نسخة إسلامية عن الفاتيكان.. ألبانيا تؤسس دولة "بكتاشية" للمسلمين
في خطوة لافتة، الحكومة الألبانية تعلن أنها ستمنح المسلمين البكتاشيين الذين يشكلون نحو 10% من السكان في البلاد سيادة خاصة لتحكم نفسها.. ما القصة؟
قال رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، إنّ بلاده ستمنح المسلمين البكتاشيين دولة ذات سيادة، وذلك لتعزيز الاعتدال والتسامح والتعايش السلمي.
وخلال كلمة له ألقاها في الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، قال راما: "إنّ مصدر إلهامنا هو دعم تحويل مركز بكتاشي العالمي في تيرانا إلى دولة ذات سيادة، ومركز جديد للاعتدال والتسامح والتعايش السلمي".
وكتب راما على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي إنه سيتم إنشاء الدولة الصغيرة في عاصمة ألبانيا، تيرانا، وستديرها "الطريقة البكتاشية المسلمة". ومع ذلك، سيستغرق تنفيذ الخطة وقتاً طويلاً بسبب التغييرات القانونية اللازمة.
ويبلغ عدد سكان ألبانيا 2.4 مليون نسمة، ويشكل المسلمون نحو 50% من السكان، بينما ينتمي باقي السكان إلى الكاثوليك والأرثوذكس وغيرهما من الطوائف الأصغر، وتشتهر البلاد بالانسجام الديني والتعايش السلمي.
ويشكل المسلمون البكتاشيون نحو 10% من المسلمين في البلاد، بحسب آخر تعداد سكاني.
وأوضحت الطائفة البكتاشية في بيان لها أنّ "هذه الخطوة التاريخية تهدف إلى الاعتراف بنظام بكتاشي كدولة ذات سيادة تحكم نفسها، ملتزمة بدعم ثقافتها الممتدة منذ قرن من الزمان من الاعتدال والمشاركة الروحية".
وأضاف البيان أنّها "ستحصل على سيادة مماثلة لسيادة الفاتيكان، حيث ستحكم الشؤون الدينية والإدارية بشكل مستقل عن ألبانيا"، لتصبح أصغر دولة في العالم، حيث تبلغ مساحتها ربع مساحة مدينة الفاتيكان فقط.
وسوف تتمتع قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها عشرة هكتارات بإدارتها الخاصة وجوازات سفرها وحدودها، وسيرأس حكومتها زعيم البكتاشيين، بابا موندي، حيث سيتولى مجلس بكتاشي مراقبة العمليات الدينية والإدارية.
وأشادت طائفة البكتاشية في تيرانا بالقرار في بيان قائلة إنّ "سيادة البكتاشية هي خطوة مهمة في تعزيز قيم الشمولية والوئام الديني والحوار في عالم منقسم".
وأعرب زعيم الطائفة البكتاشية في تيرانا، إدموند براهيماج، عن حماسه للفكرة، قائلا إن "المبادرة الممتازة" سوف "تدشن عصراً جديداً من التسامح الديني وتعزيز السلام".
في المقابل، انتقدت منظمة عموم المسلمين الألبان بشدة خطة رئيس الوزراء لإقامة دولة إسلامية صغيرة ذات سيادة داخل بلاده على غرار نموذج الفاتيكان. ووصفت المنظمة الخطة بأنها "تعرض التناغم الديني للخطر".
وكانت طائفة الدراويش السنية، التي نشأت في القرن الـ13، منتشرة على نطاق واسع في الدولة العثمانية، ونقلت مركزها إلى ألبانيا بعد أن حظرها مؤسس الدولة التركية الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك، عام 1925.
وسيكون الجيب الصغير الشبيه بالفاتيكان داخل العاصمة الألبانية بمثابة الموطن السياسي لمسلمي البكتاشي الذين يمثلون رابع أكبر طائفة دينية في ألبانيا بعد المسلمين السنة والمسيحيين الأرثوذكس والكاثوليك.
وأُسِّست البكتاشية في القرن الثالث عشر في الإمبراطورية العثمانية وتُعدّ فرعاً صوفياً من الإسلام منفتحاً على الديانات والفلسفات الأخرى. وانتقل بعض أهم قادتها إلى ألبانيا بعد حظرهم في تركيا مطلع القرن العشرين من جانب مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.