«BOO» استديو ... «ممنوع دخول الرجال»!
ما قصة «BOO» استديو؟
«BOO» هي تلك الشخصية المحورية في فيلم "شركة المرعبين المتحدة"، والتي نالت شهرة عالمية، وسط تعلّق الجميع به، كذلك جاء استوديو «BOO» والذي يقع في مدينة المنصورة شمال القاهرة، استثنائياً أيضاً، إذ لا يُسمح فيه سوى بتصوير الفتيات والسيّدات.
تُدِير هذا الاستوديو، المُصوّرة جيهان كفافي، الذي تحوَّل التصوير لديها من هوايةٍ إلى مهنةٍ، بجانب دراستها في كلية الحاسبات والمعلومات، والتي عملت على فكرة «استوديو» مقتصراً على الفتيات من دون الشباب أو الرجال، في محاولةٍ منها لإعطاء الفتيات فرصة للتعبير عن أنفسهن بالشكل الذي يفضّلنه، بعيداً عن البيطريرقية الذكورية.
في مقابلة مع الميادين الثقافية تقول جيهان كفافي عن «BOO» الذي اختارته إسماً للاستوديو الخاص بها، إن السبب في ذلك يرجع لتعلّقها بالشخصية الكرتونية، لقرب الشبه بينهما، مضيفة: "بجانب أن أغلب مَن يعرفونني لا يعرفون إسمي الحقيقي، بل ينادونني بـ «BOO».
أما عن بدايتها مع التصوير فتؤكّد كفافي أنها كانت أثناء دراستها في الثانوية العامة، وبالتحديد عندما عرض أحد أصدقاء والدها عليه شراء كاميرا تصوير، وهو ما رفضه، إلا أنه لم يجد أمام إصرار إبنته؛ سوى أن يقتنيها، لتبدأ أول قصة حب بين الكاميرا وجيهان- حسب قولها.
استمرت جيهان، تنظر إلى الأمر باعتبارها فتاة صغيرة لديها كاميرا، تلتقط بها أحياناً بعض الصوَر لأسرتها أو لأقاربها، إذا سنحت مناسبة بذلك، أو لترويض شغف بداخلها، حتى كانت البداية الحقيقية، مع دخولها جامعة الأزهر، وتحديداً كلية الشريعة الإسلامية، والتي استمرت بها عامين، قبل أن تتركها للالتحاق بكلية الحاسبات والمعلومات.
وتقول عن تلك الفترة: "كان كل مَن في الكلية بنات، وكنت دائماً ما أضع الكاميرا في حقيبتي، لذلك كنت كلما تعرَّفت على فتاة طلبت مني أن أصوّرها، خاصة وأنني بنت، وهذا يخلق حالة من الثقة، فكنت فرصة كبيرة بالنسبة لهن".
توضح كفافي إن الأمر ظلّ على شكله البسيط؛ إلى أن طلبت إحدى صديقاتها المُنتقّبات أن تصنع لها «فوتوسيشن»، مضيفة :"صوّرتها؛ ولم يكن فقط أول «سيشن» أقوم بتصويره، ولكن كانت أيضاً أول مرة أعمل "إيديت" وكنت وقتها تعلّمت عن طريق الكورسات «أون لاين» وبدأت أنفّذ ما تعلّمته، وبمجرّد أن انتهيت منه، نشرته عبر صفحتي بموقع «فيسبوك» ولم أهتم بالأمر، نشرته ونمت".
كان استقبال الناس للـ «فوتوسيشن» الأول لكفافي، ذا أثر كبير عليها، حيث استيقظت من نومها لتجد ردّ فعل كبير وقوّي، على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لم تكن تتوقّعه بالمرة، ولكن ما حدث بعد ذلك لم يكمل فرحتها.
فعلى الجانب الآخر كان والدها الأربعيني، غاضباً بشدّة، مُعترِضاً على ما صنعت، مُطالباً ألا تفعل ذلك ثانية، فهو رجل مُلتزِم دينياً، ممَن يرون في التصوير شُبهة التحريم، استناداً إلى بعض الآراء التي تحرم ما اشتمل على رسم وتشكيل ذوات الأرواح، كذلك رافضاً أن يكون التصوير هو عمل إبنته.
كان رفض الوالد أول المواقف التي احتاجت فيها جيهان إلى تبرير فعلتها، ذلك حتى تتمكّن من مواصلة عملها بالتصوير، وإرضاء شغفها الذي أصبح المسيطر الأول عليها، فلما تجد الإبنة أمامها إلا أن تقنع والدها؛ بالأدلّة الشرعية التي تؤكّد عدم حرمانية التصوير تارة، وبالإلحاح تارة أخرى، فلم يكن من الأب المُحبِّ لإبنته –حسب وصفها- إلا أن يرضخ لرغبتها، ولكن بشرطٍ واحد: "كان شرطه أن يكون كل الـ Client بتوعي بنات". حسبما قالت جيهان.
استمرت جيهان مُقتصرة على صنع «فوتوسيشن» لصديقاتها فقط؛ قرابة العام ونصف العام، لتزداد شهرة يوماً بعد يوم، كونها «مُصوّرة البنات» حتى أصبحت تُطلَب في تصوير الأفراح الإسلامية المنفصلة، حيث لا اختلاط بين الرجال والنساء، وكذلك المناسبات المختلفة،- المُقتصرة أيضاً على البنات فقط-.
بعد فترة، ومع تزايُد نجاحها، أصبحت الكاميرا الأولى لا تجاريها في العمل، ما دفعها إلى شراء كاميرا أخرى، ومع تزايد عدد الفتيات اللاتي يرغبن في التصوير؛ انتهى بها الأمر إلى امتلاك استوديو خاص بتصوير الفتيات فقط، حيث إقامتها في دكرنس في مدينة المنصورة.
تقول جيهان إن حاجتها الأساسية إلى "استوديو"، ظهرت مع تزايد أعداد زبائنها، وحاجة هؤلاء إلى مكانٍ آمنٍ، يجدون فيه من الخصوصية ما يحتاجون، لاسيما وأن جميعهن من الفتيات المُحجبات، التي تريد التقاط صوَر لهن من دون الحجاب، أو ربما مُنتقّبات يردن أن يصنعن لهن «فوتوسيشن» مظهرات شعرهن، أسوة بمثيلاتهن من الفتيات.
لم تبحث كفافي كثيراً عن مكان يصلح لتحقيق هدفها، بل ذهبت إلى شقة غير مستغلّة داخل منزلها، وراحت تُعدُّ بها غرفة تصلح استوديو للفتيات، وذلك بصنع «لوكيشن» من أشياء خاصة بالفتيات وصوَر الأطفال، وأيضاً «ريسبشن» لاستقبال العملاء، كما اكتسبت «جيهان» من تأسيس مكان لها؛ توفير مشقّة الالتقاء بعملائها لتسليم الصوَر إليهن في «كافيهات» أو ما شابه، فالآن أصبح لها مكان معلوم يمكن المجيء إليه لاستلام حاجاتهن.
وعن تجهيز المكان تؤكّد كفافي إنها أعدّت كل شيء بنفسها: "حتى طلاء الجدران كان بيدي، ورسمت بنفسي على الجدران". وبجانب التصاميم الأنثوية التي ارتكز عليها المكان، إلا أن الغريب أيضاً أن أغلب الأشكال المرسومة على الجدران كانت لطائر البوم، حتى التصميم الخاص بالاستوديو جاء على شكل بومة، وعن ذلك تقول جيهان: "يأتي تعلّقي بالبومة نظراً لاتفاق معارفي على الشبه بيني وبين البومة، ولا سيما عينوننا".
اختارت "كفافي" أول أيام عيد الأضحى الماضي؛ ميعاداً لافتتاح الاستوديو، مشيرة إلى أنها نظّمت في ذلك اليوم «إيفنت» لتصوير الفتيات مجاناً، لرغبتهن في التصوير في مثل تلك المناسبات، وأيضاً لاستغلال ذلك اليوم في الدعاية لمكانها الجديد، ولتعريف الفتيات به.
توضح كفافي أن عملها في الاستوديو لا يقتصر على المُنتقّبات أو المُحجّبات، فالاستوديو مفتوح لكل الفتيات، بشرط فتيات فقط، كذلك تعمل بالأفراح الإسلامية، أو أيّ فرح آخر، بشرط أن يكون منفصلاً، بمعنى أن يكون للنساء ركن خاص، وتعلّل ذلك قائلة :" المجتمع لم يتقبّل بعد فكرة أن تعمل فتاة مُصوّرة أفراح، فأنْ أحمل كاميرا لتصوير فرح مختلط، فغالباً تكون التعليقات والتصرّفات غير لطيفة؛ لذلك ارتضيت بتعريفي مُصوّرة للبنات فقط".
ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك المقالات والتحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]