"هشام جابر" يضرب ساخراً في كل الإتجاهات
منذ سبع سنوات والفنان "هشام جابر" وراء نجاحات بالجملة سجّلها مسرح "مترو المدينة" الذي تحوّل معه من صالة جيْب لطالما دُعينا لمشاهدة الروائع السينمائية ( منها "الجلد" لـ ليليانا كافاني) على شاشتها في حياة صاحبها المنتج الراحل "خالد عيتاني"، إلى منبر فني ثقافي سرعان ما إستقطب النقاد والمثقفين كما الجمهور المميز والعادي في آن واحد، محققاً معادلة نادرة في الوسط الفني باتت مضرب مثل بل تحولت إلى قُدوة.
هو لا يظهر كثيراً لكنه راعٍ لكل ما يُعرض على خشبته. ليل الأربعاء في 13 آذار / مارس الجاري إستعاد الفنان المتميز شخصية "روبرتو قبرصلي" التي سبق له وأطلقها قبل 11 سنة وحظيت بإستقبال طيب نقدياً وجماهيرياً، ولأن النوستالجيا مهمة عند عموم الناس غصّ مسرح "مترو المدينة بالحضور المتنوع، مع جهوزية للتفاعل مع المادة التي ستقدّم إستناداً إلى فعل نجاح سابق لـ "هشام" في تناول الأوضاع الإجتماعية والسياسية والعامة في لبنان ومحيطه من دون أن يستثني أحداً من القيادات، أو يغفل عن موقف أو حادثة تمس يوميات المواطن من أي جهة كانت، كل هذا مرتبط بـ "كاريسما" كاسحة لم تترك الحضور لحظة نهباً لأي تكاسل أو إنشغال بأي أمر غير المسرح، مع قهقهات تواصلت على مدى مدة العرض المتواصل من فصل واحد.
"قبرصلي in love ". هذا هو عنوان العرض الذي يستقبله الـ "مترو" حتى نهاية شهر آذار/ مارس الجاري. تناول فيه "جابر" كل ما يتعلق بالحب بين رجل وإمرأة، والمؤثرات المباشرة والهامشية في ديمومة أو إنتهاء العلاقة، بلسان مطواع، مع جرأة أدبية أو غير أدبية في تسمية الأمور بأسمائها، وتوصيف الحالات بما هي عليه، مع مرادفات لا تتوقف عن التدفق على لسانه، وسط رصد من جمهور الصالة يُحصي عليه أنفاسه ويتفاعل مع مونولوغه بكثير من الألفة والمودة، ومع أنه لم يترك طرفاً سياسياً أو زعيماً أو مسؤولاً من خيره إلاّ أن الحضور باركوا ملاحظاته واحدة واحدة، حيث بدا واعياً لكل صغيرة وكبيرة في اليوميات اللبنانية، ولوحظ أن ميزان نقده الدقيق للغاية فلم ينزعج أحد من أي وجهة نظر، وهذا دليل ثقة بالفنان لأن الوجع واحد.
"هشام جابر" أعطى أملاً كبيراً في إنهاض هذا النوع من الـ "ستاند أب كوميدي" الذي وعندما نجح بقوة وعمق مع الفنان "رفيق علي أحمد" في مسرحيته "الجرس"، تطاول عليه عدد من طالبي الشهرة السريعة فلم يُفدهم في شيء ووضع النوع في ثلاجة الإنتظار حتى ثبّت "هشام" حضوره فشكّل الإستمرارية التي تحولت متنفساً للناس كي يعبرواعن رأيهم الصريح في الأوضاع القائمة.