى 4 فئات، وهي الأخضر(30 دولار) والأصفر(20 دولار) والأحمر(14 دولاراً) والأزرق(10 دولاراً).