"خضر رجب" القريب جداً من "محمد عبد المطلب" صوتاً وصورة
حوالى 100 دقيقة من الإمتاع السمعي أمضيناها بصحبة عازف الكمان والمطرب خضر رجب، غنى 11 أغنية للفنان الراحل محمد عبد المطلب، عل خشبة مترو المدينة.
ذاكرة فولاذية، وحنجرة ذهبية، وقوس الكمان بيد العازف خضر رجب، يجلب الإنسجام بين النغم وصوته مردداً 11 أغنية من كنوز ما تركه الراحل محمد عبد المطلب، وأجاد جوهرته الفنان رجب بحس فني مضاعف، أخذ قوته من غياب نعمة البصر وحضور بصيرته بشكل مشع، متألق ومبدع، غناء وعزفاً على الكمان، طوال 100 دقيقة لم يتبدل خلالها صوته ولا ثبات قوسه الرقيق المعبر خصوصاً عنما عزف صولو فقلب الجو ميلودراما لكثرة الشجن في تناغم القوس مع أوتار الآلة المرهفة الصوت، ومع جمهور أتى ليسمع ويتفاعل ويدرك متى الـ آه، ومتى: يا سلام، ومتى يصمت الجميع لكي نصغي لحنجرة رجب ونغمة كمانه.
لاحظ معظم الحاضرين أن هناك شبهاً في الشكل الهندسي العام وبعض التفاصيل بين الراحل والمعاصر، بينما لا نقاش في أن الصوت كان هو هو محمد عبد المطلب، نعم لقد تفوق الفنان رجب هنا في إستحضار الراحل صوتاً وصورة، من دون تصنّع أو وهن بفعل الغناء المتواصل من دون إستراحة لم يكن أحد ليمررها وسط حالة من الإرتياح والإنسجام والتجاوب لأن أداء الفنان رجب كان في أرفع مستوىً من التعاطي مع الموهبة الكبيرة، لتقديمها في أبهى صورة بعيداً عن النمطية أولاً وعن التقليد الحرفي، لقد كانت روح عبد المطلب تسكن في حنجرة وقلب العازف المطرب.
ودّع هواك، حبيتك وبحبك، بتسأليني بحبك ليه، يا حاسدين الناس، شفت حبيب وفرحت معاه، يا بو العيون السود، ساكن في حي السيدة، ما بيسألش علي أبداً، إسأل مرة علي، سلمت أمري، بياع الهوى راح فين. هذه هي الأغنيات التي أداها تباعاً وبروح مسؤولة الفنان رجب، والرائع أن إجادته للغناء ترافقت مع إثبات حيوية ذاكرته في حفظ كلمات ونغمات 11 أغنية، من دون أي إهتزاز، أو نسيان، لقد كان هذا الفنان مدهشاً بكل التفاصيل.