"الحياة غنوة" أمتعتنا بها حنجرة "نسرين حميدان" الذهبية
موهبة طربية متمكّنة ، تنتمي في قماشة صوتها إلى "سمية بعلبكي" و"جاهدة وهبة". الفنانة الشابة وأستاذة الموسيقى في وزارة التربية "نسرين حميدان" أحيت أمسية غنائية على خشبة مسرح المدينة، من تنظيم "جمعية أوركسترا لبنان السلام"، ورعاية "نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان"، تم خلالها تكريم الفنان الراحل "نهاد طربيه"، بمشاركة 12 عازفاً قادهم على الكيبورد "وليد بو سرحال".
صوت نظيف خال من أي شائبة، وحضور متمكّن واثق بالحنجرة والمظهر الخارجي، مع إبتسامة صادقة ومشرقة أضفت على مناخ الأمسية روحاً خاصة، إختلطت فيها الأنغام المتوارثة أباً عن جد، مع طاقة مؤثرة من حلاوة الصوت، وتماوج الطبقات بما يدغدغ الأذن ويؤنس الحنايا. هكذا تفاعلنا مع صوت "نسرين" وأحببناه بالقدر الذي منحنا فرصة للإمتاع دامت خلال الأمسية وتردد صداها بعدها كنوع من الإستئناس بخامة طربية تستحق الرعاية والتبني والدعم. ومعها تحقق جزء من الصورة النموذجية لحفلات التراث والغناء الصحيح طالما أنها مرّت على أسماء وعناوين وألحان صعبة الأداء إلآّ على الحناجر القادرة على صياغة علاقة حميمة مع روح الألحان ومناخ عصرها السابق مع مطابقته على الواقع المعاصر.
كنا مع تخت شرقي ضاعف حضور بعض الآلات لضرورات الدعم الشعوري للمادة المسموعة. وبدا واضحاً أهمية الثقافة الموسيقية للمغني، وهو ما أكّدته "نسرين" على مدى وقت الأمسية التي إتسمت بحضور جمهور راق من السمّيعة القادرين على فرز الغث من السمين، فكيف إذا كانت سمة السهرة دفق مضاعف من الإجادة، مع مرونة في التعاطي مع الجمل الغنائية المعقدة، غنت للسيدتين "فيروز" و أم كلثوم"، ودخلت على الموسيقار "فريد الأطرش" ومن خلال لونه على بعض نتاج "نهاد طربيه" حيث تواجد عدد من أنسبائه بين الحضور، ثم مرّت على "كارم محمود"، و"محمد عبد المطلب"، وسط تجاوب لافت جداً من الحضور الذين كانوا يعرفون متى يصغون ومتى يصفقون.
"الحياة غنوة" تبقى في البال والسمع والقلب. أمسية إنسجمت مع رهبة وخشوع الشهر الكريم، عرّفتنا على صوت مثقف، عميق الأثر في السمع والروح، نسرين حميدان.