اجترح الفلسطيني أكرم العمور من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، من العدم حرفة تعينه على العيش وترفد طموحاته، وتفيد مواطنيه من لا شيْ...!

ابتكار العمّور وفر له مصدر دخل ولـ 7 شبان يعملون معه، من خلال تحويل النفايات الورقية إلى كراتين للبيض، متحدياً الظروف الصعبة التي تعصف بالقطاع، وفي نفس الوقت إسداء خدمة للبيئة.

وفي وقتٍ يزداد فيه حصار الاحتلال الإسرائيلي المفروض منذ العام 2007، وازدياد نسب البطالة والفقر وانقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، نجح الشاب الذكي في ابتكار حرفة توفر له مصدر دخل.

الميادين نت واكب تجربة العمّور المفيدة والناجعة.

يبدأ العمور يومه المضني باكراً لجمع النفايات الورقية في خان يونس جنوبي القطاع، قبل أن يشرع بعدها في مراحل التصنيع، وصولاً إلى تسليمها لتجّار البيض..

كيف استطاع تنفيذ مشروعه؟

لسان حال العمّور يقول إن "الحاجة أم الابتكار"، فقد اكتوى بشظف العيش في القطاع، ففكرّ وحرّك عقله بعد مخيلته وطبعاً نهل من التجارب في الخارج حول كيفية تدوير النفايات الورقية، ولم يقتصر جهده على ذلك، بل تواصل مع شركة صينية واستطاع استيراد بعض المعدات اللازمة للتدوير.

 "بمساعدة شركة من الصين، استطعنا افتتاح معمل إعادة التدوير، والبدء بالعمل بجودة عالية وخبرة كافية منذ عام 2019"، يقولها ابن غزة التي تعاني مرّ الحصار والفرحة تظلل مقلتيه...

ويسهب الشاب الأربعيني المتقد حماسة في شرح ماهية عمله "مراحل إعادة التدوير تبدأ بتجميع الورق ومن ثم يضع في مطحنة كبيرة فيها شفرات تقوم بتقطيع الورق لشرائح صغيرة، مع إضافة المياه لمدة لا تتجاوز 10 دقائق، بعد ذلك يجري تصفية الورق من المياه حيث يكون قوامه كالحساء، ومن ثم يوضع في قوالب لتعطينا شكل كراتين البيض".

اللافت ها هنا أن كمية النفايات الورقية المتوفرة تتحكّم بشكلٍ أساسي في الإنتاج اليومي، ونسبة الأرباح، كما يوضح، أن عملية التدوير يومياً تصل من 300 إلى 400 كيلوغرام من النفايات الورقية، تنتج ما يقدر بـ 3 آلاف كرتونة، يجري توريدها لمزارع البيض في غزة.

الكتب التالفة مصدر أساسي

وفي غزة المحاصرة التي تقلّ فيها المصانع والورش الصناعية كيف يحصل العمور على الكرتون والورق؟ هنا يكشف "أن الكتب المستهلكة هي المصدر الأساسي للنفايات الورقية، ويتم استلامها من مصادرة متعددة للتخلّص منها بشكلٍ مفيد للبيئة، وأهم مصادره وزارة التربية والتعليم.

وقد يسأل البعض عن جودة ما ينتجه؟ هنا يستدرك العمور فيؤكد أن منتجه من صواني البيض ذو جودة أعلى من المستورد، فهو يعرف بسماكته وتماسكه الجيد وحفظه للبضاعة، وكما أنها لا تمر عبر الحواجز، ولا تواجه و عقبات نقل تلوّثها، أو تأثر على جودتها.

لا يقتصر طموح الشاب على ذلك، فهو بصدد ابتكار أشكال متعددة من الكراتين، تواكب متطلبات المجتمع والسوق الاستهلاكية.

ويعتبر قطاع غزة الذي يسكنه أكثر من 2 مليون نسمة من أعلى المناطق بطالة في العالم، حيث تصل نسبة البطالة فيه إلى 45%، بينما في صفوف الشباب البالغ من سن 26 إلى 40 عاماً فهي تزيد عن 65%، وفقاً لأرقام مكتب الإحصاء الفلسطيني.

وتفرض "إسرائيل" حصاراً قاسياً على سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني فلسطيني، ما أفضى إلى تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية والمعيشية، وتأتّى عنه ارتفاع في نسبة البطالة التي بلغت عام 2021 50%، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.