مسارات "المعبر" تصل إلى الحدود السورية العراقية؟

برع معدّو مسرحية "المعبر" في تجسيد نفقٍ أبيض مضاء ومجهّز بخرائط، هنا قد تلتقي برجال من فصائل متآزرة ومصير واحد، وقد تفضي إلى أرض فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس في نهاية المطاف: حتماً "يا قدس إننا قادمون"! 

  • مسارات
    معبر البوكمال: لا بدّ من لقاء في نهاية المطاف! (غرافيك: إسماعيل آغا)

الكلمة في هذه الخيمة المزغردة بالنصر للرصاصة، وشقيقتها الكبرى قذيفة "الكورنيت" الشهيرة! التي تزدهي بين سواعد من يتقن استخدامها، المقاومون، رجال الله في الميدان، من فلسطين ولبنان والعراق وسوريا، وصولاً إلى اليمن وغيرها.

3 خيم تجسّد القضية، بمساراتها المتعددة، بفصائلها المتفاعلة،  بقضيتها الواحدة، بعدوها المشترك، بإيمانها وإيثارها واندفاعها وتضحياتها.

ممثّلون شباب، مفعمون بالأمل العتيد، مرفدون بتاريخ تليد، موعودون بغدٍ مشرقٍ سيكون حتماً على أياديهم وأيادي رفاقهم ظافراً مجيداً.

"المعبر" اسم يذكّرنا بأغنية مرسيل خليفة للشاعر اللبناني جورج حاوي، يقول مطلعها: "يعبرون الجسر في الصبح خِفافا، أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد، من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق إلى شرقٍ جديد"!

لا بد من لقاء في نهاية المطاف!.. ممثلو  "المعبر" الموزّعون على 3 مسارات في مسرحية "المعبر"، يعودون حتماً إلى معبر "البوكمال" العراقي السوري، فهنا واسطة العقد..! 

مشكاة نور، أمست كوّة تحرّر وانتصار، فهذه النقطة الحدودية في الجغرافيا أمست "المعركة الفصل"، التي فتحت "الدفرسوار" العظيم من طهران إلى العراق فسوريا ولبنان وفلسطين..

في معبر "البوكمال" (الافتراضي)، يرنو الحضور من 3 خيم إلى مسرح طولي يحاكي شكل المعبر، مع وجود لافت لممثّلين يجسّدون عناصر المقاومة بسلاحهم وصولاً إلى دخول آليات وسلاح وإعلاميين..

نفحات سليماني في المكان

في ظلال شاشة عملاقة تعرض مشاهد حقيقية  من "البوكمال"، هنا تلفح الحضور نسماتُ هواء حانية، تلاقيها قبسات نور متوهّجة، وقد تلمح من خلال الماورائيات هيولى قائد مارد، تشعر باطمئنان ودعة، تسترجع هنيهات النصر المؤزّر على صنوف الإرهابيين، وعلى رأسهم  "داعش"، تطمئن إلى بلادٍ وفية ولّادة لرعيل خلف رعيل من "رجالات الله" عرفوا قائداً اسمه قاسم سليماني.

ومن عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى وقع طوفان الأقصى، "انبعث" طيف الشهيد القائد قاسم سليماني عبر عمل مسرحي انغماسيّ حمل عنوان: "المعبر".

إلى أين يفضي "المعبر" المهيب، "البوكمال"؟ وفّق المنظمون في تجسيد نفقٍ أبيض مضاء ومجهّز بخرائط، هنا قد يتراءى لك أنك تلتقي برجالات بزيٍّ فصائل مقاومة: (حماس – الجهاد – حزب الله- الحشد الشعبي – أنصار الله)، وقد تصبّ في أرض فلسطين وعاصمتها الأبدية القدس في نهاية المطاف، حتماً "يا قدس نحن قادمون"! 

ضيوف في وسط "المعركة"!

في "ساحة عاشوراء"، كان لقاء إعلاميين ونخبويين وضيوف بتنظيم دقيقٍ عالٍ كالعادة من العلاقات الإعلامية في "المقاومة الإسلامية"، الحاجة رنا الساحلي لا تترك شاردة وواردة على جري عادتها في المواكبة والتحضير.

هي تحرص على تأكيد الحضور فرداً فرداً، حتى قبل هنيهات من بدء الحدث، الحبور الذي يملأ وجهها، لا يستطيع إخفاء قسمات جهد هذه الحاجة "الدينامو" المضنية،كما يحلو لبعض الإعلاميين والإعلاميات إطلاقه عليها.

  • مسارات
    مسارات "المعبر" : محاكاة نقل مباشر من البوكمال

إحذروا... المكان ليس للضعفاء!

"ليأخذ الحذر من يعاني من مشاكل صحية في القلب، فأصوات الرصاص والمدفعية ستكون قوية"، جملة بادر بها أحد المنظّمين الضيوف، كانت كفيلة بجعل دقات القلب تتسارع، والدموع تنحبس في المآقي، كانت المشهدية تشي بأن محاكاة واقعية للجبهة ستتم: الدشم، الآليات، الرمال، الصخور.

هنا أمسينا نحن الحدث، وفي حين قدِمنا في تلك الأمسية لمشاهدة مسرحية، فإذ بنا وسط مؤثرات النيران والقذائف وأزيز الرصاص، فقد وقع اختيار المنظمين على المسار الثالث لمسرحية "المعبر"، وهو يجسّد معركة للمقاومين مع عناصر "داعش".

تجربة مسرحية انغماسية، غير تقليدية، يتحرّك فيها الجمهور بين 3 مسارات متوازية يخبر كل واحد منها قصة مختلفة عن الآخر،  يتوزّع فيها الجمهور ويتفاعل مع أحداثها وأبطالها، لتلتقي بعدها جماهير المسارات الثلاثة عند المشهد الأخير على "المعبر".

75 دقيقة من "الفن الثوري" الحابس للأنفاس، يتفاعل فيها المشاهد مع حكايا من واقع المقاومة، حفرت عميقاً في العقل والقلب والذاكرة، وكانت شاهدة على النموذج الاستئنائي للشهيد القائد سليماني.

المسار الأول: عَ آخِر نفس

"حسن أبو الحسن": من مجاهدي الإسعاف الحربي في المقاومة، كلّما سعى لمعالجة أحد الجرحى، يُستَشهد بين يديه، حتى لُقِّب بلقب "مخيف" جعله من أكثر المُسعفين شهرةً، ما دفعه لطلب الانتقال إلى عملٍ آخر. وفي اللحظة الأخيرة قبل مغادرته، طُلب منه مهمة أخيرة . فما الذي سيحصُل؟

المسار الثاني: أجَّلناها

نور علي ونور الهدى خطيبان يتحضرّان لحفلِ زفافهما بعد تأجيله لثلاث مرّات متتالية. وقبل أيام قليلة من الموعد، يتبلّغ نور علي بضرورة الالتحاق بالجبهة كونه من سائقي الجرافات، تلك القِلّة التي تحتاجهم هذه العمليّة تحديداً. يُصارح خطيبته بالأمر، لكن في تلك الساعة تبدَّل كلّ شيء.

المسار الثالث: احتمال

مجموعة من 4 مجاهدين من ذوي الطباع الخاصّة والمُختَلِفة، تنتشر في إحدى النقاط المحرَّرةِ من "داعش"، راني: قائد المجموعة ذو الطبع الحادّ،"الحمزة" المتخصص في الأحراز والحجابات، صلاح: المكتبة المتجوّلة، فوزي: ابن أسير سابق وأخ أسير حالي.
بسبب مواجهات سابقة، أصيب خزّان المياه في النقطة بطلقة أحدثت فيه شرخاً أفقده معظم مائه، وبُرَك المياه في المنطقة تحت سيطرة "الدواعش". كيف سيثبتُ المجاهدون في النقطة مع كل الصعوبات التي سوف تواجههم؟

كما أسلفنا، تضجّ النهاية التي تجمع المسارات بالتفاصيل المعبّرة عن القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني، الروح المعنوية، بذل الروح، معبر البوكمال برمزيته وأهميته للمحور، الموثّرات الصوتية اللافتة، الديكور الرائع، الجرافة، صواريخ الكورنيت، إيلاء الناحية الإعلامية الاهتمام المطلوب، تجسّد ذلك عبر كوكبة من الإعلاميين على المعبر، حيث برعت الزميلة والممثلة زينب برجاوي في هذا الدور الحيوي.

فريق عمل متجانس:

"المعبر" من إنتاج "مكتب حاج سليماني"،  كتابة أحمد بزي وحسن قطيش، إخراج ريان خير الدين، سينوغرافيا: أيمن جابر، مساعد مخرج: ملاك بزي، علي منصور، حسن قطيش، مدير إنتاج: عباس هاشم،إدارة مسرح: فاطمة باز،ملاك بري، ديكور أيمن جابر، محمد مهدي، فاطمة جابر، تأليف موسيقي: حسن حريري، تصميم صوت رشاد بو مجير، هندسة صوت: بلال منذر، إضاءة: حسن بيضون،مهندس التصوير: باقر حبحاب، المونتاج: محمد سلامة، تصميم غرافيكي: مصطفى الاسكافي، تصميم الملابس والإكسسوارات: فاطمة باز، "موشن غرافيك": مصطفى مروة، مدرجات: جمال بحمد، "ماكينغ أوف: فراس نور الدين، تصميم Al محمد رطيل.

الممثلون: علي منصور، حسن قطيش، حسين ناصر الدين، زينب برجاوي، عبد النبي سلمان، علي كلوت، حمزة كركي، مصطفى طاهر، آية بغدادي، حسين محيي الدين، عدي هوشر، إيلينا الأسمر، محمد اسكندر، حسين حيدر، حسين حنجول، علي هاشم، علي كوراني، محمد كوراني، علي مرعي، علي عباس بري، نجوى سرور، ساجد أحمد، محمد نجم.