الشتاء في غزة ..فصل آخر من فصول المعاناة
أطفال رُضَع وفتيان ونساء حوامل ومصابون ومرضى وكهلة ممن يكابدون مرارة العيش في خيام النازحين في عموم القطاع، يترقّبون فصلاً آخر من البرد والخوف، وسط غياب أبسط مقوّمات الحياة، في مشهد يزيده الصمت الدولي قسوة.
مع اقتراب الشتاء، يستعد مئات آلاف النازحين في قطاع غزة لمواجهة موسم جديد من المعاناة، حيث تزداد أحوالهم سوءاً يوماً بعد يوم في ظل تدهور الوضع الإنساني وتفاقم الأزمات بفعل الحصار والعدوان المتواصل.
اضطرّ هؤلاء النازحون لمغادرة منازلهم بعد تدميرها خلال عمليات القصف المتواصلة التي لا تزال تخلّف دماراً هائلاً وأعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى. لجأوا إلى خيام مؤقتة لكنها اليوم متهالكة، مهدّدة بمياه الأمطار.
أطفال رُضّع وفتيان ونساء حوامل ومصابون ومرضى وكهلة ممن يكابدون مرارة العيش في خيام النازحين في عموم القطاع، يترقّبون فصلاً آخر من البرد والخوف، وسط غياب أبسط مقوّمات الحياة، في مشهد يزيده الصمت الدولي قسوة.
هذه الساعات في فجر كل يوم، يتحوّل الجو إلى شديد البرودة في الخلاء والأراضي، حينها لا شيء يحمي أجسادنا من الألم سوى قطعة شادر بسيطة، وحرامات صغيرة وُزّعت في المساعدات، لا تقي البرد، لا تُقدّم ولا تُؤخّر. نحن الكبار نتعب ونمرض من شدّة الريح، فكيفَ بالأطفال؟ - لم نخرُج من منازلنا…
— Meqdad Jameel (@Almeqdad) October 22, 2024
يوميات الألم
يروي محمد الجاروشة، الذي فرّ مع أسرته من شمال قطاع غزة إلى الجنوب، بعضاً من يوميات الألم التي يعيشها في خيمة صغيرة، قائلاً: "منذ أن قُصف منزلنا، لم نعد نجد مكاناً يؤوينا، هربنا إلى رفح جنوب القطاع لنقيم في هذه الخيمة. كنا نأمل أن تكون مأوى لنا، لكن الخيمة أصبحت عرضة للرياح والمطر، وقد تهاوت من كثرة الاستخدام، ومع ذلك لا توجد بدائل".
ويضيف الجاروشة بتأثّر: "الخيام لا تحتمل أكثر، الرياح تهدّدنا في كل ليلة، والاحتلال يمنع دخول أي مساعدات قد تساعدنا في تخفيف معاناتنا".
ووسط هذه الظروف، يوجّه محمد نداءً لقيادات العالم وللتدخّل ووقف معاناتهم، أو على الأقل السماح بدخول المساعدات الإنسانية الضرورية.
طفل من غزة يلتحف غطاء شتوي فوق ركام منزلهم إلى جانب موقد من النار أملاً في الحصول على نسبة تدفئة أفضل.
— Ibrahim Z. Alhaj (@ibrahimzalhaj1) October 29, 2024
مع الأسف عدد من العائلات في شمال غزة خسروا هذه الفرصة وتنازلوا عن اغطيتهم الشتوية لصالح تكفين ذويهم بها بدلاً من حفظها لقادم أيامهم في فصل الشتاء، وهذا يحصل بفعل انعدام وجود… pic.twitter.com/s613J5bUrz
وفي مشهد مشابه، يقول أمين الراعي، وهو ربّ أسرة أخرى نازحة تعيش الظروف نفسها: "الشتاء الماضي كان قاسياً علينا، فقد واجهنا أمطاراً غمرت خيامنا بالكامل، عشنا أبشع أيام حياتنا. البرد كان شديداً، وكنا نرتعش من قسوته، لا كهرباء، لا تدفئة، ولا أمل".
طبيبة: تحذير من حالات وفاة بين الأطفال وكبار السن
وتؤكد الدكتورة سمر محمود، التي تعمل طبيبة متطوّعة في المخيمات، قسوة الوضع الصحي في تلك الخيام، قائلة: "مياه الأمطار أغرقت الخيام وجعلتها غير صالحة للسكن، وفقد معظم السكان ممتلكاتهم، يعيش الناس في ظروف بالغة القسوة تهدّد حياتهم وصحتهم. الأطفال الرضع وكبار السن هم الأكثر عرضة للخطر في هذه الظروف القاسية."
تحذر الدكتورة محمود من أن غياب الرعاية الصحية ونقص الأدوية قد يؤدي إلى حالات وفاة بين الأطفال وكبار السن، خاصة وأن الوضع الغذائي سيئ للغاية. وتشير إلى أن ما يحدث لا يمكن وصفه إلا بكارثة إنسانية تحتاج إلى تدخّل عاجل.
#شاهد.. "كلنا صامدون من أجل #فلسطين ومن أجل الأقصى"
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) November 1, 2024
أم فلسطينية تودّع نجلها الذي ارتقى في إثر استهدافات الاحتلال المتواصلة في قطاع #غزة.#الميادين pic.twitter.com/J8JdjaVVRs
ويعاني قطاع غزة من حصار مشدّد تفرضه سلطات الاحتلال منذ عام 2007، ما أدى إلى تدهور البنية التحتية، وتفاقم معدلات البطالة والفقر. وعلى مدار سنوات، شنّت عدداً من العمليات العسكرية والحروب على القطاع، كان آخرها في تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث شنّت غارات مكثّفة أدت إلى تدمير واسع النطاق، وتهجير آلاف العائلات التي فقدت منازلها، وتركت بعض المناطق عبارة عن أطلال لا تصلح للسكن.
اقرأ أيضاً: الناجون من عائلة أبو نصر في بيت لاهيا شمال غزة للميادين: دفنّا 117 فرداً من عائلتنا
ولا يزال كيان الاحتلال يواصل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة بمزيد من القصف والغارات على كل مناطق القطاع، ومزيد من المجازر بحقّ الأطفال والنساء والمدنيين، لترتفع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,204، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 101,640، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ــــــــــ