أبو بكر حمصي والحنين إلى قرى منطقة القبائل الجزائرية
الفنان التشكيلي الجزائري أبو بكر حمصي يقدّم أكثر من 50 عملا فنيّاً تحت عنوان "قريتي"، مقدماً بأسلوب مبتكر مشاهد من يوميات قريته الواقعة بمنطقة القبائل.
قدّم الفنان التشكيلي الجزائري أبو بكر حمصي أكثر من 50 عملا فنيّاً تحت عنوان "قريتي" في معرض له أُقيم بالجزائر، مقدماً بأسلوب مبتكر مشاهد من يوميات قريته الواقعة بمنطقة القبائل، وفق تقنيات تقترب من فن المنمنمات الإسلامية، من حيث كونها تعتمد على التصوير المصغّر والدقة وكثرة التفاصيل والعناصر الفنية التشكيلية الآدمية والحيوانية والنباتية والعمائر والأثاث وغيرها.
وتتّكئ اللّوحات المعروضة على تقنية الأكريليك والحبر الصيني على القماش، ويمكن لزائر المعرض أن يُشكّل نظرة شاملة عن الفكرة الأساسية التي أراد الفنان إيصالها إلى المتلقّي، وهي الاحتفاء بقرية الطفولة وطقوسها الاجتماعية، من خلال تأمُّل عناوين تلك الأعمال، ومنها: "في ظل
أشجار الزيتون" و"رقصة في عرس" و"القبائليات الجميلات".
ويظهر بجلاء التأثُّر الشديد ببيئة منطقة القبائل الجزائرية عبر أعمال أبو بكر حمصي، ولا يقتصر هذا التأثُّر على محتوى الأعمال ومواضيعها وحسب، بل ينسحب أيضاً على الألوان المُستعْمَلة، وأهمُّها الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والأسود والبرتقالي؛ وهي الألوان التي نجدها بكثرة، خاصة في لباس وحليّ نساء القبائل التي تُشكّل إحدى الميزات الأساسية لسكان هذه المنطقة منذ زمن بعيد.
ويبدو أنّ هذا التشكيليّ، الذي رأت عيناه النور سنة 1952 بإحدى قرى بجاية، لم يستطع نسيان دروب الطفولة التي لعب فيها، على الرغم من إقامته في بلجيكا منذ سنة 1979؛ وكأنّه اصطحب قريته معه في حقيبة السفر؛ وهو الأمر الذي تُترجمه أيضاً أعماله التي أنجزها في المهجر، حيث توّجها سنة 2009 بأعماله التي تُزيّن إلى اليوم محطة الميترو بالعاصمة البلجيكية بروكسل، والتي استوحاها من الرموز التقليدية لمنطقة القبائل، إضافة إلى المشروع الفني والإنساني الذي أطلقه سنة 1994 تحت عنوان "أيادي الأمل"، وهو مستمرٌّ فيه إلى غاية اليوم عبر 82 بلداً.
وقد أهّلته تلك الأعمال التي أنجزها عبر مسيرته الفنية الحافلة لأنْ يُتوّج بالكثير من الجوائز والألقاب ببلجيكا، فضلاً عن الشهرة التي حازها عبر
الكثير من الدول الأوروبية، باعتباره فناناً متعدّد المواهب؛ فهو يجيد العزف على بعض الآلات الموسيقية والغناء، كما يُتقن فن الحكاية.
وقد سبق له العمل سنة 1963 إلى جانب عدد من أشهر الفنانين والمثقفين الجزائريين أمثال الصادق البجاوي بمعهد الموسيقى التقليدية ببجاية،
وكاتب ياسين، وعُرف عنه إتقانه للعديد من الفنون الغنائية مثل الأندلسي والقبائلي والشعبي الجزائري.