يُبثّ على منصة "نيتفلكس" فيلمٌ وثائقيٌ جديدٌ ومهمّ للغاية، تحت عنوان "المعضلة الاجتماعية". إنه وصف لما يجري في "وادي السيليكون" في ولاية كاليفورنيا - الولايات المتحدة. أصبحت هذه المنطقة مشهورةً بتسميتها بسبب وجود عددٍ كبيرٍ من مطوّري الشرائح أو الرقاقات السيليكونية ومنتجيها، وحالياً تضمّ جميع أعمال التقنية العالية في المنطقة، حيث أصبح اسم المنطقة مرادفاً لمصطلح التقنية العالية. 

يتناول الوثائقيّ شخصيتين تعملان في الشركة، يتم فيه الكشف عن التهديد الوجودي الذي تشكّله شركات التكنولوجيا الكبرى على الحضارة. ويُبرز الوثائقي الجديد كيف أنَّ هذه المسألة هي أكثر من مجرد معضلة.

"المعضلة الاجتماعية" هو فيلم وثائقي عن منصات التواصل الاجتماعي ومستخدميها البالغ عددهم ملياري مستخدم، وقد يكون من أهمّ الحلقات الوثائقية التي تمّ إنتاجها في أميركا منذ عقود.

ويقدّم الوثائقي نقداً جذرياً من الداخل لوسائل التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا الكبيرة التي ابتكرتها - وتستمر في الاستفادة منها بشكل كبير (لكونها شركات محتكرة تدفع القليل من الضرائب أو لا تدفع ضرائب على الإطلاق في العديد من البلدان).

ويعتقد كل من تريستان هاريس (خبير سابق في أخلاقيات التصميم في غوغل) وجارون لانير (عالم كمبيوتر) - وهما من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم - أن وسائل التواصل الاجتماعي والعاملين في مجال التكنولوجيا قد خلقوا "تهديداً وجودياً" لتلك المجتمعات الغربية التي سُمح لهم فيها الازدهار دون رادع. ويعتقدان أنَّ منصات وسائل التواصل الاجتماعي تجرّد عملاءها من إنسانيتهم ​​وتفكّك النسيج الاجتماعي وتدمّر الديموقراطية.

لكن هذا الفيلم الوثائقي هو أبعد بكثير من مجرد نقدٍ لتقدّم تقنيّ معيّن. بدلاً من ذلك، يطرح الوثائقي براهين بأن التكنولوجيا التي تقوم عليها وسائل التواصل الإجتماعي تختلف نوعياً عن جميع التطورات التكنولوجية السابقة، وأن ذلك يؤدي إلى عواقب اجتماعية وسياسية خطيرة.

 إنّ الدعايات الفظّة التي تظهر على شبكة "نيتفلكس" ووسائل الإعلام الأميركية الأخرى، تُبرز أثر "المعضلة الاجتماعية" في نقدٍ  للمصالح الاقتصادية الراسخة، التي يمزق جشعها المجتمع الأميركي.

"المعضلة الاجتماعية" هو تعبير عن مسلك سياسي في تقاليد الحركة التقدمية الأميركية. إنه نقدٌ مدروسٌ يتناول مشكلةً اجتماعيةً خطيرة ومن خلفها تقف المصالح الاقتصادية.

ترجمة: هاشم التل