الصناعة الأوروبية أمام أزمة وجودية.. هل هي نهاية "صُنع في أوروبا"؟

صحيفة بوليتيكو الأميركية تشير إلى أنّ الصناعات الأوروبية، في قطاعاتها المتنوعة، تواجه صراعاً من أجل البقاء، وقادة أوروبيون يخشون عدوى "تراجع التصنيع".

  • الصناعة الأوروبية أمام أزمة وجودية.. هل هي نهاية
    الصناعة الأوروبية أمام أزمة وجودية.. هل هي نهاية "صُنع في أوروبا"؟

سلّطت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، اليوم الإثنين، الضوء على "الأزمة الوجودية" التي تضرب الصناعة الأوروبية، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة. 

وقالت الصحيفة إنّ "مستقبل المصانع في أوروبا آمن، لكنّ معاناتها هذا الشتاء ترمز إلى أزمة أعمق تؤثر في قاعدة التصنيع في أوروبا منذ قرون".

وأشارت "بوليتيكو" إلى أنّ المصانع الأوروبية ستفقد قدرتها على المنافسة إذا بقيت في أوروبا، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ أزمة الطاقة حادّة، بصورة خاصة لقطاعات، مثل الزجاج والكيميائيات والمعادن والأسمدة والورق والسيراميك والإسمنت.

اقرأ أيضاً: الاستثمارات الصناعية: أوروبا تركض خلف الصين والولايات المتحدة

وفي مواجهة المنافسة الاقتصادية المتزايدة باستمرار بين الصين والولايات المتحدة، يُحذّر القادة الأوروبيون علناً من عدوى "تراجع التصنيع" التي تؤثر في جميع الصناعات التحويلية في جميع أنحاء القارة العجوز.

وفي وقتٍ سابق، أكّد خبراء اقتصاديون أنّ اقتصادات الاتحاد الأوروبي مقبلة على ركود في عام 2023، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، نقلاً عن 37 اقتصادياً في استطلاع للرأي.

أزمة وجودية

ونجح التصنيع الأوروبي، اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر الماضي - ولا سيما القوة الصناعية في ألمانيا - في تحمّل أسوأ أزمة طاقة شتوية، الأمر الذي أدّى إلى خفض استهلاك الغاز بنحو 15%  من دون انخفاض مُماثل في الناتج الإجمالي.

لكن، مع أسعار غاز لا تزال أعلى بنحو 6 أضعاف من متوسط ​​السعر في الأعوام العشرة الماضية، وأكثر من 4 أضعاف في البلدان المنافسة، مثل الولايات المتحدة، لا يزال كثيرون يخشون من أنّ الشركات الكبرى ستنقل ببساطة عملياتها إلى خارج أوروبا، بينما يمكن إقفال الأنشطة التجارية الصغيرة بالكامل.

ورأت "بوليتيكو" أنّ الأمر، الذي يزيد في حدّة الكآبة، هو أن الرؤية القائلة إنّ أوروبا قوّة دافعة للثورة الصناعية الخضراء باتت موضع شك خطير بسبب قانون خفض التضخم الذي أصدره جو بايدن. ويخشى القادة الأوروبيون من أنّ الحزمة ستجذب مزيداً من شركاتهم عبر المحيط الأطلسي.

وفي وقتٍ سابق، أعلن ممثّل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنّ "الاتحاد الأوروبي لا يتمتع بقدرات الدعم الحكومية نفسها التي للولايات المتحدة، ولا يريد التنافس معها على أساس تقديم هذه المساعدة إلى الشركات". 

وقال مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية إنه "بالنظر إلى تصرّفات الولايات المتحدة والصين، فإننا نرى الخطر الحقيقي المتمثل بتراجع التصنيع وسحب الاستثمار".

بدوره، أكّد الأمين العام لاتحاد التجارة الصناعي الأوروبي، لوك تريانجل، أنّ فُقدان القدرة على التصنيع يعني فقدان الوظائف، وهذا له "عواقب سياسية"، مضيفاً: "نحن لا نُبالغ عندما نقول إنّ الصناعة الأوروبية تواجه أزمة وجودية".

من جانبها، حذّرت شركة IndustriALL من أنّ التهديد "الوجودي" نفسه ينطبق على 8 ملايين عامل في القطاعات، التي تستخدم الطاقة بكثافة.

وتتوقع الصحيفة أنّ أي تدهور صناعي في وسط أوروبا وشرقيها سيؤدي إلى إثارة رد فعل عنيف من الناخبين ضد الاتحاد الأوروبي، والذي قد يُصبح مع ذلك إرثاً دائماً للأزمة.

اقرأ أيضاً: قانون التضخم الأميركي.. لماذا تنظر إليه أوروبا بعدائية؟

صُنع في أوروبا

وشددت "بوليتيكو" على أنّ أصوات التحذيرات تصاعدت من جانب الشركات، كما نمت الدعوات إلى اتخاذ إجراءاتٍ مُنسّقة على مستوى الاتحاد الأوروبي لإنقاذ القاعدة التصنيعية في أوروبا. وتطالب فرنسا الآن باستراتيجية "صُنع في أوروبا" جديدة شاملة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ووسط الخلافات بين الدول بشأن الطريق إلى الأمام، لا يزال المسار الذي سيتخذه التكتل غير واضح. وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إنه "إذا لم يُكثّف الاتحاد الأوروبي سياسته الصناعية، فإنّ صناعتنا ستنزف حتى الموت".

وفي وقتٍ سابق، كشفت وكالات غربية وجود مخاوف كبيرة لدى المصنّعين الأوروبيين على خلفية أزمة الطاقة التي تشهدها القارة العجوز، والتي جاءت على خلفية العقوبات التي أقرّها الاتحاد الأوروبي ضد مختلف مصادر الطاقة الروسية.

اخترنا لك