سكينة - سكنة - سكن
السَكَنُ والسَكِينَةُ كلاهما من أصل لُغوِيّ واحد هو السين والكاف والنون، يدلّ على الهدوء والطمأنينة والوداعة والوقار والمهابة وضدّ الاضطراب والحركة.
ومن هذا الأصل اشتُقّت أسماء جميلة رقيقة محبّبة مثل سَكينَة، وسُكَينَة، وسَكَن وكلها أسماء إناث استعملها العرب قديماً ولا تزال شائعة.
فالسَكينةُ الهدوء والطمأنينة. ومنه قُرآناً "هو الذي أنزلَ السَكينةَ في قلوبِ المؤمنين".
والسُكون هو التوقف عن الحرمة. وقد سَكنَ الشيءُ يسْكُنُ، سُكوناً، إذا توقفت حركتُه وهدأ، فهو ساكِن. وسكنت الريحُ هدأت بعد هبوب. وسكنَ الألمُ إذا خفّت حِدّتُه. وسَكَنَ إلى فُلانٍ، إذا أنِسَ به
واستراح إليه.
وسَكنَ المكانَ، وفي المكان، أقام فيه. والسَكنُ والسُكنى المنزل. والسكنَ الزوجة، لأن الزوج يسكنُ إليها ويأنس بها.
وقد جمع الشريفُ الرَضِيُّ (970 - 1016) بين المَعنَيَيْن، السكن والزوجة، في قوله:
تَوَقّعي أن يُقالَ قد ظَعَنا
ما أنتِ لي مَنزِلاً ولا سَكَنا
يا دارُ قَلَّ الصديقُ فيكَ فَما
أحِسُّ وِدّاً ولا أرَى سَكَنا
ومن هذه المعاني أخِذَ اسمُ العلم المؤنث سَكَن. وعليه قول أبي تَمّام حبيب بن أوس الطائي (804 - 846) في مَن اسمها سَكَن:
عَنّتْ لهُ سَكَنٌ فَهامَ بِذِكرِها
أيُّ الدموعِ وقد بَدَت لم يُجرِها
بَيضاءُ يُحسَبُ شَعرُها مِن وَجهِها
لمّا بَدا أو وَجهُها مِن شَعرِها
تُعطيكَ مَنطِقَها فَتعلمَ أنّهُ
لِجَنَى عُذوبَتِهِ يَمُرُّ بِثَغرِها
ومن السَكَن اشتُقّ اسمُ سُكَين بصيغة التصغير. وسُكَينُ أيضاً ترخيمُ سُكَيْنَة. وهو اسم مأخوذ من السَكينَة وهي الطمأنينة والوقار والهدوء. والسُكَينة أيضاً الجاريةُ الخفيفة الظريفة النَشِطَة. وكان هذا الاسم شائعاً عند عِليَة القوم. وذُكر في قصائد عدد من الشعراء منهم عُمَر بن أبي رَبيعة المُغَيريّ (644 - 711) الذي كان يلتقي سُكَينةُ بنت خالد من آل الزُبَير وفيها يقول:
قالتْ سُكَينةُ والدموعُ ذَوارِفٌ
منها على الخَدّين والجِلبابِ
لَيتَ المُغيرِيَّ الذي لم نَجْزِه
فيما أطالَ تَصَيُّدي وطِلابي
كانتْ تَرُدُّ لنا المُنَى أيّامُنا
إذ لا نُلامُ على هوًى وتَصابي
أسُكَينْ ما ماءُ الفُراتِ وطِيبُهُ
مِنّا على ظَمَإ وحُبِّ شَرابِ
بِألذِّ مِنكِ وإن نَأيتِ و قَلّما
تَرعَى النِساءُ أمانةَ الغُيّابِ
على أنّ اسم سُكَينَة يحتلّ مرتبةً رفيعة حتى الوقت الحاضر لأنه ينطوي على التَيَمُّن بالسيّدة سُكَينَة بنت الإمام الحُسَين وحفيدة الإمام علي بن أبي طالب.
قيل إن سُكَينة لقبٌ لها وإن اسمها آمِنَة سمّاها أبوها على اسم جدّتها آمنة بنت وهب أم النبي، ثم لَقّبتها أمُّها الربابُ بنت امرئ القيس بِسُكَينة وهي طفلة، وذلك لأن قلوب أهلها كانت تسكن، أي ترتاح، إليها لفرط فرَحها ومرَحها فغلب عليها هذا اللقب. شهدت واقعة كربلاء مع أمّها وأختها رُقَيّة وروت أحداثَها. تُعَدُّ من أشجع النساء وأصبَرِهنّ. وُصِفَت بأنها سيّدة نساء عصرها لكمالها وأخلاقها وأدبها وفصاحتها وعِبادتها. وكان الإمام الحسين يُحبّها وأمَّها حُبّاً شديداً ويُنسَبُ إليه قولُه:
لَعَمرُكَ إنّني لَأحُبُّ داراً
تَحِلُّ بِها سُكَينَةُ والرَبابُ
أُحِبُّهما وأبذُلُ جُلَّ مالي
ولَيسَ لِلائمي فيها عِتابُ