"الدفاع المدني معكم.. هل يوجد أحد تحت الردم؟".. "في الطابق الأول يوجد أم وبناتها، وتحت الأنقاض نسمع أصوات أطفال".. عبارات حفظها أبناء قطاع غزة وتتردّد على آذانهم منذ ما يزيد عن 290 يوماً من العدوان الإسرائيلي المتواصل، حيث تقوم فرق الدفاع المدني بأدوار بطولية في إنقاذ المصابين وانتشال جثامين الشهداء، بأدوات بدائية وسط قصف عنيف فوق رؤوسهم.

لإرشاد طواقم الدفاع المدني عن المفقودين تحت الأنقاض.. أهالي غزة يكتبون الأسماء على الركام #غزة_العزة#الدفاع_المدني#الميادين_Go pic.twitter.com/Yi4TtVUF0L

— Almayadeen Go الميادين (@almayadeengo) December 11, 2023

2300 عنصر من فرق الدفاع المدني، هو العدد الذي كان يكفي لإدارة الأزمات الطارئة قبل الحرب، إلا أنه في الوقت الذي يُفترض فيه أن يزداد هذا العدد أضعافاً تحت وطأة الدمار الناتج عن العدوان الإسرائيلي المتواصل، نجد أن العدد تقلّص إلى بضع مئات بعد أن استهدفهم الاحتلال أثناء القيام بعملهم مُوقعاً 79 شهيداً، ومئات المصابين.

موقف صعب ومشهد مؤلم 🇵🇸💔🇵🇸💔
يشاهده رجال الدفاع المدني في كل ثانية في غزة
حيث انفجر بالبكاء احد طواقم الدفاع المدني عند إخراج طفلة من تحت الإنقاذ نتيجة القصف الإسرائيلي المجرم المستمر في كل مكان في غزة 💔🇵🇸💔💔 pic.twitter.com/sUecIYYZqk

— 🇵🇸غزةقاهرة الاعداء🇵🇸 (@9fiiv) July 26, 2024

 المتحدّث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، قال في تصريحات سابقة إن الدفاع المدني بغزة فقد 80% من إمكاناته وقدراته ما أثّر سلباً على عمل الطواقم، مضيفاً: "نحتاج إلى سيارات دفاع مدني وسيارات إطفاء وعدد كبير من المعدات".

 
وأشار إلى أن الدفاع المدني عاجز عن إزالة الكميات الهائلة من الركام التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية، وأن الاحتلال الإسرائيلي يمنع الطواقم من الوصول إلى مناطق انتشال الشهداء والمصابين، ما يتسبّب غالباً في رفع أعداد الضحايا.

 وأكد بصل أن الاحتلال الإسرائيلي يرفض أيّ تنسيق بين الدفاع المدني والصليب الأحمر لأداء المهام الإنسانية في القطاع.

صور إنسانية قاسية

أن تكون ضمن فرق عمل الدفاع المدني، يتطلّب منك أن تكون ذا إرادة صلبة وثبات انفعالي، إزاء المشاهد المروّعة والمجازر الوحشية التي يتعرّض لها سكان قطاع غزة على مدار الساعة..

الآن..
قصف عنيف جداً بيزلزل الأرض ومجازر لا تنتهي
ككل ليلة

انقطاع التيار الكهربائي على مستشفى الأندونيسي بسبب عدم توفير الوقود…

طيران الاحتلال يقصف طواقم الدفاع المدني في مخيم الشاطئ غرب غزة خلال نقلها لمصابين.

مشاهدة طيبة أيها العالم pic.twitter.com/mPq3QILQVf

— Wafaa' 🇵🇸 (@Elyeanwafa2) October 23, 2023

الأمر لا يتوقّف على انتشال الجثث أو رفع الأنقاض، فهناك جانب آخر من المآسي يعايشها رجال الدفاع المدني باستمرار، حيث كثيراً ما يسمعون بكاء مستغيث (ربما يكون رجلاً أو امرأة أو طفلاً)، لا يستطيعون الوصول إليه إلا بعناء شديد، وربما ينقطع الصوت قبل الوصول إلى المصاب ليكون قد لفظ أنفاسه شهيداً.

صورة أخرى ربما لا يتحمّلها كثير من الناس، تتعرّض لها طواقم الدفاع المدني بشكل دائم، حيث يُعثر على رضيع أو طفل صغير وحيداً بين أهله الشهداء، وربما تكون إحدى أطرافه مبتورة أو مصاباً من دون أن يكون بصحبته أحد من أهله.

أمانة في العمل

 
لم ينجح رجال الدفاع المدني في القيام بواجبهم الوظيفي فحسب، ولكنهم ما زالوا يبهرون الأنظار بما يتحلَّون به من أمانة وتفانٍ في العمل، حيث كثيراً ما يعثرون على أموال ومصوغات ذهبية ومقتنيات ثمينة، ربما لم يعد لها صاحبٌ بعد استشهاد الأسرة كاملة، ومع ذلك لا تمتد أيدي الأبطال المنقذين إلى شيء منها، بل يجمعونها ليعطوها إلى من تبقّى من العائلة أو وجهاء المناطق المنكوبة ليتمّ التصرّف فيها بحسب كل حالة.

من بطولات رجال #القسام و #المقاومه الي صمود الكادر الطبي والي إخلاص وأمانة رجال الدفاع المدني والاسعاف .#غزة برجالها لن تهزم بإذن الله #غزة_تحت_القصف pic.twitter.com/AVOegr4XGH

— LOAI .A.I.M (@LOAIAIM1) October 27, 2023

استهداف مباشر

 نيران القصف الإسرائيلي لا تستثني العاملين بمديرية الدفاع المدني، رغم كونهم محميين بموجب القانون الدولي، بل تعمد إلى استهدافهم بشكل مباشر، ضمن سياسة "الأرض المحروقة" التي يهدف الاحتلال من خلالها إلى ترسيخ قاعدة أنه "لا نجاة لأحد، ولا احترام لقانون، ولا استثناء لفئة".

ويأتي الاستهداف الإسرائيلي لطواقم الدفاع المدني في إطار سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق طواقمها التي تقدّم خدمات إنسانية بحتة وتسعى إلى إنقاذ الأرواح"، مع أن "ذلك هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ولكل اتفاقيات جنيف التي كفلت حرية العمل لمقدّمي الخدمة الإنسانية".

جرائم جديدة ضد الإنسانية تضاف إلى سجله.. الاحتلال دمر 70% من قدرات الدفاع المدني الفلسطيني في غزة#الدفاع_المدني#غزة #فلسطين#الميادين_Go pic.twitter.com/MZLDhwFg2o

— Almayadeen Go الميادين (@almayadeengo) January 8, 2024

 وفي الرابع عشر من تموز/يوليو الحالي، أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة، استشهاد عنصر ثالث تابع لها في المجزرة  التي ارتكبها الاحتلال في منطقة مواصي خان يونس (جنوب)، ما رفع عدد شهداء المديرية إلى 79 منذ اندلاع الحرب.

"مذبحة".. بهذه الكلمة وصف مراسل #الميادين في #غزة ما شاهده في مجزرة الاحتلال التي استهدفت المواصي في #خان_يونس ، مشيراً إلى أنّه رأى أشلاء لجثامين شهداء لا تتجاوز أعمارهم السنتين.#طوفان_الأقصى https://t.co/BsLJk9SiKI

— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) July 13, 2024

وقالت المديرية العامة للدفاع المدني، في بيان: "ارتفع عدد شهداء الدفاع المدني في المجزرة الإسرائيلية بمواصي خان يونس إلى 3 شهداء، بعد ارتقاء الشهيد الإطفائي بلال رمضان فرحان، متأثراً بإصابته الخطيرة".