"زغرتا الزاوية" في لبنان تزدحم بالمواقع السياحية
تاريخية المنطقة من هذه الزاوية تضيء على أسباب وفرة معالمها، فما من بلدة او قرية تخلو من موقع سياحي-تراثي-أثري، من نواويس، وأديرة، وكنائس، ومغاور، وينابيع مياه، وغابات، ووديان، وطواحين تقليدية، ومعاصر، ومدافن، وسواها.
قضاء زغرتا-الزاوية قد يكون من أصغر الأقضية في لبنان، لكنه يزدحم بالتراث والآثار والإمكانات السياحية ما يجعله في المقدمة، ويتعذّر لراغب في سبر مواقعه ومعالمه إنجاز مهمته في فترة وجيزة.
من أبرز بلدات وقرى القضاء مدينتا زغرتا وأهدن التوأمان، هما توأمان لأن سكانهما هم عينهم، حيث أقامت كل عائلة بيتاً لها في زغرتا الساحلية شتاء، وفي أهدن الجبلية على ارتفاع 1450 متراً صيفاً.
تاريخية المنطقة من هذه الزاوية تضيء على أسباب وفرة معالمها، فما من بلدة أو قرية تخلو من موقع سياحي-تراثي-أثري، من نواويس، وأديرة، وكنائس، ومغاور، وينابيع مياه، وغابات، ووديان، وطواحين تقليدية، ومعاصر، ومدافن، وسواها.
السبب الثاني، ذاتي، وهو اجتهاد أبناء المنطقة في تطوير حياتهم، وتحديثها، فطوّر الزغرتاويون حياتهم بالعلم، والثقافة، والفنون، والسياحة، فباتت أهدن، والعديد من المناطق فيها مقصد السواح من مختلف الانحاء نظراً للصيت الجمالي الذي اكتنف سيرورتها التاريخية العصرية.
ونظراً لتنوّعها العريض على صعيد السياحة البيئية، والدينية، والطبيعية، والاجتماعية، لا بد من اختيار مواقع محدّدة قد تكون من الأهم من بين بقية المواقع.
بحيرة بنشعي
قريباً من مدينة زغرتا، موقع وسيط بين الساحل والجبل تقوم بلدة بنشعي وجد فيها الوزير اللبناني الأسبق سليمان فرنجية مقراً له، فحوّل مجرى نهر صغير يعبرها إلى بحيرة من مياهه، فكانت بحيرة بنشعي إحدى أجمل المواقع السياحية اللبنانية، فطوّر بعض رجالها السياحة فيها وحولوها إلى ألعاب مائية، ومتعة سياحية يقصدها الناس من كل المناطق، وأقيمت حولها أجمل المطاعم، والمواقع السياحية، وصُنِّفت محمية بيئية فقصدتها الطيور المهاجرة.
متحف الطيور والحيوانات
في زاوية من البحيرة، أقام أحد أبناء زغرتا الطموحين شربل مارون متحفاً للحيوانات والطيور والأسماك ومختلف المخلوقات المحنطة، ضم مروحة واسعة من المخلوقات، من مختلف الأصناف، والاشكال، ولا يزال تطوير المتحف جارٍ على قدم وساق، واستحدثت له طبقة ثانية بعدما ضاقت الطبقة الاولى بالمعروضات.
هياكل "جوبتير"
قريباً من المتحف على مرتفع يعلو المحلة، اقام مارون ما يعرف بهياكل "جوبتير"، وهو تقليد لمبنى جوبيتير البعلبكي والهدف منه احياء واستضافة المناسبات والاحتفال بالأعياد.
قلعة بربر آغا
بين زغرتا وبنشعي، مفترق يؤدي إلى بلدة مزيارة، وأولى البلدات على الطريق هي إيعال التي اتخذ منها أحد الولاة العثمانيين-بربر آغا، مقراً له، وشاد فيها قلعة ضخمة، لا تزال قائمة بمختلف عناصرها، تحمل اسمه وهي قلعة بربر آغا.
تحتوي القلعة على معالم توثق لمرحلة ما بين مرحلتي الحكم العثماني، والانتداب الفرنسي، وتتكون من باحات وغرف عديدة، جدارنها مرتفعة، من حجارة ملساء تمنع تسلقها والدخول إليها في الحروب.
أمام القلعة باحة مطلة على المنطقة حتى أفاق بعيدة تبلغ البحر، وما بعده.
غابة بنشعي
تمتد بين بلدة بنشعي ووديان وجبال الجوار غابة مترامية من الصنوبر والسنديان ومختلف الأشجار والنباتات البرية، وبلغت أعدادها أكثر من مليون، وتعتبر محمية ناشئة، حديثة، حيث كانت جرداء إلى أن قرر فرنجية تشجيرها بالتعاون مع الأهالي وجمعيات بيئية، وتحويلها إلى غابة كاملة استغرق غرسها كمناطق جرداء سنوات عديدة.
محمية حرج أهدن
تقع المحمية على الطرف الشمالي الشرقي لمدينة أهدن، وتمتد على المنحدرات التي تتوزعها المدينة في سكنها وأعمالها السياحية. وتضم أشجاراً محمية مثل الأرز والشوح والسنيدان والصنوبر، وتنوعاً واسعا من النباتات المنخفضة كالزهور البرية، والكثير منها نادر.
اتخذتها الطيور المهاجرة محطة استراحة، وشكلت الغابة لها موئلاً يريحها في تنقلاتها، ويحميها من جور فوضى الصيد.
أول مطبعة في الشرق
و من أبرز المواقع الدينية في المنطقة كنيسة مار ماما في أهدن التي تعتبر أقدم كنيسة مارونية على الإطلاق، وتؤكد مركزية أهدن في التاريخ الماروني.
ويقوم دير مار أنطونيوس قزحيا في بلدة قزحيا الواقعة على المنحدر الغربي لجبل أيطو، لكن الدير يقع في منخفض عميق يؤدي إلى وادي قنوبين، واشتهر الدير بفخامة بنائه، وضخامته، واحتوائه أول مطبعة وفدت إلى الشرق، وتشتهر بمطبعة دير قزحيا، ولا تزال المطبعة موجودة في إحدى ردهات الدير.
ومن بلدة كرمسدة، ثمة طريق يؤدي إلى وادي قاديشا، يرتفع على منحدره الغربي المطل على قضاء الكورة دير أرثوذكسي فريد لا يمكن الوصول إليه إلّا عبر سلم متدرج طويل، هو دير سيدة حماطورة الذي يؤمه المؤمنون إيفاء لندور نظراً لصعوبة بلوغه.
وفي موقع قريب من الدير، اكتشفت "الجمعية اللبنانية للمغاور" مغارة قديمة تعود للعصر النحاسي، وذلك منذ أقل من عقدين، وعثرت فيها على بقايا أغنت البحوث التاريخية عن سكن الانسان القديم للمنطقة.
أهدن مناظر واطلالات
وتبقى مدينة أهدن قبلة السياحة الترفيهية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية، والسياسية، وتحتوي على الميدان الشهير الذي يجمع قاصدي المنطقة من مختلف المناطق، والأنحاء، يعلوها جبل مطل على مسافات بعيدة من 3 جهات، ويمكن رصد جزيرة قبرص منها بمنظار، وهو جبل سيدة الحصن، إحدى أعتق الأديرة في المنطقة، ولا يمكن زيارة أهدن دون الصعود إلى هذا الجبل والتمتع بالمناظر التي تؤمنها إطلالته.
في إهدن العديد من المطاعم، والفنادق السياحية الفخمة، والساحات، والشوارع، وتمتاز بمياهها العذبة الباردة من نبع مار سركيس، وتطورت أهدن في العقود الثلاثة الأخيرة من بلدة بسيطة، إلى مدينة باتت مقصد للزوار، مع محافظتها على الطابع التراثي.