"مدرسة على الطريق" تواجه الاحتلال بتعليم الأطفال

بإصرار كبير، تجوب نصّار مخيمات النازحين والمناطق المدمّرة برفقة مدرستها المتنقّلة والتي تحملها داخل حقيبة قماشية كبيرة، وهي تدمج الأنشطة التعليمية مع الترفيهية لخلق أجواء من التفاعل بين الأطفال وللتخفيف من حدة التوتر التي خلّفتها الحرب وتداعياتها.

0:00
  • حُرم جميع أطفال غزة من حقهم في التعلّم من جرّاء الحرب

 وسط ظروف قاسية خلّفتها 9 أشهر من العدوان المستمرّ على قطاع غزة، تحاول المعلّمة المتطوّعة نور نصّار (24 عاماً) منح الأطفال حقّهم بالتعلّم الذي سلبته منهم الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد تدميرها للمدارس والمباني التعليمية إضافة لما فرضته من ظروف معيشية قاسية.

نصّار، التي أجبرت على ترك منزلها في رفح جنوب القطاع، بسبب الاجتياح الإسرائيلي والنزوح إلى مدينة دير البلح وسط القطاع، وجدت نفسها أمام مهمة إعادة الحقّ بالتعلّم لبعض الأطفال النازحين.

وبإصرار كبير، تجوب نصّار مخيمات النازحين والمناطق المدمّرة برفقة مدرستها المتنقّلة والتي تحملها داخل حقيبة قماشية كبيرة.

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by - Nur Nassar || نور نصار (@noor._.nassar)

وتدمج المعلمة الشابة الأنشطة التعليمية مع الترفيهية لخلق أجواء من التفاعل بين الأطفال وللتخفيف من حدة التوتر الذي خلّفتها الحرب وتداعياتها.

تدمير مئات المدارس 

ودمّرت "إسرائيل" منذ بدء حربها على قطاع غزة، نحو 110 مدارس وجامعات بشكل كلّي، و321 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وفق معطيات رسمية.

ووفقاً لوزارة التربية والتعليم العالي، فإن 430 من طلبة الثانوية العامة ارتقوا شهداء في قطاع غزة، فيما استُشهد في الضفة الغربية 20 آخرون، خلال العام الدراسي الذي انطلق في شهر آب/أغسطس المنصرم.

وتشير آخر إحصائية صادرة عن الوزارة، إلى أن هناك ما لا يقل عن 8 آلاف شهيد في قطاع غزة ممن هم في سن الدراسة، و350 شهيداً من المعلمين والمعلمات، فضلاً عن المفقودين، وهناك أكثر من 12500 طالب جريح، بينهم 2500 أصبحوا من ذوي الإعاقة.

في السياق نفسه، وثّق المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان تعمّد الاحتلال قتل عشرات الأساتذة الجامعيين، إلى جانب مئات المعلمين وآلاف الطلبة في قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: 30% من مدارس قطاع غزة تعرّضت للقصف المباشر

بعد وصولها إلى أحد مخيمات النزوح وسط القطاع، بدأت المعلمة نصّار بتجهيز فصلها الدراسي عبر تثبيت السبورة الصغيرة التي أخرجتها من حقيبتها القماشية، داخل إحدى الخيام.

علّقت فوق السبورة لافتة كُتبت عليها جملتان: "مدرسة على الطريق" و"ما دام الأمل طريقاً فسنحياه".

وبدأت نصّار عمليتها التعليمية، بتنفيذ مجموعة من الأنشطة البدنية، التي تساعد التلاميذ على تنشيط أذهانهم وتخفيف حدة التوتر.

"مدرسة على الطريق"

تقول المعلمة نصّار للأناضول، إن الهدف من مبادرتها التي أطلقت عليها اسم "مدرسة على الطريق"، هو "مقاومة الاحتلال بتعليم الأطفال".

وتابعت: "الاحتلال دمّر المدارس والمباني التعليمية في مسعى منه لتجهيل الأطفال والطلاب، اليوم ومن خلال هذه المبادرة نقاوم هذا الهدف ونزرع حبّ التعلّم داخل الأطفال".

واجهت المتطوّعة "نصّار"، مجموعة من التحديات لتنفيذ هذه الفكرة المبادِرة تمثّلت أبرزها في عدم تقبّل الأطفال لفكرة العودة إلى التعلّم بعد أن التحقوا بأعمال من شأنها أن تساهم في توفير لقمة العيش لعائلاتهم.

وقالت عن ذلك: "حينما طلبت من طفل الالتحاق بالصف قال لي أفضّل أن أذهب لأجمع النقود، الدراسة لن تفيدني بشيء في هذه الظروف".

  • نور  تواجه الاحتلال بتعليم الأطفال

ردّ هذا الطفل كان يتسق مع تفكير بعض الأهالي الذين وجدوا في أطفالهم معيلاً لهم، بعد أن فقدوا المعيل الأساسي لهم سواء بالقتل أو الاعتقال أو الإصابة.

حاولت "نصّار" تجاوز هذا التحدّي من خلال تنفيذ حملات توعوية تشمل أهالي الأطفال والأطفال ذاتهم، لحثهم على أهمية العودة للتعلّم.

حملة توعية

وبعد فترة، نجحت نصّار في تخطّي هذا التحدّي حيث وجدت مجموعة من الأطفال الذين انضموا للعمالة، يتركون أعمالهم ويلتحقون بدروسها، كما قالت.

وتابعت: "حوّلت من خلال حملات التوعية، عزوف الأطفال والعائلات عن الالتحاق بالدروس التعليمية، إلى رغبة ملحة".

واستكملت قائلة: "بعد فترة ترك بعض الأطفال أعمال البيع في الشارع والتحقوا بالدراسة".

تقول المعلمة "نصار"، إن فكرة إنشاء المدرسة المتنقّلة جاءت من أجل طمأنة الأهالي على أطفالهم الذين يلتحقون بالعملية التعليمية.

اقرأ أيضاً: تدمير إسرائيلي شامل لبنية المنشآت التربوية في غزة

وتتابع: "فكرة وجود مدرسة بالقرب من مكان نزوح الأطفال أو إقامتهم تبعث بالطمأنينة في نفوس الأهالي، خاصة في ظل التوتر والقصف الإسرائيلي المستمرّ الذي يتعرّض له قطاع غزة".

وتشير إلى أنها تجوب بهذه المدرسة مخيمات النزوح ومناطق تضمّ منازل مهدّمة عاد إليها سكانها.

 أكثر من 625 ألف طفل خارج المدرسة

ولفتت إلى أن مدرستها المتنقّلة تستهدف الأطفال من عمر 6-11 عاماً، قائلة: "إنها تسعى لتوسيع النقاط التعليمية واستهداف أطفال بفئات عمرية أكبر".

الطفل فوّاز الغلايني (10 أعوام)، الذي التحق بالمدرسة المتنقّلة، يقول للأناضول إنه "كان بحاجة لذلك من أجل تنشيط ذاكرته واسترجاع معلوماته بعد تغيّب دام 9 أشهر عن المدرسة".

  • "الأورومتوسطي": "إسرائيل" دمّرت جامعات ومدارس غزة واستهدفت عشرات الأكاديميين

وأعرب عن آماله في العودة إلى منزله الواقع في المحافظة الشمالية من القطاع.

فيما عبّر الطفل محمد شهاب، النازح من مدينة غزة، عن "فرحته إزاء التحاقه بالمدرسة المتنقّلة".

وفي الرابع من حزيران/يونيو الجاري، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، في منشور على منصة "إكس"، إن الأطفال في غزة "يمرّون بكابوس لا نهاية له".

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by - Nur Nassar || نور نصار (@noor._.nassar)

وتابعت: "القصف والتهجير القسري ونقص الغذاء والماء وعدم الحصول على التعليم سبّب صدمة لجيل بأكمله".

ومنذ أيام،، قالت "الأونروا" إن أكثر من 625 ألف طفل في غزة خارج المدرسة لأكثر من 8 أشهر، نصفهم كانوا في مدارسها قبل الحرب.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تشنّ "إسرائيل" حرباً مدمّرة على غزة، أسفرت عن نحو 124 ألفاً بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.