النمر مكتئب الدب يصرخ السلاحف قلقة... سلوك حيوانات قبل الزلزال
أمسك الإنسان في العقود الأخيرة بأدوات علمية تمكنه من الاقتراب من الزلازل ورصد علاماتها الأولية، إلا أن التوقعات الخاطئة حتى الآن أكثر من تلك الصحيحة بسبب تعقيد مثل هذه الظواهر الطبيعية.
أعاد زلزال تركيا وسوريا الذي خلّف أكثر من 38 ألف قتيل تذكير البشرية بخطر هذا النوع من الكوارث الطبيعية المدمرة، فأين وصلت البشرية في مجال التنبؤ مسبقاً والتحوّط لها؟
وتم إجراء واحدة من أولى التوقعات في الصين في عام 1969، فشارك موظفو حديقة تيانجين الشهيرة القريبة من العاصمة بكين والتي تضم حديقة للحيوانات في التنبؤ بالزلازل منذ عام 1968.
فصبيحة يوم 18 تموز/ يوليو 1969، تم رصد سلوك غير عادي للعديد من الحيوانات. وأفيد في التفاصيل بأن النمر كان مكتئباً، وكانت الباندا تصرخ، وترفض تناول الطعام، وكانت السلاحف قلقة، وبقيت طيور البجع بعيداً عن الماء.
توقع الخبراء أن تكون هذه العلامات بمثابة نذير بزلزال، وأبلغوا قسم الزلازل بالمدينة بملاحظاتهم. وبالفعل في ظهر نفس اليوم، حدث زلزال بقوة 7.4 درجة في بو هايوان، وهو خليج شرق تيانجين.
إقرأ أيضاً: كيف تتنبأ الحيوانات بالهزّات والزلازل قبل حدوثها؟
تنبؤ ناجح بالزلزال تم في عام 1975 في هايتشنغ بمقاطعة لياونينغ في شمال شرق الصين. كانت المنطقة المحيطة بهايتشنغ محط اهتمام من علماء الزلازل لعدة سنوات، حيث أشارت بعض العلامات إلى أن زلزالاً قوياً يمكن أن يحدث في المكان في المستقبل القريب.
تم تركيب مقاييس لتسجيل منحدرات سطح الأرض ورصد التقلبات في المجال المغناطيسي والتغيرات في المقاومة الكهربائية للتربة.
كما طلب من السكان ملاحظة التغيرات في مستوى المياه في الآبار والإبلاغ عن أي شذوذ في سلوك الحيوانات.
أشارت الملاحظات الآلية بوضوح إلى التغييرات التي تحدث في أحشاء الأرض. وأصبحت التغييرات بحلول كانون الثاني/ يناير 1975، واضحة بما فيه الكفاية بحيث كان من الممكن دقّ نواقيس الخطر.
واتخذت تدابير أمنية شاملة، وتلقى العمال التعليمات اللازمة حول ما يجب فعله عند الإعلان عن إنذار، وكان سكان المنطقة على استعداد لقضاء الليل خارج المباني.
تضاعفت علامات وقوع زلزال وشيك حلول شباط/ فبراير. لوحظ ارتفاع مفاجئ في مستوى المياه في الآبار، وسجّل العلماء الذين قاموا بتركيب محطة زلزالية بالقرب من يينغ كو زيادة غير عادية في عدد الهزات الأرضية الضعيفة.
تدابير قبل الزلزال
بحلول مساء يوم 3 شباط/ فبراير، تأكد علماء الزلازل من توقعاتهم، وأعلن ظهر ذلك اليوم إنذار عام، كما تم إبلاغ السكان بتوقع حدوث زلزال قوي في غضون يومين من لحظة إعلان الإنذار.
اتخذت استعدادات وتدابير للإنقاذ، وأغلقت المتاجر والمؤسسات، وجرى نقل المرضى من العيادات إلى ملاجئ مؤقتة، وتم إخراج معظم السكان من منازلهم. ولمساعدة الناس على قضاء ليلة باردة في العراء، تم عرض الأفلام في الحدائق والساحات.
بعد 5 ساعات ونصف من الإعلان عن الإنذار العام، وقع زلزال عنيف بقوة 7.3 درجة. عانت هايتشنغ، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، بشكلٍ كبير.
وتم تدمير مئات المنازل والمصانع، ولكن نظرا لأن جميع السكان تقريبا كانوا خارج المباني، كان عدد الضحايا صغيراً.
إقرأ أيضاً: كلاب إنقاذ؟ روبوتات؟ الكلمة الأخيرة للإنسان
هذه الحادثة لم تكن أول توقع ناجح بالزلازل، لكنها كانت المرة الأولى التي تسنى بها التنبؤ بمثل هذا الزلزال الكبير.
أمسك الإنسان في العقود الأخيرة بأدوات علمية تمكنه من الاقتراب من الزلازل ورصد علاماتها الأولية، إلا أن التوقعات الخاطئة حتى الآن أكثر من تلك الصحيحة بسبب تعقيد مثل هذه الظواهر الطبيعية.
وفي هذا الصدد يلفت إلى أن الزلزال الكارثي قبالة سواحل اليابان في عام 2011 والذي صاحبه تسونامي تسبب في تعطيل محطة فوكوشيما للطاقة النووية وحدوث تلوث إشعاعي، حيث تم التنبؤ به قبل دقيقة واحدة من الصدمة الرئيسة.
في دراسة أُجريت عام 2013، صوّر علماء ألمانيون نمل الخشب الأحمر، وهي حشرات لا تعرف معنى الراحة، تقوم ببناء أعشاشها في قاعدة الأشجار الصنوبرية في المستعمرات التي قد تتكون من أكثر من 300.000 نملة. بعدها، وجدوا أن قبائل النمل غيّرت روتينها المعتاد قبل الزلزال، وأصبحت أكثر نشاطاً في الليل، وأقل نشاطاً خلال النهار.
لكن أغلبية هذه الدراسات ومحاولات الحصول على جواب، اعتمدت، إلى حدٍّ كبير، على الأدلة القصصية والملاحظات الفردية، وفقاً لمراجعة جمعية علم الزلازل الأميركية عام 2018، والتي فحصت 180 دراسة سابقة.