المسرح الذي يقع في آخر شارع الحمراء تلفّه أجواء هادئة، ويتميز بملامح إمبراطورية لافتة، مع ذلك بقي مقفلاً لسنوات من دون أن يتجاسر أي منتج على فتح أبوابه مجدداً أمام الرواد، وها هو الفنان الشاب "الأندري" يلتزم خوض المغامرة مع علمه بحاجة الوسط الفني إلى خشبة إضافية تلبّي إحتياجات أهل المهنة في سعيهم للعثور على مكان صالح لإستقبالهم، داعياً في إفتتاح الحفل الأول الذي قدّمته المطربة "جاهدة وهبة" دعماً لصديقها "جهاد" في خطوته، وبعدما إعتذر "كورال الفيحاء" بقيادة المايسترو "باركيف تسلاكيان" عن المشاركة لأسباب خاصة، تمّت الإستعانة بـ "تخت موسيقي شرقي" ألهبه إبداعاً وتجويداً العوّاد السوري المقيم في أميركا "كنان إدناوي" (34 عاماً- مواليد اللاذقية) الذي شكّلت كل "نقرة من ريشته" على أوتار العود، فعل إمتاع سمعي للحاضرين الذين واكبوه بالتصفيق حيناً والآهات أحياناً.

"جاهدة" التي بدت مرتاحة سعيدة لاحظ الجميع خسارة واضحة في وزنها، وقد ميزتها ثقة عالية في الحضور والأداء، إستناداً إلى خبرة وثقافة في فروع التراث، وكانت خيارات السهرة التي حملت عنوان "منمنمات صوتية" متنوعة جداً حيث شدت بقصائد لكبار من لبنان ودنيا العرب والعالم، بدءاً من "سعيد عقل"، مروراً بـ (مأمون الشناوي، صلاح جاهين، أحلام مستغانمي، محمود درويش، سميح القاسم، المتنبي، إبن عربي، أبو فراس الحمداني) وصولاً إلى "غونتر غراس". فغنت (de rien لـ إديث بياف، لقد صار قلبي، يا زهرة في خيالي، لبيك يا ربي، الحياة مريرة، طريق دمشق – تأليف كنان إدناوي، لعينيك ما يلقى القلب وما لقي، أنجبني كي تُنادى بين الرجال بإبني، حسبي أنني من جبل هو بين الله والأرض، أهو ده اللي صار، يطير الحمام يحط الحمام، تقدّموا تقدّموا، موطني، حلوة يا بلدي، الله يا مولانا، لا تمضي إلى الغابة).

الـ "منمنمات" شارك في ملامحها المشهدية الدرويشان "وسام الحسن" و"تالا"، فدارا ودارا بأسلوب بتنا نعرفه جيداً من كثرة الفرق التي تناوبت على الخشبات اللبنانية خصوصاً في الشهر الكريم.