الحرب على سوريا: الإنتاج التلفزيوني الأكثر تكيّفاً مع الأوضاع
مئات آلاف النازحين، خسائر لا تُحصى في الأرواح والممتلكات، وتوقّف شبه كامل للنشاط المسرحي، وظهور نسبة مقبولة من الأفلام السينمائية، بينما المفاجأة أن الإنتاج التلفزيوني، ظلّ صامداً وحاضراً على مدى 6 سنوات، وإستطاع تلبية إحتياجات الفضائيات العربية بالكامل، خصوصاً في الشهر الكريم، متجاوزاً المواقف السياسية العربية مما يدور على الأرض السورية.
جاءت هذه الإندفاعة في وقت كان الحراك الفني في القاهرة غير قادر على الحركة الحرّة كما هي حال السوريين الذين وجدوا مُتنفّساً مثالياً في لبنان، فلم نعرف إنقطاعاً أو فوضى للإنتاج السوري الذي حافظ على وتيرته بأعلى قدر من النوعية، لا بل هو دخل على أزمة سوريا وقرأ ما يجري معها، وأضاء على نواح ٍمختلفة من حيثياتها، وبدت النصوص السورية معنية بما يجري، حتى لا يُقال إنها تُغرّد خارج الموقع الأساسي للأزمة، وكانت النتيجة جيّدة فنياً، وعكست تقديراً من المحطّات العربية، لأنه ليس منطقياً تصوير أعمال تُحلَّق في كوكب آخر مُتجاهلة ما يجري ميدانياً في سوريا. ست سنوات لم يختلّ فيها ميزان العمل وتزويد الفضائيات بما يُغطّي ساعات البثّ، وإنشغلت فرق العمل بين بيروت، القاهرة، ودبي، في إنجاز أكبر قدر من الحلقات للحاق بما إتفق عليه من أجندات لإنجاز المطلوب للمحطات.وراحت بورصة الأجور تتضاعف لكبار الممثلين يتقدّمهم الفنان "عابد فهد"الذي إنتقل من منتج (السيّد صادق الصباح) إلى آخر(السيّد جمال سنان) مضاعفاً أجره دفعة واحدة، فأحدث بلبلة أجور أبعدته لاحقاً عن بيروت، وأعادت صياغة واقع جديد، تبلور بقوة هذا العام بعدما إنكفأت سوريا إلى الداخل وضاعفت عدد المسلسلات التي تُنجَز في ستوديوهات دمشق، لكن للتسويق، لأن المصريين يصوّرون أعمالاً كثيرة للعرض على شاشاتهم المحلية من دون الإهتمام بنماذج ضخمة للشاشات العربية كما تعوّدنا قبل العام 2011 . هذا المناخ واجهته حالة سينمائية مُتناقضة شملت مواقفها النظام والمُسلّحين، وكانت لها رؤى إنسانية في الغالب، مع ملامح سياسية، لكنها لم تترك الأثر الرائع الذي طبعته المسلسلات في أذهان المشاهدين العرب.