كنانة - كندة
"كِندة الملوك".. وماذا أيضاً؟
لقد ظلّ مَشغوفَ الفؤادِ بغادةٍ
مَعَدُّ بنُ عـدنانَ بنِ أُدٍّ لها نَجْرُ
إذا نُثِرَتْ يَوماً كِنانةُ ناظِرٍ
لعاشِقِها ثارتْ كِنانَةُ والنَّضْرُ
يغارونَ أن يَهوى فتاهُم فَتاتَهم
وهل في هوى خُلٍّ لِخُلّتِهِ نُكْرُ
هذه الأبيات من قصيدة غزلية لعليّ بن معصوم المدني (ت 1707) يشير فيها إلى صبية حسناء من كِنانة، وهي قبيلة عربية عدنانية كبيرة تُنسب إلى جدها الأكبر كِنانَةّ بن خُزَيمٍة. ولا يزال اسم كنانة شائعاً وهو اليوم اسم مشترك بين الذكور والإناث إلا أنه في الإناث أكثر.
وهذا الاسم مأخوذ من كِنانة النَبلِ وهي جعبة أو وعاء توضع فيه النِبال أو السهام،أو النشّاب. وإذا كانت الجعبة هذه مصنوعة من أدّم،أي من جلد، فهي كِنانة،وإن كانت من خشب فتُسمّى جَفيراً، وإذا كانت من قطعتين فهي قَرَنٌ. ولابن معصوم المدني بستان يجمع فيهما بين كنانة النيل أو النشّاب حيث يقول:
هَمٌّ سَرَى في أضلُعي وسَرى بي
فالبَرقُ سَوطي والظلامُ رِكابي
أمسَتْ كِنانةُ بَعدَهُنَّ كِنانةً
مَهجورَةً صَفِرَتْ مِنَ النشّابِ
والأصل اللُغوِيّ الذي اشتُقّت منه الكِنانة وهو الكاف والنون يدُلّ على سَترٍ وصَون. يقال: كَنَنتُ الشيءَ، إذا سترته وغطيته وصنته. ومن ذلك الكِنانةُ لأنها تحوي النبلَ وتضمّه. ومنه الكِنانُ وهو ستر الشيء. والكِنانُ أيضاً جمعُ الكُنّّة، وهي السقيفة أو الظِلّة تكون فوق باب الدار. ومنها آُخِذ اسم العلم كِنان.
ومن أسماء العلم التي تُحيل على قبيلة عربية أيضاً اسم كِنْدَة، وهي قبيلة يمنية عظيمة كانت تُسمّى كِندة الملوك، لأن رؤاساءها كانوا ملوكاً ومنهم الشاعر امرؤ القيس الكِندي. والجد الأعلى لهذه القبيلة هو كِنْدَةُ بنُ ثور، قيل إنه سُمّيَ بذلك لأنه كَنَدَ أباه، أي جَحده وأنكر نعمتَه عليه، ففارقه ولَحِق بْأخواله ورأسهم، أي تزعّمهم، فقال له أبوه: لقد كَنَدتَ.
وكانت بالكوفة محلّة يقال لها كِندَة وبها أقام أبو الطيّب المُتنبّي وهو يُنسًبُ إليها، وإيّاه يعني الشاعر الاندلسي ابن زيدون بقوله:
لا تَترُكَنْ للناسِ موضعَ شُبهةٍ
واحزُمْ فَمِثلُكَ في العظائمِ أحزمُ
قد قالَ شاعرُ كِندةٍ فيما مضَى
بيتاً على مَرِّ الليالي يـُعلَمُ
لا يسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى
حتّى يُراقُ على جوانبِه الدمُ