زيارة القارة القطبية الجنوبية قد تكون رائعة.. لكن تجنّبها!

مع زيادة النشاط البشري في القارة القطبية الجنوبية، يزداد معدل ذوبان الثلوج، إذ إنّ كلّ الأنشطة تطلق جزيئات مجهريّة من الكربون الأسود.

  • التلوث يهدد القطب الجنوبي
    التلوث يهدد القطب الجنوبي

يضم القطب الجنوبي أكثر من  محطّة بحثية علمية ويزوره كل سنة أكثر من 74 ألف سائح.

وبموجب معاهدة أنتاركتيكا، يُطلب من المشغلين السياحيين والعلماء إزالة النفايات من القارة، يتم نقل القمامة والنفايات البشرية أو شحنها للتخلص منها عند خطوط العرض الأكثر دفئاً، لكن بعض أشكال النفايات لا يتم التخلص منها بسهولة.

كلّ الأنشطة في القارة القطبية الجنوبية (سواء كانت تدريبات تعمل بالطاقة من أجل حفر الجليد العلمي أو مركبات نقل  تحرق الوقود) تطلق جزيئات مجهريّة من الكربون الأسود.

في أماكن أخرى من العالم، يتم إطلاق الكربون الأسود بكميات هائلة عن طريق حرائق الغابات والأنشطة البشرية ويسافر لمسافات طويلة ،ومع ذلك في القارة القطبية الجنوبية، المعزولة عن بقية العالم بواسطة حاجز قوي من الرياح المحيطة بالقطب، تكون مصادر الكربون الأسود عادةً حاضرة بشكل أكبر.

حدّد بحث جديد في مجلة Nature Communications على نطاق واسع مستويات الكربون الأسود في الثلج بالقرب من المستوطنات البشرية، وجمع العلماء أولاً عينات من 28 موقعاً عبر امتداد حوالي 1240 ميلاً من الجزء الأكثر زيارة في القارة القطبية الجنوبية.

من خلال تحليل كمية ونوع الجسيمات الممتصة للضوء في عينات الثلج، وثق الباحثون كيف يؤثر الكربون المنبعث من البشر على ثلوج القارة وتمّ تمرير العينات عبر المرشحات وتحليل خصائصها الضوئيّة لتحديد كمية ونوع الجسيمات، حيث يبلغ مستوى الكربون الأسود في ثلوج أنتاركتيكا حوالي 1 نانوجرام (واحد من المليار من الجرام) لكل جرام من الثلج.

أظهرت جميع العيّنات المأخوذة من المستوطنات البشرية القريبة مستويات الكربون الأسود أعلى بكثير من مستويات الخلفية النموذجية في القطب الجنوبي وكانت النتائج "واقعية"، إذ قد يتسبب الكربون الأسود الناتج عن الإنسان في ذوبان الثلوج السطحية بما يصل إلى 23 ملم كل صيف.

عند فحص الأنشطة السياحية على وجه التحديد، قدر المؤلفون أن كل زائر بين عامي 2016 و2020 كان يذوّب فعلياً حوالي 83 طناً مترياً من الثلج، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الانبعاثات من السفن السياحية.

الأنشطة العلمية ليست مستثناة  أيضاً، إذ تساهم محطات البحث العلمي في زيادة معدل ذوبان الثلوج للفرد من خلال تشغيل المعدات والمركبات كثيفة الوقود.

يؤكد هذا البحث دراسات مماثلة في أماكن أخرى حول دور انبعاثات الكربون الأسود في تسريع ذوبان الجليد والثلج. على سبيل المثال، وجد أن الحرائق في غابات الأمازون أدت إلى زيادة معدل ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الأنديز.

مع زيادة النشاط البشري في القارة القطبية الجنوبية، يزداد "التهديد"، ويوفر البحث عن هذه الأضرار الحقيقية والمحتملة معلومات حيوية حول أفضل السبل للتخفيف منها أو تجنبها تماماً.