هل تلقى الهبة الإيرانية للبنان مصير سابقاتها؟
مرحلة حساسة يمر بها لبنان بعد التهديدات الإرهابية على حدوده الشرقية، وعدم وفاء الدول بتعهداتها بتسليح الجيش اللبناني، لتأتي الهبة الإيرانية للجيش، ولكن هناك مخاوف من تأخر وصول الهبة بسبب التعقيدات اللبنانية أو أن تلقى مصير سابقاتها المعلقة منذ عهد الحكومات السابقة.
وعلى الرغم من أن الهبة تأتي في مرحلة أمنية حساسة يحتاج فيها الجيش الكثير من الدعم في مجال مكافحة الإرهاب في ظل عملياته العسكرية ضد الجماعات المسلّحة إلا أن لا شيء يوحي بأن هذه الهبة ستبصر النور قريباً، هذا إذا لم تلق مصير سابقاتها من مساعدات إيرانية لا تزال معلّقة منذ عهود الحكومات السابقة. فالمقدمات التي تسبق اتخاذ قرار بخصوص المساعدة الجديدة تشبه إلى حد كبير المقدمات التي لطالما ترافقت مع أي مساعدة مصدرها إيران. نتحدث هنا عن فريقين سياسيين ممثلين في الحكومة، المعني الأول بقرار قبول الهبات أو عدمه. كلا الفريقين يعلنان تأييدهما لأي مساعدة للمؤسسة العسكرية من أي جهة أتت، إلا أنه في حالة إيران تبرز دائماً مسألة العقوبات الغربية المفروضة على هذا البلد. مسألة يطرحها فريق 14 آذار رافضاً أن تكون لموقفه أي خلفية سياسية، ينطلق من القرار الدولي 1747 الذي يحظر على إيران توريد وبيع السلاح. يقول عضو كتلة المستقبل النيابية عمار الحوري للميادين نت "إن أي هبة تقدّم إلى لبنان ولا تشكل تعارضاً مع القوانين الدولية مرحب بها" مشيراً "إلى أن البند الخامس من القرار الدولي يحظر التوريد والبيع وبالتالي فإن الهبة تندرج تحت خانة التوريد" وفق تعبيره. الحوري رمى الكرة في ملعب الحكومة التي رأى أن عليها البحث عن مخرج قانوني يجنب لبنان تداعيات العقوبات المفروضة على إيران. إلا أن لا موعد محدداً حتى الآن لبحث موضوع الهبة على طاولة مجلس الوزراء وفق ما أكدت مصادر وزارية للميادين نت، قائلة إن الموضوع لم يطرح في جلسة الحكومة أمس الخميس. وقالت المصادر في فريق الثامن من آذار "إن الآلية المفترض اتباعها تقضي بأن يطلع وزير الدفاع الحكومة على الهبة وتفاصيلها لاتخاذ القرار بشأنها" مشيرة إلى البعض يقدّم السياسة على مصلحة البلد وحاجات المؤسسة العسكرية. وإذا كان كلا الطرفين يفضل التريث بانتظار تلمس مسار النقاش الذي سيحصل داخل الحكومة مع طرح الموضوع، فإن وزير الخارجية السابق عدنان منصور يبدو متيقناً من أن الهبة العسكرية الإيرانية لن تبصر النور. ينطلق منصور الذي شغل منصب سفير لبنان في إيران سابقاً، من طريقة تعاطي لبنان الرسمي مع مجمل الهبات والمساعدات التي عرضت إيران تقديمها في السابق فضلاً عن 28 اتفاقية وبروتوكولاً موقعاً بين البلدين، يذكر مثالاً على ذلك اللجنة الاقتصادية المشتركة بين طهران وبيروت والتي لم تجتمع ما بين 2001 و2008 سوى مرة واحدة، بالإضافة إلى عدم البت في أي من العروض التي قدمتها إيران في مجالات حياتية رئيسية مثل بناء السدود والطاقة على الرغم من تضمينها تسهيلات في آلية الدفع. منصور خلص إلى أن المسألة هي أبعد من مجرد هبة عسكرية، بل عدم رغبة بقيام هذه العلاقات بين طهران وبيروت تقف وراءها جهات ضاغطة دولياً وإقليمياً وداخلياً، متوقعاً أن يجري تعطيل الهبة الإيرانية على غرار ما جرى مع السابق، مستدلاً على ذلك بالدعم العسكري الذي تقدمه إيران للعراق ودول أخرى دون أن يجري التلويح بقرار العقوبات.