الاحتلال يستخدم "سلاح المياه" لمفاقمة معاناة النازحين في غزة
للشهر الثامن على التوالي يواصل الاحتلال حرب الإبادة والتجويع و"سلاح المياه" لمفاقمة معاناة أهالي قطاع غزة. وأزمة المياه تتفاقم بعد نزوح الأهالي من رفح وإغلاق الاحتلال جميع المعابر، حيث انخفضت حصة الفرد الواحد من المياه ما بين 3 و15 ليتراً يومياً فقط.
تتواصل أزمة المياه في قطاع غزة مع إصرار الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق جميع المعابر، واستهداف مصادر المياه كسلاحٍ فتّاكٍ لتضييق الخناق على أهالي القطاع في حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ ثمانية أشهر على مرأى ومسمع العالم أجمع.
ويضطر النازحون في غزة للاصطفاف في طوابير طويلة جداً على أمل أن يحصلوا على القليل من المياه النظيفة التي تصلح للشرب، الأمر الذي يزيد من المعاناة التي يتكبّدها النازحون ولا سيما الأطفال وكبار السن والنساء.
ويضطر الأطفال والصغار قبل الكبار إلى حمل أوعيتهم الفارغة والمشي مسافات بعيدة في ظل مخاطر تعرّضهم للقصف والقتل بحثاً عن شربة ماء تروي عطشهم وتبقيهم على قيد الحياة في ظل تواصل العدوان والحصار.
وكانت بلدية غزة كشفت منتصف الشهر الجاري عن حجم أزمة المياه التي يعاني منها القطاع وفنّدت بالأرقام ما أقدم عليه "جيش" الاحتلال بحق قطاع غزة الحيوي حيث يهدّد كلّ مظاهر الحياة فيه.
كما كشفت البلدية عن أضرار بالغة أصابت خزّان المياه في منطقة تل الهوى بفعل قصف الاحتلال للمنطقة، مؤكدّةً أنّ قصف الاحتلال تسبّب بدمار كبير وواسع في مرافق المياه منذ بدء العدوان، حيث تضرّرت نحو 40 بئراً بأشكال متفاوتة، وكذلك 42 ألف متر طولي من شبكات المياه.
وتعاني مدينة غزة، بحسب البلدية، نقصاً حاداً في كميات المياه بسبب شحّ كميات الوقود وانقطاع الكهرباء اللازمة لتشغيل آبار المياه.
وتفاقمت أزمة المياه عقب اجتياح "جيش" الاحتلال مدينة رفح، ما أدّى إلى تفاقم معاناة الأهالي في ظل الظروف المعيشية القاسية وارتفاع درجات الحرارة. ويضطر النازحون، ولا سيما الأطفال وكبار السن، إلى حمل الغالونات وسحب عربات صغيرة لمسافات طويلة للحصول على المياه، فيما اضطرّت آلاف النساء إلى استخدام مياه البحر كبديل للمياه في تسيير حياتهن اليومية.
ونصب مئات الآلاف من النازحين المهجّرين قسراً من رفح خياماً في مناطق مثل شمال غرب رفح ومدينة خان يونس المدمّرة وساحل وسط قطاع غزة، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام أزمة مياه خانقة في ظل تدمير آلة الحرب الإسرائيلية أكثر من 70 بالمئة من البنية التحتية في القطاع الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة.
ووفق آخر الأرقام الصادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، أمس الاثنين، فإنّ نحو 810 آلاف فلسطيني هُجّروا قسراً من رفح خلال الأسبوعين الماضيين.
وبسبب العدوان الإسرائيلي، تراجعت حصة الفرد في القطاع من المياه بنسبة 97%، بحسب تقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية بمناسبة يوم المياه العالمي،نهاية آذار/مارس الماضي.
وذكر التقرير أنّ الحرب على القطاع أدّت إلى انخفاض حصة الفرد الواحد من المياه في غزة إلى ما بين 3 و15 ليتراً يومياً، مقابل معدل استهلاك بنحو 84.6 ليتراً للفرد يومياً خلال العام 2022.
ويقدّر إجمالي المياه المتوفرة حالياً في غزة بنحو 10 إلى 20% من مجمل المياه المتاحة قبل العدوان، وهذه الكمية غير ثابتة وتخضع لتوفّر الوقود، بحسب التقرير ذاته. ويعتمد قطاع غزة بشكل أساسي على المياه المستخرجة من المصادر الجوفية.
وأمس الاثنين، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، أنّ "إسرائيل" أجبرت 810 آلاف فلسطيني على النزوح قسراً عن مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، خلال الأسبوعين الماضيين.
"الأمر 9".. منظمة صهيونية هدفها عرقلة دخول المساعدات لغزة بحماية قوات الاحتلال#المساعدات_الانسانية#غزة #الميادين_GO pic.twitter.com/3RWi2xpedg
— Almayadeen Go الميادين (@almayadeengo) May 18, 2024
الاحتلال يستخدم المياه سلاحاً للتدمير الشامل
مطلع العام الجاري قالت مجلة "972+" إنّ "إسرائيل منذ بداية الحرب خلقت أزمة صحية لا مثيل لها بحرمانها الفلسطينيين في غزة من المياه الصالحة للشرب، وهي توشك أن تتسبّب في أضرار بيئية لا يمكن إصلاحها باستخدامها المياه كسلاح في إطار هجومها الحالي على قطاع غزة.
وذكّرت المجلة في تقرير تحذيري لمقرّر الأمم المتحدة الخاص، بيدرو أروجو أغودو، أنّ "إسرائيل يجب أن تتوقّف عن استخدام المياه كسلاح حرب"، وأشارت إلى أنّ "حصيلة القتلى الناجمة عن نقص المياه يمكن أن تتجاوز حصيلة القصف الإسرائيلي نفسه".
وأكّدت المجلة أنّ حرمان غزة من المياه - الذي وصفته بسلاح الدمار الشامل- كان "تكتيكاً أساسياً في الحرب منذ البداية، إذ أغلقت إسرائيل الأنابيب التي تغذّي القطاع في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023"، مشيرةً إلى أنّ "وزير الدفاع يوآف غالانت أعلن أنّ "إسرائيل تفرض حصاراً كاملاً على غزة: لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود.. كلّ شيء مغلق". وقال: "نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرّف على هذا الأساس"، بحسب تعبيره.