قصة احتراق الـ"ميركافا" كرمى لشبل "خنساء فلسطين"

يوافق شهر آذار/مارس من هذا العام حلول الذكرى العاشرة لرحيل القيادية والنائبة في المجلس التشريعي المربية مريم فرحات التي لقبّت بـ"خنساء فلسطين" لتضحياتها الكبيرة، وتقديمها 3 من أبنائها.

  • الشهيد فرحات مع الراحلة والدته
    الشهيد فرحات مع الراحلة والدته "خنساء فلسطين"

"هذه لعيون أبو حسين فرحات.. الدبابة مشتعلة.. الجنود فحّموا جوّاتها".. هذه الكلمات قالها أحد مقاتلي "القسّام"  وهو يلتقط مشاهد وخلفه دبابة "ميركافا" للعدو، تحترق بكل من فيها بعد استهدافها بقذائف "القسّام" المضادة للدبابات، ثأراً لاغتيال الشهيد حسين فرحات قائد كتيبة الشجاعية.

ويأتي هذا العمل البطولي في مشهد كشفت عنه كتائب القسام في مقطع فيديو بثّته، الأسبوع الماضي بعد أيام قليلة من إعلان "جيش" الاحتلال عن عملية اغتيال لأبي حسين وسام فرحات، قائد كتيبة الشجاعية وابن خنساء فلسطين، ليردّ عليه أبطال القسام بمجزرة الآليات والدبابات التي وثّقها الإعلام العسكري بمشهد مهيب يغيظ الاحتلال ومن يقدمون له الدعم من دول العالم.

ويوافق شهر آذار/مارس من هذا العام حلول الذكرى العاشرة لرحيل القيادية في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والنائبة في المجلس التشريعي المربية مريم فرحات "أم نضال" التي لقبّت بأم الشهداء و"خنساء فلسطين" لتضحياتها الكبيرة، وتقديمها 3 من أبنائها شهداء.

اقرأ أيضاً: غزة مقبرة الدبابات والغزاة

وولدت مريم محمد محيسن فرحات، الشهيرة بأم نضال فرحات بعد عام من النكبة، في 24 كانون الأول/ديسمبر من عام 1949 لأسرة بسيطة من حي الشجاعية شرق مدينة غزة ، وتفوّقت في دراستها وقد تزوجت وهي في بداية الثانوية العامة.

ولم يمنعها الزواج من إكمال دراستها، فواصلت مسيرتها التعليمية، وقدّمت امتحانات الثانوية وهي حامل بمولودها الأول، وحصلت على 80%، وأنجبت 6 من البنين و4 من البنات.

حاضنة المقاومين

كما شكّلت "أم نضال" حاضنة حقيقية للفعل الفلسطيني المقاوم على مدار الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان بيتها مأوى للمجاهدين، والذي تحوّل إلى غرفة عمليات ينطلق منه القائد في كتائب القسام عماد عقل لتنفيذ عملياته العسكرية ضد الاحتلال، فيقتل ويصيب ويبثّ الرعب في قلوب جنود وقادة الاحتلال، ثم يعود إلى منزلها ليلتجئ فيه إلى أن استشهد داخله في تشرين الثاني/نوفمبر 1993.

اقرأ أيضاً: دبابات ومواقع الاحتلال تحت مرمى النار.. المقاومة تواصل عملياتها واشتباكاتها عند حدود غزّة

وقد سبق أبو حسين وسام فرحات إلى ميدان الشهادة والشهداء إخوته الثلاثة من قبل وهم نضال ورواد ومحمد، ولكل منهم قصته البطولية في توجيه الضربات الموجعة للاحتلال وجنوده وتطوير التصنيع العسكري في كتائب القسام.

"مهندس الصواريخ"

نضال فرحات  هو الابن البكر لخنساء فلسطين "أم نضال فرحات"، وهو قائد ميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وأوّل من صنّع صاروخاً في فلسطين برفقة الشهيد القائد – نحسبه – "تيتو مسعود"، ليُعرَف بين أوساط الفلسطينيين بأنه "مهندس الصواريخ" وصاحب فكرة تصنيع الطائرات المسيّرة.

استشهد القائد "نضال فرحات" عام 2003 في عملية اغتيال معقّدة نفّذتها أجهزة المخابرات الصهيونية، بعد زرع عبوةٍ ناسفة في طائرة صغيرة كان يُجهّزها مع إخوانه في وحدة التصنيع العسكري تعمل بالتوجيه عن بُعد، فقضى مع 5 من الشهداء في وحدة التصنيع القسامية.

  • قصة احتراق
    "خنساء فلسطين"

وأخوه الآخر هو الشهيد "رواد فرحات" الذي تربّى في أحضان عائلته المجاهدة، ورضع منها لبن الجهاد والاستشهاد منذ صغره، وترعرع وسط أسرته التي آوت بمنزلها عشرات القادة والمجاهدين.

يرتقي شهيداً – نحسبه- بعملية اغتيال إسرائيلية غادرة عام 2005 بقصف سيارته شرق مدينة غزة بعد حياة جهادية حافلة.

أما شقيقهم الأصغر الاستشهادي محمد فرحات ابن الـ (17 عاماً) الذي جهزّته أمه "أم نضال" بنفسها لتنفيذ عملية اقتحام لمستوطنة صهيونية، وظهرت معه في فيديو وصيته وهي تودّعه وتوصيه بأن يثخن في جنود الاحتلال، وألا يعود إلا محمولاً على أكتاف الرجال، فكان له ما أراد وأرادت بفضل الله؛ فلقد اقتحم البطل "محمد" عام 2002 مغتصبة "عتصمونا" جنوب قطاع غزة، وقتل لوحده 9 جنود صهاينة وجرح ما يزيد عن 20 جندياً آخرين باعتراف العدو.

قائد كتيبة الشجاعية

‏ من الجدير ذكره أنّ وسام فرحات أبو حسين هو قائد ميداني في كتائب الشهيد عز الدين القسام نجل فاطمة الجزار أم نضال الملقبة بـ "خنساء فلسطين"، وهي السيدة الفلسطينية التي اشتهرت بصمودها وبطولتها وتقديمها تضحيات كبيرة في سبيل تحرير فلسطين، تمثلت في استشهاد 5 من أبنائها، وثلاثة من أحفادها، إلى جانب شقيقها وصهرها، وتوفيت عام 2016.

وكان "جيش" الاحتلال زعم أنه اغتال قائد كتيبة الشجاعية أبو حسين وسام فرحات، ويتهمه الاحتلال بأنّه  تولى قيادة الكتيبة ابتداء من عام 2010 وقادها أيضاً في عملية "الجرف الصامد" (2014)، مؤكدا أن فرحات قاد خلالها أفراد الكتيبة في معارك جرت في الحي، ومنها حادثة احتراق وتدمير المدرَّعة العسكرية التي أوقعت ستة قتلى من جيشه.

‏كما يتهم الاحتلال فرحات بأنه ضالع في التخطيط لعملية طوفان الأقصى يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأنه قاد قوات النخبة في حماس بذلك اليوم نحو "كيبوتس ناحال عوز" والموقع المجاور له.

وتواصل المقاومة الفلسطينية تصدّيها لتوغّل الدبابات  والآليات الإسرائيلية على عدة محاور في قطاع غزّة، حيث يواجه الاحتلال مقاومةً ضاريةً تعوّق تقدّمه وتكبّده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.