.. وخلصت "الحدوتة"
بعد صراع مع المرض رحل الفنان نور الشريف مخلفا وراءه إرثاً فنياً غنياً يضم أكثر من 150 عملاً من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات الشعبية والوطنية.
إرث فني يحتاج إلى بعض الفطرة والكثير من الخبرة والثقافة جمعها نور الشريف في كفه عندما حاكى المشاكل الاجتماعية والشخصية المصرية العفوية في أفلام انطبعت في الذهنية الشعبية المصرية والعربية مثل "المصير" ليوسف شاهين وقبلهما "العار" وصولاً إلى مسلسلات تاريخية اهمها هارون الرشيد" وأظرفها برأي جمهوره النسائي تحديداً، "عائلة الحاج متولي".
محمد جابر محمد عبد الله الإسم الحقيقي لنور الشريف المولود عام 1946 كان الأول على دفعته في المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز عام 1967. ومن بين أشبال كرة القدم في نادي الزمالك انتقل إلى خشبة المسرح في "الشوارع الخلفية"، ومنها إلى ابواب السينما والتلفزيون تمثيلاً وإنتاجاً وإخراجاً. تجربته الإنتاجية تجلت في "دائرة الانتقام" و"زمن حاتم زهران".
"عاشق الفن وتراب مصر" على ما يلقبه محبوه، عشق القضية الفلسطينية في فيلم "ناجي العلي" الذي تعرض لحملة كبيرة قبل السماح بعرضه. حاكى الأنظمة العربية التي يحلم بها كل مواطن عربي في "الكرنك" لنجيب محفوظ و"سواق الاوتوبيس". وكشف القناع عن وجه أميركا في "ليلة البيبي دول" عندما مثل الإرهاب بجسده عارياً في سجن أبو غريب، فانهالت عليه الانتقادات حينها فقط لتصويره عارياً.
نور الشريف وقبل أسبوع من استراحته الأبدية، طلب من طليقته الممثلة بوسي أن تلازمه في ساعاته الأخيرة فأدى دوره البطولي الأخير بين بوسي وابنتيه مي وسارة، كأحد أعمدة السينما المصرية الحديثة. صارع كل أنواع الأمراض لدى نقاده إلى أن غلبه المرض على أبواب عقده السبعيني، فانتهت "الحدوتة المصرية".