"كورونا" يَحرم أهالي القيروان من عاداتهم في إحياء رمضان
لم تتزين مدينة القيروان لقدوم شهر رمضان هذه السنة، حيث حرم أهلها من الاستمتاع بأجواء الشهر الفضيل بسبب فيروس "كورونا".
لأوّل مرّة في تاريخها تُحْرَم مدينة القيروان التونسية من إحياء شهر رمضان بأجوائه الدينية وحياته الاقتصادية.
ربما بات يحقّ لحمائم مسجد عقبة بن نافع الكبير في المدينة الإسلامية التاريخية، أن تَنُوحَ على مئذنته حزناً لتشكو إلى الله فيروس "كورونا"، الذي أدّى إلى خُلُوِّ المسجد من الصلوات وإحياء الشعائر الدينية في هذا الشهر المبارك.
كما يحقّ للمساكين والفقراء الذين ينتظرون هذا الشهر من الحول إلى الحول، ليرفعوا أكفّ الضراعة إلى ربّ السموات والأرض، شاكين له ما أصاب أرزاقهم.
ومنذ سقوط نظام بن علي، تغيَّرت أجواء الشهر الفضيل في القيروان خاصّة أنه أطل في السنوات التي مضت خلال فصل الصّيف، حيث السواد الأعظم من التونسيين يكون في عطلة، فكانت أجواء إحياء هذا الشهر غاية في الجمال ومليئة بالروحانيّات.
في المدينة التي تتزيَّن لحلول الشهر الكريم بأجمل حلَّة، تتوافد جموع غفيرة من الزائرين من داخل تونس وخارجها على امتداد الشهر على بعض الفنادق لإحياء رمضان وأداء الصلاة في المسجد الأكبر، حيث يرتفع عدد الزائرين في العشر الأواخر لإحياء صلاة التّهجد "قيام الليل" لتصل الذروة ليلة السابع والعشرين.
اقتصادياً، وبحسب التقديرات، لا يبقى مواطن في المدينة بلا عمل خلال الشهر المبارك، حيث يعدّ الأهالي الأكلات المتنوّعة والكثيرة التي تُباع في المحلات وعلى أرصِفة الشوارع وأهمّها "البريك، الزّلابيا، المخارق، القطايف" وغيرها. أما المطاعم ومحلات بيع الحلويات فتعجّ بالزبائن.
هذه المواد لا تُباع فقط في فترة الصباح أو العصر، بل يتواصل بيعها ليلاً أمام المساجد أثناء صلاة التراويح عند خروج المُصلّين.
إضافة إلى ذلك، تزدحم المقاهي والمرافق الترفيهية والشوارع كلّ ليلة بالناس من كلّ مكان حتى ساعات الفجر. وهنا، يستغلّ الباعة الجوّالون هذه الفرصة الثمينة جدّاً لبيع ما يعدونه من حلوياتٍ وغيرها لكَسْبِ قوت يومهم.
هذه السنة، وبسبب فيروس "كورونا" المُستجد والحَجْر الصحي الشامل وحَظْر التجوّل، بات أهالي القيروان في مشكلة كبيرة. حيث لا إحياء للشعائر في المساجد (فتوى بالإجماع من مراجع المسلمين بإغلاق المساجد حفاظاً على أرواح الناس)، ولا المرافق الاقتصادية ستعمل كعادتها ليسترزق المساكين والفقراء.
بصريح العبارة تُقال "إلغاء تامّ للأجواء الرّمضانية في المدينة كلّها".
لكن رغم كل هذا، يبقى بصيص أمل لدى أهالي القيروان أن يتمّ رَفْع جزئيّ للحَجْر والحَظْر، عسى أن يتمكّنوا من إدراك شيء من الرزق حتى في النصف الثاني من الشهر الفضيل، في حال لم تُسجَّل إصابات جديدة.