العمر الثالث: من نهاية العمر إلى بداية عمر جديد
بعكس النظرة السائدة، العالم يتحدث عن مفهوم جديد يتعلق بالأعمار، فلم يعد العقد السادس سن شيخوخة وعجز بل صار بداية عمر جديد فيه دينامية وعطاء، والتطور العلمي والتكنولوجي والطبي يلعب الدور الهام في تغير النظرة نحو مرحلة التقدم بالعمر.
بدأ العالم يتحدث عن الشيخوخة كمفهوم لـ "العمر الثالث"، وعن حياة جديدة لمرحلة متقدمة من العمر فيها الكثير من الدينامية والعطاء، بدلا من العجز والشيخوخة والتقاعد بانتظار النهاية.
يلعب التطور العلمي والتكنولوجي والطبي الدور الهام في تغيرات النظرة نحو مرحلة التقدم بالعمر، وكيفية التعاطي مع الواقع المستجد لما بات متعارفا عليه بـ ”العمر الثالث” والذي له تداعيات عديدة منها التقاعد، وهرم المجتمعات العالمية، وكبار السن كقوة جديدة في عملية التنمية.
في أواسط القرن المنصرم، كان الموقف العام يعتبر أن الأربعين من العمر هو سن متقدمة، والخمسين أو الستين هو سن الشيخوخة، وبالتالي التقاعد، وانتظار النهاية. لكن الستين اليوم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة، هي بداية "العمر الثالث"، كما تعرفه الباحثة الاجتماعية الدكتورة مها كيال، في تعليق لـ "الميادين نت"، مضيفة أنه "منذ الثورة الصناعية، جرى التعارف على المسن أنه البالغ سن الستين وما فوق، وهو الذي يعتبر سن التقاعد".
وترى كيال أن "متوسط عمر الانسان اليوم بحسب الأبحاث السوسيولوجية هو ٧٥ سنة للرجل، و٨٠ سنة للمرأة، وعلى الانسان ان يعيد النظر في السياسات المتعلقة بالعمر الثالث، حتى في ظل صعوبات تأمين فرص عمل للشباب”.
وتقول إن "هناك ضرورة لإعادة النظر بالتعاطي الأصح مع هذه الشريحة العمرية، وتناولها في ضوء التطور العلمي والصحي والتقني، والمتغيرات التي يعيشها الانسان، فنحن عندما نحيل هؤلاء إلى التقاعد في سن الستين نفقد طاقة منتجة، خبيرة، قادرة على العطاء، وتفيد المجتمع، واستمرار عملها أفضل بكثير من إزاحتها لتصبح عالة عليه”.
من جهته، مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية سابقا الدكتور عاطف عطية، يعتقد أن "التطورات العلمية والصحية وغيرهما، أوصلت إلى زيادة أعمار الناس"، ويلفت عطية إلى "اتساع في النظرة على مفهوم تقدم السن، والتوجه العالمي الحديث في معالجة المشكلات المتأتية عن تزايد أعداد كبار السن".
وأشار عطية إلى أن الأمم المتحدة، وكبار مسؤولي العالم، يدفعون باتجاه تغيير السياسات السكانية، والانتقال من همّ الانفجار السكاني إلى كيفية الإفادة القصوى من الذين عبروا بوابة "العمر الثالث" لتقديم الخبرات والتجارب التي اكتسبوها خدمة للمجتمعات التي ينتمون إليها".
ورأى عطية أن "انخراط المسن في عملية الإنتاج، وفي تحقيق استقلاله الذاتي، يستبدل شيخوخته الاتكالية المنتظرة برعب وخوف، بشيخوخة فاعلة تهدف إلى تيسير الحياة في منزل تتوفر فيه حاجات الشيخوخة، من ناحية، وما يلبي العودة إلى كنف الأسرة التي تكفل تقديم الرعاية الجيدة للمسن".
أنيسة النجار: لن أدفن شيئاً في حياتي
أنيسة النجار ناشطة اجتماعية منذ نعومة أظفارها، وهي تقرع باب العام ١٠٢ من عمرها، ولا تزال تمارس نشاطها. تشرف على جمعيات أسستها للخدمة الاجتماعية، وتحافظ على ذاكرة متّقدة، تستعرض تجاربها وحياتها من دون خلل، ولا تأبه لعدّ سنوات العمر.
في منزلها في محلة عائشة بكار البيروتية، تحدثت النجار لـ "الميادين نت" عن تجاربها ومفهومها للعمر والحياة، مستهلة بالقول: "ليس لي تاريخ وكنت أشعر أن طموحي لا حدود له. افتقدت الوالد مبكرا، ولم يكن لي من أتشبه به سوى الوالدة".
وتروي أنيسة أنها درست في الجامعتين الأميركية (AUB) واللبنانية - الأميركية (LAU) ابتداء من سنة ١٩٣٤ ولمدة أربع سنوات، وتابعت بعد ذلك نشاطها العام في جمعيات أهلية، ولم يتوقف عملها الاجتماعي يوما من الأيام. هي تشرف حاليا على المدارس والجمعيات التي أسستها والتي لا تزال تعمل. تقول عن ذلك: "أسست جمعيات عدة ، واحدة للأطفال اسمها "قرى الأطفال الصيفية" موقعها في بيروت، والثانية "جمعية إنعاش القرية"، والثالثة هي الجمعية التي اشتغلنا عالميا فيها واسمها "العصبة النسوية للسلام و الحرية”.
شاركت أنيسة في العديد من الجمعيات العالمية، وتبوأت مناصب رفيعة في جمعيات ذات طابع إنساني، وهي تؤكد متابعتها أعمال مؤسساتها في بيروت، قائلة بإصرار غير الآبه بتقدم السن: "لن أدفن شيئا في حياتي، لذلك سأظل أعمل في المجال الذي بدأت به”.
بعض من السيرة الذاتية لأنيسة
ولدت أنيسة روضة نجار في بيروت في السادس والعشرين من حزيران عام 1913،هي ابنة الراحل سليم محمد روضة، والدتها زلفا أمين نجار من العبادية. تزوجت سنة 1944 من المهندس الزراعي الراحل (1992) فؤاد أمين نجار الذي أصبح وزيراً للزراعة عام 1958، وهي أم لثلاثة أولاد هم: منى، سنا وخالد. كما أن لها ثلاثة مؤلفات في مجال اهتمامها.