شماء - شيماء

هَلْ حَبْلُ شَمّاءَ قبلَ البَينِ مَوصولُ
أم ليسَ لِلصَرْمِ عن شَمّاءَ مَعدولُ
أم ما تُسائلُ عن شَمّاءَ ما فَعَلتْ
وما تُحاذِرُ مِن شَمّاءَ مَفعولُ
 بانَتْ وكانت إذا بانَتْ يَكونُ لها
رَهْنٌ بما أحكَمَتْ شَمّاءُ مَبتولُ

هذه الأبيات هي، كما يدلّ بناؤها ومُفرداتها من الشعر القديم وهي للشاعر الجاهلي طًفَيل الغَنَويّ (ت 609)، وكان شاعراً مُجيداً ومن أوصف العرب للخيل.

وليست الخيل ما يعنينا هنا، بل تلك المرأة الحسناء التي أولِعَ بها الشاعر واسمها شَمّاء. وقد آذنت لِلبَين أي المفارقة. ويتساءل أما زالت تبادله الحب ويخشى من تقلّبها وأن تقطع حبل الوصال، وكل ذلك من أبواب الغزل المطروقة في الشعر العربي قديماً.

واسم العلم المؤنث شَمّاء مأخوذ من الشَمَم، وهو في الأصل الارتفاع، ثم استعير للدلالة على العزّة ورفعة المقام.

والشمّاء من النساء هي السيدة ذات الشَمم. يقال: شَمّ الرجلُ، يَشَمُّ، شَمَماً، إذا تكبّر، فهو أشَمُّ، والمرأة شَمّاء. وشَمّ الأنفُ، إذا ارتفعت قَصبَتُه مع الحُسن والاستواء، فهو أنفٌ أشَمُّ.

ورجلٌ أشَمُّ، إذا كان له مثل هذا الأنف. والجمعُ شُمٌّ. وقومٌ شُمُّ الأنوفِ أي ذوو رِفعة وحَمِيّة وأنفَة وهو مدحٌ له. ورجلٌ آشَمّ والأنثى شَمّاء.

وقِمّة شَمّاءُ أي عالية مرتفعة جداً.  وعليه قول الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي (1909 - 1934):

سأعيشُ رغمَ الداءِ والأعداءِ
كالنَسرِ فوقَ القِمّةِ الشَمّاء
أرنو إلى الشمسِ المُضيئةِ هازِئاً
بالسُخبِ والأمطارِ والأنواء

وكما سَمّت العربُ المرأةَ شَمّاء، سَمّتها شَيْماء أيضاً. والشَيْماءُ هي ذاتُ الشامة وهي الخالُ، أي النقطة السوداء التي تظهر على البشرة، وأحلى ما تكون في الخَدّ. وقد شامت،تَشيمُ، شَيماً، إذا ظهرت تلك الشامة على بشرتها، فهي شَيماءُ، والرجلُ أشيَم، ومنه أُخذ اسم أشيم وشَيمان.

وعليه قول علي الجلاوي، من شعراء الجزيرة العربية المعاصرين، في مَن تُدعى شَيماء:

شَيماءُ في عَينيكِ شيءٌ لا يُقالْ
وهنا بِقلبي ألفُ شيءٍ لستُ أدري كُنهَهُ
وعلى فمي سٍكتَ السؤالْ
شَيماءُ هل هذا هو الصمتُ الذي يأتي قُبَيلَ العاصِفَهْ
أم صَمتُكِ المفتوحُ يَغرقُ في سواحِلِهِ الدلالْ.
شَيماءً ما ذَنبي؟
وفي عينيكِ شيء لا يُقالْ
شَيماءُ كيفَ على فمي سكتَ السؤالْ؟