تعرفوا على قرية بتير الفلسطينية المدرجة على قائمة التراث العالمي
قرية بتير الفلسطينية جنوبي القدس المحتلة والمدرجة على قائمة التراث العالمي مهددة بالاستيطان الإسرائيلي.. وأهالي القرية بخشون من سرقة قريتهم حيث يعتزم الاحتلال بناء بؤرة استيطانية جديدة على أراضي القرية التراثية.
على إحدى تلال قرية بتير الفلسطينية جنوبي القدس المحتلة، وبالقرب من حقول الزيتون المملوكة لعائلة عليان عليان، يقوم إسرائيليون ببناء بؤرة استيطانية جديدة غير قانونية على أراضي البلدة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
يواجه عليان عليان وجيرانه منذ فترة طويلة محاولات الاستيطان في أراضي بتير المعروفة بمدرجات الزيتون التي لا تزال مستغلة وبنظام ري ضارب في القدم.
وتتزايد بناء البؤر الاستيطانية الإسرائيلية منذ بدء الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مع أنّ جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
يقول غسان عليان (61 عاماً) أحد أفراد العائلة في حديث لوكالة (فرانس برس): "أمرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي القائمين على البؤرة الاستيطانية الجديدة القريبة من بتير، بالإخلاء لأنها بنيت بدون موافقة الحكومة، وتعتبر غير قانونية بحسب القانون الإسرائيلي".
وأضاف عليان: "لم يتم تنفيذ الأمر بسبب الحرب".
وتمّ رفع علم الاحتلال الإسرائيلي على سارية في البؤرة الاستيطانية الجديدة، كما وضعت عدة بيوت نقالة وحظيرة للاغنام في منطقة تغطيها أشجار زيتون يملكها فلسطينيون.
بدوره قال عليان عليان (83 عاماً): "أنا أكبر من دولة إسرائيل.. لقد حرثت الأرض وزرعتها حتى أنتجت أشجاراً مثمرة"، مضيفاً بصوت مرتعش "عمر بعض الأشجار 50 عاماً أو أكثر، وفجأة جاء المستوطنون وأرادوا أن يلتهموا الأرض ويأخذوها منا".
وأكّد: "سأذهب إلى أرضي وأهتم بها حتى لو كلفني ذلك حياتي".
إقامة البؤرة الاستيطانية ليست مصدر القلق الرئيسي لعائلات بتير بل مستوطنة "حيليتس" التي يُخطط لبنائها مستقبلاً بجوار قرية بتير.
وفي هذا الإطار يقول يوناتان مزراحي، من "منظمة السلام الآن" غير الحكومية، إنّ "حيليتس واحدة من خمس مستوطنات ستكون في عمق الأراضي الفلسطينية، وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية في 27 حزيران/يونيو الماضي".
وأضاف أنّ "المستوطنة ستعرقل الحياة والعمل في بتير وستؤدي بطرق عدة إلى حدوث توتر ".
وتقع البؤرة الاستيطانية الإسرائيلية العشوائية ومستوطنة حيليتس التي أقرّ إقامتها، داخل منطقة بتير المحمية من اليونسكو، وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية، في الضفة الغربية المحتلة. ويؤمن لها إدراجها على هذه القائمة مساعدة فنية وقانونية ومادية لحفظها من أي خطر.
يلهو أطفال القرية في عين بتير احتماءً من وطأة الحر. وتعود عين الماء هذه إلى العصر الروماني وتروي المدرجات حيث تزرع البندورة والذرة والباذنجان والزيتون.
ومدرجات بتير الزراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة التي عمرها أكثر من 2000 عام. وأكسبت هذه المدرجات القرية ادراجها على قائمة التراث العالمي في العام 2014.
لكن هذا الادراج لم يشفع لها لمنع الاستيلاء على الأراضي الزراعية المحيطة بها.
ولجأ سكان بتير الفلسطينيين إلى المحاكم الإسرائيلية ثلاث مرات ضد البؤرة الاستيطانية العشوائية المقامة على أراضيهم. لكن غسان عليان يقول إنّ جلسات الاستماع قد تتأجل لأنها لا تعتبر أولوية خلال الحرب الحالية، مشدداً على أنه غير متفائل بالنتيجة.
وبحسب عائلة عليان فإنّ الهدف من إقامة مستوطنة "حيليتس" ربط مدينة القدس بمجمع مستوطنات "غوش عتصيون"، في عمق الضفة الغربية. وإذا تحقق ذلك، فسيتم عزل بتير والقرى الفلسطينية المجاورة عن مدينة بيت لحم وبقية الضفة الغربية المحتلة، وهي عملية قد تؤدي إلى تفتيت الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وفي وقت سابق، أقر ّ مسؤول إسرائيلي في حديث لوكالة (فرانس برس) عندما سُئل عن البؤرة الاستيطانية في بتير بأنه "تمّ إنشاء مزرعة إسرائيلية من دون الحصول على الترخيص المناسب"، مضيفاّ أنه "سيتم دراسة إمكانية تشريعها، وذلك مع بدء تطوير مستوطنة حيليتس".
كما أقرّ المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ "سكان بتير أثاروا عدة ادعاءات بأنّ الأرض ملك لهم"، لكنهم "لم يقدموا وثائق تدعم موقفهم"، بحسب زعمه. فيما أكّد غسان عليان أنّ "وجود وثائق من العصر العثماني تثبت ملكية سكان بتير للأرض".
وفي السياق قال متحدث باسم اليونسكو إنّ "لجنة التراث العالمي أُبلغت عبر تقارير عن أعمال بناء غير قانونية في بتير"، موضحاً أنّ "قضية بتير ستناقش في جلسة تعقد أواخر تموز/يوليو الجاري".
وفي 6 تموز/يوليو الجاري قررت "إسرائيل" ضم أكثر من اثني عشر ألف دونم من أراضي الفلسطينيين إلى أراضيها، في خطوة أخرى ضمن سياسة قضم الضفة الغربية لفرض السيطرة عليها بشكل كامل.
وفي أواخر العام 2023، تناول الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس الاتحاد، جوزيب بوريل، قضية توسع الاستيطان الذي تستمر فيه حكومة الاحتلال، معتبراً تخصيص "إسرائيل" أموالاً جديدة لبناء مزيدٍ من "المستوطنات غير القانونية" خلال الحرب هو "أمرٌ مروّع".
وشدّد بوريل على أنّ بناء المستوطنات لا علاقة له بالدفاع عن النفس، كما أنّه "لن يجعل إسرائيل أكثر أمناً".