25 أيار.. يومُ لبنان الأغر

عيد المقاومة والتحرير يحلّ هذا العام في ظروف قد تكون الأصعب على لبنان منذ 25 أيار/مايو 2000؛ هذا اليوم الذي جاء خلاصة تاريخ من مقاومة فتحت باب الإنجازات، ووضعت الحجر الأساس لسياسة ردع استُهلّت بالحجر، وبلغت الكورنيت.

  • 25 أيار.. يومُ لبنان الأغر
    25 أيار.. يومُ لبنان الأغر

مع كل 25 أيار، تعود مشاهدُ التحرير لتحاكيَ وجدان اللبنانيين، وتستصرخَ ضمائر العالم، وتقارعَ خطاب الهزيمة الذي تبنته دول عربية رأت في الطأطأة والإذعان خلاصَها؛ خلاصاً مغمّساً بالذلّ والمهانة.

تعاودُنا مشاهد التحرير سنوياً بكلّ بهائها، لتذكّرنا بلحظات كسر أسطورة "الجيش الذي لا يُهزم" مع تحطيم جدران الظلم وأسلاك الجبروت في معتقل أنصار وسجن الخيام، فترسم ملحمة من الصمود والمقاومة والنصر، وتلقّن العالم درساً في كيفية تحويل مراكز الطغيان إلى مزارات سياحية، وتروي لجيل الألفية الثالثة أيّ ثورة عاشها آباؤهم.

تعود تهليلة الحجة فاطمة قاسم قشمر لتعلو من جديد "الحمد الله اللي تحررني". تقولها ناثرة حبيبات الأرز على مواكب المحتفين. هذه الجملة بلكنتها المحلية تحوّلت إلى شعار وطني يُرفع مع كلّ نصر مُبِين، وأضحت معها "الحجة" أيقونة لنساء مقاومات يصدحن بحب الحياة إذا استطعن إليها سبيلاً.

يحلّ عيد المقاومة والتحرير هذا العام في ظروف قد تكون الأصعب على لبنان منذ 25 أيار/مايو 2000؛ هذا اليوم الذي جاء خلاصة تاريخ من مقاومة فتحت باب الإنجازات، ووضعت الحجر الأساس لسياسة ردع استُهلّت بالحجر، وبلغت الكورنيت، ولا تزال مع كلّ استحقاق أمني توقف العدوَ على "إجر ونص"، وهو الذي لطالما اعتقد، والعالم معه، أنّ جبروتَه لا يعلو عليه حقٌّ، إلّا أنّ المقاومة كان لها رأيٌ آخر... كان لها الرأي الأخير.

ذات أيار، زُرعت بذور التحرير الكبير، فأنبتت ثقافة "سنصلي في القدس"، وأثمرت يقيناً بذلك. منذ ذاك اليوم والجيش الذي لا يُقهر يُجابَه بضربات موجعة رسّخت من خلالها المقاومةُ قاعدةَ "وإن عدتم عدنا".

اليوم، هو ذكرى استقلالنا الحقيقي الذي انتُزع بسواعد أبطال مدجّجين بالحق أمام محتلٍ أعزلٍ إلّا من السلاح. اليوم، نحتفي باستقلال لا لبس فيه ولا صفقات دولية. نحتفي بغلبة الحق على الباطل. نحتفي بسحق الفكر الاستعماري الذي يعجز عن تصديق أنّ الحجر إذا تحالف مع الحق، فله فعل المدفع في نفوس المحتلين. نحتفي بقهر المستبدين وفضح المتخاذلين. نحتفي بيوم لبنان الأغر.