"مهرجان كرامة 12": "كورونا" وحقوق الإنسان في العالم الافتراضي
اعتادت إدارة المهرجان أن تقدم عدداً من الأفلام التي تسلط الضوء على قضايا إنسانية واجتماعية، وينحاز صنّاعها بشكل تام إلى القصص الإنسانية التي تجسدها اللقطة بتراشقات وتشظيات واقعية تملأها قسوة الانتهاكات والمعاناة.
احتضن الأردن فعاليات الموسم الــ 12 من "مهرجان كرامة الدولي لأفلام حقوق الإنسان"، والذي أقيم هذا العام تحت شعار "حقوق الإنسان في عالم افتراضي".
واعتادت إدارة المهرجان أن تقدم عدداً من الأفلام التي تسلط الضوء على قضايا إنسانية واجتماعية، وينحاز صنّاعها بشكل تام إلى القصص الإنسانية التي تجسدها اللقطة بتراشقات وتشظيات واقعية تملأها قسوة الانتهاكات والمعاناة.
انطلق الحفل في 5 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وستمتد الفعاليات حتى 12 من الشهر نفسه. وقد افتتح بفيلم "أميرة" الذي كان سيمثل عمّان في الترشيح لجوائز الأوسكار 2022.
وكانت الاحتجاجات قد اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبة بإيقاف عرض الفيلم، لأنّ البعض رؤوا أن قصته يخدم الاحتلال، ولا يقدم أي مساندة لقضية اعتبرت مفصلية في أركان القضية الفلسطينة، وهي معاناة الأسرى الفلسطينيين.
يعرض المهرجان بدورته الحالية أكثر من 50 فيلماً موزعاً في برنامج عرض يومي لبلدان عربية وعالمية، منها الأردن، لبنان، فلسطين، سوريا، مصر، اليمن، المغرب، الإمارات، السعودية، قطر، تركيا، بريطانيا، أميركا، كندا، الصين، النمسا، ألمانيا، النرويج، فرنسا، هولندا، ماليزيا، إيطاليا، ميانمار، البيرو، روسيا، بيلاروسيا، والهند، إضافة إلى إقامة ندوات حقوقية وفكرية تهتم بالشأنين السينمائي والإنساني.
وعلى الرغم من احتلال فيلم "أميرة" النصيب الأوفر من النقد والتحليل، فإنّ باقي الأفلام التي غالباً ما تعمّد صنّاعها نقل المشاهد نحو عوالم بأحداث وفضاءات أقرب إلى الواقع، رغم خدوشه المؤلمة وإبراز نضالات الابطال على أنها محاولات نحو الخلاص الأمثل ورسم آفاق وآمال للمشاهد، ولكنها بقيت ضمن إطار المحاولة للتأثير، وخصوصاً في دول العالم النامية، التي غالباً ما تكون صكوك الحريات فيها لا تتجاوز حدود واقع ملزم ومعايير لا يمكن إسنادها إلى جهة محددة.
ولو عدنا إلى ظهور مهرجانات أفلام حقوق الإنسان التي بدأت منذ ما يقارب 30 عاماً، نجد أنها تقدم فناً يعكس مطالبات بحريات مدنية وسياسية على هيئة فنية واقعية، تصل أحياناً إلى حد القسوة في طرحها، لتكون أشبه بإعلان صادم وصاخب، من أجل كشف خلل يتعلق بالظلم وسوء المعاملة.
وأحياناً، تفيض برسائل المحبة والسلام من أجل إلصاق تلك الصورة المشعة بذهنية المتلقي وإعادة إنتاجها، لتكون حلماً زاهياً لمستقبل مرجو، من خلال إثارة ما يمكن نثره من القصص الإنسانية للتنوير والتعبير، عبر تحريك مشاعر المشاهدين ونكز عقولهم.
ومن المعارض الفنية التي كانت مصاحبة لعروض المهرجان، "معرض ضمير الفن التشكيلي" الذي عرض رسوماً غرافيكية وخواطر بصرية وملصقات ساخرة بهيئة أفلام قصيرة، في حين كان للفرق الموسيقية والغنائية مشاركة فاعلة، طرحت فيها أيضاً قضايا الإنسان وقيمه عبر لغة موسيقية وكلمات أثيرة لمخاطبة الجمهور .
كما حلّ أعضاء فرقة "عمدان النور" المصرية ضيوفاً هذا العام في حفل فني ضمن ليالي المهرجان، كفرقة من أهم فرق الموسيقى البديلة في مصر، لتقديمها أغاني عبّرت عن أحوال المجتمع ببساطة، مازجة عبر موسيقاها بين ما هو مبهج وما هو مثير للألم عبر لون غنائي حديث.
أما "تحديات الشباب في سوق العمل البديل"، فكانت مسمى لدورة أقيمت ضمن فعاليات مهرجان كرامة، وتم من خلالها مناقشة تجارب شبابية متنوعة فاعلة في المجتمعات، إضافةً إلى مشاركات ضيوف متخصصين في هذا الشأن، إلى جانب عرض فيلم وثائقي بالشراكة مع "مركز الدراسات اللبنانية" و"الجامعة الأميركية اللبنانية" حول مسار رحلة الشباب من التعليم إلى سوق العمل.
وجود الفضاء الإلكتروني الذي جعل بالإمكان أن تتناسل الصورة والخبر إلى مئات أو حتى آلاف المرات خلال بضع دقائق في عالم مكتظ تكنولوجياً، هو ما طرحه القائمون على المهرجان على طاولة النقاش في ندوة أقيمت على هامش فعاليات "كرامة".
وهذا ما أشارت إليه مديرة المهرجان، المخرجة الأردنية سوسن دروزة، خلال إحدى الندوات الصحافية، بأنه لا بد من دراسة التغييرات التي سببتها جائحة "كورونا" في العالم الافتراضي وحرية التعبير فيه من قبل مستخدمي شبكة الإنترنت، والذين ينشطون في الكثير من مواقع التواصل.
كذلك، أكد المشاركون في الندوة النقاشية "المهرجانات السينمائية والتغطية الإعلامية بين النقد والبروباغندا"، التي نظمها "مهرجان كرامة الدولي"، ضرورة تنظيم طرق تغطية المهرجانات إعلامياً.
وشدد المنتدون على أهمية تقريب وجهات النظر بين منظمي المهرجانات ووسائل الإعلام والجمهور، بعد أن تحولت معظم التغطيات الصحافية جذرياً من الاهتمام بمحتوى المادة الفيلمية المقدمة، إلى تغطية ترفيهية تخصّ غالباً حضور المشاهير على "ريد كاربت" المهرجانات.
وطالب المناقشون في توصياتهم بوضع مدونة سلوك حقوقية بما يخص صنّاع الأفلام ووسائل الإعلام، بما يتوافق مع عدم تعزيز نمطية المرفوض ومعالجة ما يرفض اجتماعياً، وأن يكون النقد الموجه إلى الأعمال فنياً بحتاً، ويحمل رسالة، فضلاً عن تشكيل لجان مشاهدة للأفلام من نقاد متخصصين.