"ضيعة ضايعة" السورية بعد عام على الزلزال
منذ عام بالتمام مادت الأرض في سوريا وتركيا، بسبب زلزال قوي أفضى إلى عددٍ هائل من الضحايا، الميادين نت واكب الحدث يومها بتغطية ساعةً بساعة، واليوم يطمئن على واقع قرية السمراء السورية الواقعة قرب الحدود التركية، التي صوّر فيها مسلسل "ضيعة ضايعة" الشهير.
عام انقضى على زلزال سوريا وتركيا المدمّر، في مثل هذه الهنيهات واللحظات منذ 365 يوماً زلزلت الأرض زلزالها الكبير، فماد أديمها وتحركت الفيالق وكبرت الصُدع.
مفقودون وضحايا وجرحى تحت الأنقاض، أبنية وقرى دمرّت عن بكرة أبيها، هلع وجزع، الجميع مرتاعٌ مرتعب واجف، مترقّب لأخبار مئات الهزّات الارتدادية في تركيا وسوريا ولبنان ودول منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وغيرها.
ففي فجر 6 شباط/ فبراير الجاري، ضرب زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلّف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
وتجاوز عدد وفيات الزلزال المدمّر، الذي ضرب سوريا وتركيا، عتبة 50 ألفاً، بينهم 5951 في سوريا، و44374 في تركيا.
وألحق الزلزال دماراً هائلاً في مناطق سورية واسعة من محافظات حلب وإدلب وحماه واللاذقية وطرطوس، ليضاعف مآسي شعب يعاني، منذ نحو 13 عاماً، من جرّاء الحرب والعقوبات المفروضة على سوريا.
بعد تنفّس معظم المناطق السورية الصعداء وعودتها إلى كنف الأمان رغم محاولات الجماعات المسلحة استباحتها، نشطت العزيمة السورية في إعادة وتين الحياة إليها.
لم يكن يعنّ على بال أهالي قرية "السمراء" السورية الحدودية مع تركيا أن قريتهم الصغيرة ستصبح في يومٍ من الأيام، واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في الساحل السوري.
فـ "السمراء" التي تبعد عن بلدة "كسب الشهيرة قرب تركيا 1 كم فقط، أصبحت مقصداً للسواح من مختلف دول العالم بعد تصوير مسلسل "ضيعة ضايعة" الذي وضع القرية على خارطة السياحة السورية.
الواقع يكذّب الإشاعات
وفي حين كثرت الاشاعات حول دمار كبير لحق ببلدة "السمراء" التي صوّر فيها مسلسل "ضيعة ضايعة" الذائع الصيت، ذهب الإعلام ووسائل التواصل بعيداً في تضخيم بعض الحقائق، من دون الرجوع إلى أرض الواقع، وقد تكون لبعضها غاية مؤداها بثّ المزيد من اليأس وتثبيط النفوس، وسد إيّ كوّة للأمل.
تحدثت هذه الوسائل عن "دمار شامل" لم يبقِ ولم يذرّ لبلدة السمراء الجميلة فكانت العناوين على شاكلة: ("الزلزال يدمّر منازل "ضيعة ضايعة"، "السمرا باتت مدمرة بعد الزلزال"، هذا ما حلّ بـ "ضيعة ضايعة"؟، "لم ينجُ أحد اليوم.. انهيار منازل المسلسل السوري "ضيعة ضايعة").
يومها، تواصل الميادين نت فوراً مع مختار البلدة أبراهام غازاريان الذي واكب شؤون بلدته بحذافيرها منذ وقوع الزلزال المدّمر، ونشرنا تقريراً حول ذلك لطمأنة القرّاء حول وضع البلدة الريفية.
وبعد الزلزال كان وضع منازل المسلسل على الشكل التالي:
-منزل المختار عبدالسلام بيسة بحالة جيدة، ولم يتعرّض لأي ضرر أو انهيار بسبب الزلزال.
- بيت اسعد الخرشوف الذي تم تصوير مسلسل ضيعة ضايعة في الجزء الأول، بوضع جيد ولم يتعرّض لاي ضرر بفعل الهزة الارضية.
- منزل جاره جودة ابوخميس انهار جزء من أحد جدرانه.
- بيت "سلينغو": هدم درج البيت والواجهة الجانبية المقابلة للدرج.
- منزل أسعد في الجزء الثاني من مسلسل ضيعة ضايعة لم يتعرضا للأذى.
وبالفعل كان لهذا التوضيح، الوقع الحسن في تصويب الحقائق ونقل "الواقع كما هو".
وبالرغم من وقوعها في شمال غرب سوريا وقربها من الحدود التركية الا انها كانت الأقل تأثرا بالزلزال المدمر اأ ما يُعرف بزلزال السادس من شباط ! بيوت القرية القديمة المبنية من الحجارة والطين والسقف المبني من الحطب استطاعت النجاة من الكارثة الطبيعية، كما لم تسجّل في القرية اي اصابات بشرية بين سكانها .
كيف تبدو القرية بعد عام على الزلزال؟
الميادين نت عاود الاتصال اليوم الثلاثاء بالمختار غازاريان فعلم أن "الوضع في البلدة جيد جداً، فتضافر جهود الوزارات المختصة والمجتمع الأهلي والبلديات المختصة أدى إلى إعادة البنى التحتية وترميم ما تهدّم من بيوتها الـ 50، باستثناء منزل "جودي".
قصد آلاف الزوار السوريين والعرب والأجانب قرية "السمراء" في العام المنصرم، وهم قصدوا هذا المكان الرائع بسبب مناظره الطبيعية الأخّاذة وجباله الملامسة للبحر، كذلك بفعل الطابع القروي "العذري" لها وسط الطبيعة.
اقرأ أيضاً: خاص"الميادين نت": هذا هو الواقع في "ضيعة ضايعة" بعد الزلزال
وأضاف المسلسل رونقاً خاصاً على المكان، لجهة تسمية المنازل باسم الممثلين والفنانين، ما جعله متحفاً فنياً بامتياز.
وهنا يقول المختار "الزوار قصدوا القرية بشكلٍ متزايد، فكل ما فيها سليم ويدعو إلى تكرار الزيارة، كما أن أهالي القرية يستقبلون الزائر بحفاوة قروية وطيبة أهل سوريا وساحلها".
وتنظم في البلدة صيفاً نشاطات متعددة تستقطب الزوّار من كافة الأرجاء، وهنا يدعو القيّمون على البلدة عبر الميادين نت إلى الاستفادة من التخييم في الطبيعة، والسباحة في مياه البحر، والتعرّف إلى الطعام القروي المميز لأهل سوريا.
البلاد ستعود
وعن حياة الناس بعد الزلزال يقول المختار "السوريون تعوّدوا على المصاعب، فهم شعب جبّار لا يعرف اليأس"، وهنا يقول ابن الشمال السوري الكاتب الشاب سامر عوض للميادين نت "البلاد ستعود، فمنطقة الساحل السوري بصورة عامة ومنطقة السمراء بشكلٍ خاص، تعرضّت لشتى صنوف الزلازل، وها قد مات نيرون وبقيت روما، ورغم الزلازل ستعود هذه المنطقة للمجد الأول".
ولطالما ردد رئيس بلدية كسب، بأن قرية "السمرة" تتميّز بيوتها التراثية القديمة التي تزداد جمالاً بمجاورة الفيلات والبيوت الحديثة لها، وهذا ما أعطى المنطقة رونقاً خاصاً نظراً لتمازج الحضارة مع عبق التاريخ، أما بالنسبة للمسلسل قال "جباريان" بأنه ساهم بشكل كبير في الترويج للقرية سياحياً، حيث أصبح يؤمها عشرات الآلاف في موسم الصيف لزيارة المنازل التي كان يعيش فيها أبطال المسلسل، وللتجول في طرقات القرية التي أصبح لها شهرة موازية لمصيف كسب".
وأضاف: "القرية تتكون من عدة تجمعات سكنية أو حارات، تمتدّ على جانبي الطريق، وهي: الصلبة- قلم دريان- منجكيان- صاغدجيان- صوليان- البحر. وتعتبر حارة الصلبة أعلى نقطة فيها، حيث ترتفع 763 متراً عن سطح البحر، وحارة البحر تعتبر أخفضها "50 متراً فقط".
قصص جميلة من البلدة
غالبية سكان القرية يتكلمون اللغة الأرمنية والعربية ويتكلمون أيضاً لهجة محلية تدعى "الكسبلية" نسبة إلى مدينة كسب، وزاد تصوير المسلسل في القرية من شهرتها، وهي التي تعتبر موقع اصطياف للكثير من العرب والسوريين، كونها تتمتع بجو لطيف وطبيعة خلابة.
الكثير من القصص الجميلة رافقت زوار قرية السمرا التي تتبع بلدة كسب وتقع على الحدود السورية التركية غير أنه مهما تناقلت الألسن عن روعة تلك القرية يبقى ما يسمع ويقال مجرد كلام لن يشعر المرء بصدقه ما لم يزرها.
ويصادف المرء أثناء زيارته للسمرا أشياء جديدة لم يسمع عنها أو لم يشاهدها في مسلسل ضيعة ضايعة الشهير الذي عرف بالقرية فبعيداً عن منازل القرية الذي لا يتعدى عددها أصابع اليد هناك بالقرب من شاطىء البحر يوجد غابات كثيفة وصخور عملاقة تنبت على سطحها أعشاب وورود وأزهار غريبة ذات لون قرنفليّ مميز.
تم عرض مسلسل "ضيعة ضايعة" بين عامي 2008 و2010، وهو من تأليف الكاتب السوري ممدوح حمادة، وإخراج الليث حجو، وتمثيل نضال سيجري، آمال سعد الدين، أندريه سكاف، الليث حجو، باسم ياخور، تولاي هارون، جمال العلي، جائزة تايكي، جرجس جبارة، حسين عباس، رواد عليو، رنا الحريري، رافي وهبي، زهير رمضان، فادي صبيح، غادة بشور... وغيرهم من ممثلي الدراما السورية.
ويذكر أن الفنانين فادي صبيح وباسم ياخور، نظما قافلة مساعدات إلى منطقتي جبلة واللاذقية، للمتضررين من الزلزال الذي ضرب سوريا.
وتفاعل عدد كبير من الجمهور العربي والمتابعين، مع قيام الفنانين بذلك التطوّع، معربين عن إنسانيتهما، وإعطائهما الأولوية لمثل تلك الظروف، وخاصةً الفنان السوري باسم ياخور، الذي فُجع قبل أيام قليلة من الزلزال بوفاة والده، الكاتب والصحافي إبراهيم ياخور.
وكانت آخر كارثة طبيعية تعرضت لها قرية السمراء في العام 1942 بعد حدوث انهيار صخري كبير أدى لتدمير منازلها.