موسيقى صادمة من معصرة زيتون عتيقة: رونق المكان والزمان!
البيئة الوادعة واكبت التراث التليد فتعانقا في قبو حجري على درج نوتات موسيقية دافئة... جولة للزوّار في "دار صعب" وحديقتها، حيث صوّر الفنان العربي الكبير دريد لحّام في السبعينات لقطات من أحد أفلامه، وتشهد اليوم حركة ثقافية فنية بيئية رائدة...
بخطوات متئدة هادئة، بعيداً عن جلبة المنطقة المزدحمة عادة بالسيارات والمارة في مدينة الشويفات المتاخمة للعاصمة اللبنانية بيروت، تلج بوابة المنزل الحجري القرميدي لتجد نفسك في مكانٍ وادع بين الأشجار الوارفة والأزهار الربيعية في حديقة غنّاء تتوزع فيها المقاعد على بساط أخضر...
المشهد هنا مختلف، تعود بهوينى ودعة إلى هنيهات تاريخ خلت، فهذا المنزل المقنطر المعقود من الحجارة البيضاء الجميلة يحتضن حدثاً غنائياً في "قبو" كبيرٍ، شكّل في القرن الماضي معصرة زيتون حجرية.
والجدير بالذكر هنا أن مدينة الشويفات لطالما شكّلت عبر العقود الماضية "أكبر غابة للزيتون في "الشرق الأوسط"، وفق تعبير مالكَي المنزل نسيم ونديم رائف صعب.
معصرة فـدار نشر!
و"دار صعب" هذا هو الاسم الذي قررت العائلة إطلاقه على المنزل القديم، ليمسي "مركزاً جامعاً للنشاطات الثقافية والفنية والبيئية والترفيهية، تحاكي أطياف المجتمع كافة، وتسلط الضوء على الوجه الإيجابي في المدينة من خلال نشاطات مختلفة في الحديقة أو القبو"، يوضح أحد أصحاب المنزل لـ الميادين نت.
ويضيف "تحوّل القبو سنة 1963 إلى مقر دار للنشر كانت تسمى "دار صعب للنشر"، وقد لعبت دوراً هاماً في حركة النشر والترجمة بعد أن كان المقر الرئيسي لها في العاصمة بيروت".
دريد لحّام كان هنا...!
جولة للزوّار في المنزل وحديقته، الذي صوّر فيه الفنان العربي الكبير دريد لحّام لقطات من أحد أفلامه، وهناك من يقول إن الموسيقار والفنان العربي الراحل فريد الأطرش زاره للغاية نفسها.... البيئة تواكب التراث فيتعانقان بمعية نوتات موسيقية دافئة و... ترحيب وضيافة "غير شكل"، وإلى الحفل المنتظر...
لا صوت في القاعة، فحضور الفنانة والملحنة اللبنانية الشابة رنا صعب، امتص الجلبة في المكان! صوتٌ رخيم، طبقات عالية متوازنة، حضور آسر، وفرقة موسيقية متجانسة بقيادة الفنان عماد البلاني صانع الأعواد الجميلة في محترفه "أصيل" في المنطقة نفسها، مع العازفين: فداء بو ذياب، أيمن عزّام، إياد العياص، ربيع عزّام.
الإنصات سيّد الموقف !...
الأغاني فرضت نفسها على حضور الحفل من النخبة، لا مجال للتصفيق هنا، الإنصات سيّد الموقف، الروح جذلة، العيون تسرح بأمان في ألق المكان الضارب في القدم.... حتى آخر رمق نوتات الموسيقى!
قصائد مغناة "إشعار إلى الصوفيين": "إيماني ساطع" للسيدة فيروز، كلمات وألحان للأخوين رحباني، "راحتي أنت" كلمات رابعة العدوية، ألحان رنا صعب، "زدني بفرط الحب" قصيدة ابن الفارض، ألحان ريم البنا، "شربنا المدامة" كمال جنبلاط، ألحان رنا صعب، " شمس الهوى" قصيدة ابن عربي، ألحان ريم بنا، "يا كرام الحيّ عيني تراكم" قصيدة أبو مدين التلمساني، "يا نسيم الروح" قصيدة مولانا الحاج، ألحان مارسيل خليفة.
تناهت أصوات في ظلام القبو المعقود: "الأمسية الغنائية الليلة مختلفة، يا جماعة"!، و"الله رنا والفرقة أبدعوا وعم ياخذونا إلى عالم آخر مع موسيقى غير مألوفة"!
والجدير بالذكر أن للفنانة الشابة الواعدة رنا صعب أغنية خاصة صدرت منذ عام تحاكي الوضع الصعب في لبنان خلال السنوات الماضية.
أصحاب المنزل عقّبوا للميادين نت بقولهم إن " هذا المشروع هو مسار، ولأن رنا من الشويفات، أحبت أن تكون الانطلاقة من هذه المدينة ومن هذه الدار بالتحديد، وهذا المسار صورة جميلة راقية تتطابق مع رؤية "دار صعب" لإبراز صورة أفضل للبلد والمدينة".
ويسعى نسيم ونديم من خلال النشاطات لتقديم مدينتهما "بأفضل حلة بعد أن أصبح البيت القديم معلماً على الطريق العام....في واجهة الشويفات....كما يهدف المشروع إلى ترميم البيت والحفاظ عليه للأجيال القادمة".
نشاطات بيئية، فنية، رياضية وغيرها
منذ يومين، شهدت "دار صعب" نشاطاً خاصاً بالأطفال في الحديقة الجميلة، وشارك من يرغب في قطف الثمار، أما أبرز النشاطات فهي:
- Reconnect ورشة عمل حول أهمية اللجوء إلى الطبيعة لتطوير الذات.
- Nature Sketching ورشة عمل رسم الطبيعة وتقدير كل ما فيها من تفاصيل.
-Meditation.
- Yoga.
-Hommayda Festival أكل بيتي من حديقة البيت.
- Avocado Festival أكل بيتي مكوناته الأساسية هي الأفوكادو من حديقة البيت.
- Hiking .
- Masar أمسية موسيقية.