منذر - نذير
لاسم منذر علاقة بقصة محزنة بطلها طرفة بن العبد المعروف بالفتى القتيل.. تعالوا لنعرف القصة!
أبا مُنذِرٍ كانت غُروراً صَحيفتي
ولم أُعطِكم بالطَوعِ مالي ولا عِرضي
أبا مُنذِرٍ أفنَيتَ فاستَبقِ بَعضَنا
حَنانَيكَ بعضُ الشَرِّ أهوَنُ مِن بَعضِ
هذان البيتان من قصيدة لطرَفة بن العبد (538-564) المعروف بالفتى القتيل قالها وهو مسجون في بلده البحرَين، قبل أن يقتله الوالي بأمر من أحد ملوك المناذرة عمرو بن هند وكُنيته أبو المُنذِر.
وكان طرفة فتى شاعراً نبيلاً قصد مع خاله الشاعر المعروف بالمتلمّس الحِيرة بالعراق عاصمة المناذرة، فمدحا الملك وأصبحا من ندمائه.
وفيما كانوا في مجلس شراب دخلت عليهم أخت الملك فرآها طرفة وتغزّل بها، فاغتاظ الملك وعزم على قتل طرفة وخاله. ثم إنه قال لهما: لعلكما اشتقتما لبلادكما وها أنا مرسل معكما كتابين أوصي فيهما والي البحرين بأن يكرمكما ويعطيكما جوائز.
وفي الطريق شك المتلمّس بمضمون كتاب الملك ففتحه فوجد فيه أمر الملك للوالي بأن يقتله فأخبر طرفة بالأمر، وقال له إن كتابه هو أيضاً فيه أمر بقتله ودعاه إلى أن يهرب معه إلى الشام. أبى طرفة وأصرّ على المضي إلى البحرين قائلاً لخاله: "إن الملك إذا اجترأ عليك فما كان ليجترئ عليّ". ومضى في سبيله إلى أن سلّم الكتاب إلى والي البحرين، وكان أن قُتل.
وأما المناذرة فهم سلالة من آل نصر ملوك اللخميين أسسوا مملكة في العراق واتخذوا الحِيرة عاصمة لهم. عُرفوا بالمناذرة لأن خمسة من ملوكهم حملوا اسم المُنذر. وكانوا موالين للفرس مقابل الغساسنة في الشام، الذين كانوا موالين للروم. وكانت الحروب مستمرة بينهما.
واسم الُمُنذر أو مُنذر مأخوذ من المادة اللغوية المؤلفة من الميم والنون والراء، وتدل على الإعلام والتنبيه والتحذير والتخويف.
والمُنذر اسم الفاعل من أنذر. وقد أنذره، يُنذره، إنذاراً، إذا أعلمه بالأمر وخوّفه منه قبل وقوعه. فهو مُنذر، ويأتي المُنذر بمعنى الرسول في القرآن الكريم، "إنّما أنت مُنذِرٌ ولكل قومٍ هاد".
واسم مُنذر قديم. وكان والد زوجة الشاعر الجاهلي عُروَة بن الوَرد، المعروف بِعُروٍة الصعاليك، يدعى مُنذراً. وقد نهته مرة عن الخروج والمغامرة في طلب الغنائم التي كان يتقاسمها مع أمثاله من الصعاليك فقال لها:
أقِلّي عليَّ اللومَ يا ابنةَ مُنذِرٍ
ونامي فإنّ لم تشتهي النومَ فاسهري
ذَريني ونفسي أمَّ حسّانَ إنني
بها قبلَ أن أملكَ البَيعَ مُشتَري
ذَريني أطَوّفْ في البلادِ لعلّني
أخلّيكِ أو أغنيكِ عن سوء مَحضري
وأبو مُنذر عند العرب كُنية الديك، لأنه يبشر بقدوم الصباح.
ونَذير اسم علم مذكر مثل مُنذر، ويعني الرسول أيضاً، منه قرآناً "وما أرسلناكَ إلّا مُبشّراً ونَذيراً".
والنذير والمُنذر بمعني واحد وكلاهما بمعنى الرسول والمُحذّر والمخوّف، مؤنثه نذيرة.
والنذيرة أيضاً ما يُعطى نَذْراً. والنذيرة هو طليعة الجيش، وهو الرجل الذي يرسله الجيش ليعلمهم بأمر العدوّ.
ومن أمثالهم: «أنا النذير العُريان».وذلك أن الرجل إذا رأى الغارة قد فجِئتهم وأراد أن يُنذر قومه تجرّد من ثيابه وأشار بها ليعلِمهم بالغارة فيتأهّبوا لها.