فلسطين في البال.. رمضان يوقظ ليالي المدينة العتيقة في تونس
هنا حياة مختلفة، في كل تفاصيلها وإيقاعاتها، حياة يجتمع فيها الذِكر بالسمر في مشهد لا يمكن أن يكون إلّا في المدينة العتيقة، لا مقعد فارغاً في المقاهي. بعد الإفطار بوقت قصير يبدأ التوافد على المدينة العتيقة التي تصبح لياليها في رمضان ملاذاً للآلاف.
بعد أن كانت تنام مع غروب الشمس وتوصد أبوابها أمام المارين خلال سائر أشهر السنة في مشهد موحش أعتاده التونسيون، إلا أنه في شهر رمضان المبارك تكسر القاعدة وتبعث الروح في ليالي المدينة العتيقة في تونس فتحوّلها من مدينة تغطّ في سبات عميق إلى مدينة تعج بالحياة في كل تفاصيلها العريقة المتميزة ومقاهيها ذات الطابع التونسي التقليدي المميّز.
تبدّل الحال بالنسبة إلى هذه المدينة الغنية تاريخاً وجمالاً، تغيّر إيقاع الحياة فكل شيء يتغيّر في المدينة العتيقة خلال شهر رمضان، أزقتها الضيقة ومقاهيها توحي بأن إيقاع الحياة تغيّر، انطلاقاً من تداخل صدى الموسيقى الصوفية المتسللة من هنا وهناك، مع أصوات روّاد المدينة وصولاً إلى اختلاط روائح الشيشة المنبعثة من المقاهي مع وروائح البخور والعطور التقليدية وروائح الحلويات التونسية والشرقية والتي تصعب مقاومتها بعد يوم صيام.
هنا حياة مختلفة، في كل تفاصيلها وإيقاعاتها، حياة يجتمع فيها الذِكر بالسمر في مشهد لا يمكن أن يكون إلّا في المدينة العتيقة. لا مقعد فارغاً في المقاهي، بعد الإفطار بوقت قصير يبدأ التوافد على المدينة العتيقة التي تصبح لياليها في رمضان ملاذاً للآلاف يقصدونها إما للصلاة في جامع الزيتونة الذي يتوسّط قلب المدينة أو للسهر والتبضّع.
تغيّر إيقاع الحياة
فأحياناً كثيرة يتحوّل السير بين شوارعها الضيّقة إلى مشقّة وسط أمواج بشرية متراصة قادمة نحو المدينة العتيقة كوجهة رئيسية للتونسيين للسهر والتجوّل في أزقتها وبين معالمها التاريخية التي تعدّ شريان الحياة في المدينة، ويعدّ إيجاد مقعد فارغ في المقاهي من المهام الصعبة، خصوصاً بعد الانتهاء من صلاة التراويح، نظراً لكثرة الزائرين، الذين يتدفّقون على المدينة بحثاً عن نكهة رمضان التي تميّز "البلاد العربية" كما يسميها التونسيون.
وتمثّل "القهوة العربية"، أكثر الأشياء رواجاً في هذه المدينة، حيث يتفنّن أصحاب المقاهي في إعدادها، وتضاف إليها قطرات من ماء الزهر للحصول على نكهة رائعة، فليالي رمضان تحلّيها السهرات الفنية.
عروض فنية داعمة لفلسطين
ومن أبرز التظاهرات التي تقام في المدينة العتيقة مهرجان "ليالي المدينة" والذي يحتفي هذه السنة بدورته الأربعين التي تؤثثها سهرات كثيرة وعروض فنية داعمة للشعب الفلسطيني.
كما تعيش المدينة العتيقة على وقع مهرجانات ليلية مفتوحة تنظمها الفضاءات الثقافية في المدينة العتيقة، من ذلك عروض في فضاءات "رمضان باي"، "التروبينال"، "الدريبة"، "الراشيدية" و"الطاهر الحداد".
وتتميّز العروض أمام زوّار المدينة العتيقة بالتنوّع بين ألوان شبابية وأخرى ذات طابع ديني وصوفي، في أجواء روحانية جذابة.
وتتميّز ليالي المدينة العتيقة بازدهار أسواقها التي يبلغ عددها 40 سوقاً، حيث تزداد حركة البيع والشراء نظراً للإقبال الكبير عليها وينتعش العمل التجاري طوال شهر رمضان ليبلغ ذروته خلال العشرة الأيام الأخيرة من الشهر الكريم.
ويكثر بيع الحلويات والذهب والملابس استعداداً للعيد، وتباع في المدينة القديمة منتوجات الصناعات التونسية التقليدية، وتزدهر خلال شهر رمضان تجارة مختلف أنواع الحلويات التقليدية التي يقبل عليها التونسيون خلال شهر الصيام، من ذلك "المقروض" و"الزلابية".
وتعتبر مدينة تونس العتيقة الجزء العتيق من مدينة تونس، حيث تأسست عام 698م حول جامع الزيتونة، وصُنّفت منذ عام 1979 ضمن لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو.