راوية السبلاني: هكذا انتصرت على الاحتلال
عند الامتحان يكرم المرء أو يهان.. وفي الملمّات والشدائد تشحذ الهمم، كما في العدوان على لبنان، حيث رفض مواطنوه الرضوخ لما حاول الاحتلال فرضه من تثبيط للعزائم والهمم وانتصروا.. فماذا فعلت الشابة راوية السبلاني لتثبت "صمودها" رغم كل ما جرى؟
راوية السبلاني أحفظوا اسم هذه الشابة اللبنانية النشيطة المتوقدة نشاطاً رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها، ويعيشها بلدها لبنان، وهي لم تقبل الجلوس في مركز إيواء فعملت لتكون نموذجاً لغيرها،ولتبرهن على "ثقافة الحياة"، وهي بالطبع كانت من أوائل العائدين إلى الجنوب.
لا شك أن الشباب اللبناني يلعب دوراً رئيسياً في رفد ناسه وبلده بمبادرات التعافي والحرص على بلسمة الجراح، كلٌّ من موقعه، ووفق قدراته، "ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا"، كما جاء في الآية الكريمة.
عدم اليأس والقنوط، سمتان تطبعان رواية صاحبة الـ 33 ربيعاً، وهما صفتان تدمغان كل لبناني، فكيف إذا كانت الشابة من بعلبك في البقاع (شرق لبنان) وتسكن في الجنوب؟
السبلاني للميادين نت: الاحتلال لن يكسرنا
توضح لـ الميادين نت أنها كانت تقطن في البقاع والظروف العائلية والحياتية جعلتها تقيم متجراً لبيع الثياب في العباسية- قضاء صور، وككل الناس لاقت نفسها مضطرة لترك محلها مؤقتاً، بسبب العدوان الهمجي.
روح راوية، حفزتها للعمل والبذل، "بعد مرور وقت على نزوحي إلى منطقة اهدن (شمال لبنان) شعرت أنه من الواجب عليّ أن "أرجع للشغل"، على قاعدة أن الاحتلال لن يكسرنا، وتبلورت الفكرة في رأسي.. فكل إنسان يستطيع المقاومة من مكانه، وبمجرد نزولي للشغل يعني أنني بذلك كسرت الهدف الإسرائيلي الذي يحاول منعنا نن مواصلة حياتنا الطبيعية".
نحن طلاب حياة
وكما يقول محمود درويش " نحن نحب الحياة، ما استطعنا إليها سبيلاً" مضت الصبية في تنفيذ فكرتها، رغم معارضة الأهل والأصدقاء، خوفاً عليها، وكان لسان حالها يقول "ما أقوم به دليل على أننا من طلاب الحياة، وليس الموت كما يدعي البعض في البلد والإعلام".
"على الرغم من الخطر وتحذيرات جيش الاحتلال، قصدت الجنوب وسحبت ما استطعت سحبه من بضاعة محلي"، وتضيف " عدت إلى إهدن مكان نزوحي، وأخذت أصوّر البضاعة للزبائن، وهنا قررت أن أوصلها لهم لسببين : لتسهيل عملية الشراء، وكأنهم في المحل يختارون ويقيسون ويشترون، والسبب الثاني أن أقابلهم وأطمئن عنهم فهم ليسوا زبائن فقط، بل أهل وأصدقاء".
عرض البضاعة على الأشجار!
الشابة اللبنانية التي درست "إدارة الأعمال"، تتقن عملها بحنكة، خاصة وأن الله قد حباها بقدرة على الاقناع، وعنصر المبادرة المقرون بروح النكتة، "انتقلنا إلى منطقة جبل لبنان، و بدأت بفكرة تصوير البضاعة في الغابة، وتعليق الثياب على أغصان الشجر!"
لاقت فكرة راوية الصدى الإيجابي، خاصة وأنها فكرة مبتكرة، في عالم تسويق الثياب، وتوضح "وجدته المكان الأنسب ومن خلاله أنا أرسل رسالة أنه ولو كنا في حرب، ولم يكن لدينا ما يساعدنا من وسائل ومكان، فعلينا أن نشتغل و نثابر، بل يعتبر هذا واجباً علينا أن يسقط كل واحد منا هدف العدو بالحرب من موقعه، وهو الذي يهدف دوماً إلى زرع اليأس و الخوف عند الناس".
تبرعت بجزء من المبيع للنازحين
و في هذا السياق، تستشهد بكلمة لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله يقول فيها "اليأس خلق للضعفاء وخلق للفاشلين وعديمي الإرادة وفاقدي العزم، لا تسمحوا لليأس ان يتسلل إلى عقولنا وقلوبنا".
و كما أن أحد الأهداف أن أتبرع لو بجزء من المدخول أو من البضاعة لبعض النازحين.
أما عن طريقة الشغل فهي أن أضع تشكيلة من البضاعة في الحقائب ليختار منها الزبون، وهكذا لا يشعر بفرق الخدمة عن ما قبل الحرب، أي كأني في محلي".
و لا أخفي عليكم فإن جمع "الطلبيات" ليس سهلاً، وأنا أوصلهم بنفسي إلى مناطق في بيروت العاصمة ،البقاع ،الجبل والشمال.
طموح: دراسة وحب للأرض
طموح راوية كبير فهي ستستمر بتوسيع تجارتها وتطويرها بأفكار جديدة، وهي "مبدعة" في إعداد الفيديوهات الترويجية لبضاعتها بكاريزما عالية.
راوية التي تترقّب وقف إطلاق النار للعودة إلى محلها وبيتها في الجنوب تطمح لدراسة اختصاص العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
سأفتح محلاً جديداً
وهنا تؤكد "طبعا أنا أحب الجنوب كثيراً، أرض الجنوب أرضي، و أهله هم أهلي وناسي رغم أنني من بعلبك ، ولديّ انتماء كبير لهذه المنطقة .وكان باستطاعتي نقل شغلي إلى بيروت ، لكن حبيّ للجنوب جعلني أبقى فيه".
وفي تأكيد على ذلك، تقول أفكّر بإذن الله بفتح "شغل جديد"، في رسالة للاحتلال انه لو مهما فعلوا لن نترك الجنوب وسنبقى متمسكين بالأرض، مهما فعلوا".