ألين جوفروا ... تسعينية وثّقت تاريخ اللاذقية

باتت على مشارف التسعين لكنّها مازالت ترسم. لوحاتها وثّقت تاريخ اللاذقية ... من هي ألين جوفروا؟

ألين جوفروا

عامان وتكمل سنواتها التّسعين، لكنّها مازالت ترسم لأنها وجدت في مرسمها ملاذاً ومكاناً لتحقيق أحلامها؟ وثّقت تاريخ مدينتها اللاذقية وحاراتها في لوحاتها، ومازال نبض الشّغف يجري في ألوانها وريشتها.

وُلِدت "ألين جوفروا" في سوريّا بمدينة اللّاذقية لأبٍ فرنسيّ وأمٍّ سوريّة، أتمّت دراستها الإعداديّة والثّانويّة في اللّاذقيّة، ثمّ انتقلت إلى لبنان وتابعت دراستها في فنّ التصوير والفنون التشكيليّة ضمن صفوف الأكاديميّة اللّبنانيّة للفنون الجميلة في بيروت.

بعد تخرّجها وطيلة أربع سنوات شاركت بمعارض جماعيّة نظّمتها اليونيسكو، وحصلت على جائزة الرّسم بالألوان المائيّة ثمّ أكملت دراساتها في أكاديميّة الفنون الجميلة في روما - إيطاليا مدّة سنتين واختصّت بالموضوعات التي تمثّل الشوارع والآثار القديمة وكان لها عدّة لوحات جسّدت فيها المدينة القديمة في روما.

جوفروا تحدّثت للميادين الثقافية قائلة "أنا إسمي ألين جوفروا نصري عمري 88 سنة تعلّمت الرسم في لبنان لأربع سنوات ومن بعدها ذهبت سنة إلى إيطاليا، عدتُّ بعدها إلى سوريّا وأحببت رسم البيوت والحارات القديمة"، مضيفة "في كل مرة كنت أشاهد حارة قديمة كنت أرسمها".

أقامت جوفروا معرضها الشّخصي الأوّل في بيروت عام 1957 وحصلت نتيجة ذلك على تقديرات جيّدة في استخدامها للألوان، كما مارست التّصوير لبضعة سنوات واهتمّت بالمنظور والتّصوير بالرسم.

عكفت الفنانة السورية من أصل فرنسي، على رسم الأحياء القديمة في اللّاذقيّة. كانت البداية صعبة لأنّ الجمهور لم يألف مشاهدة الرّسّامين أمام الجدران القديمة، لكن في ما بعد نشأت علاقة طيّبة بينها وبين سكّان المدينة القديمة وبات وجودها في الشّارع مألوفاً لا بل ومحبّباً بين الناس.

 

تقول جوفروا إن كرم ولطافة سكّان تلك الأحياء ساعداها على تخطّي مهمّتها الصّعبة والغريبة والشّاقة في بعض الأحيان بنجاح.

"أحببت كثيراً ألوان الحجر. الألوان القديمة. رسمت كثيراً الحارات القديمة في اللّاذقيّة. كنت أعمل في الطّريق، وفي إحدى المرّات كنت أسير في أحد شوارع المدينة، فشاهدتُّ حارةً قديمة لم أكن أعرفها من قبل. ذهبتُّ للمنزل وأحضرت أدواتي وعدتُّ إليها ورسمتها. هكذا استمرّيت ولم أتوقّف بعدها وأصبحت أدخل المحلّات والحارات وأرسمها، وعندما سمعت أنّهم سوف يقومون بهدم المرفأ القديم قمت برسمه كلّه من بدايته حتى نهايته ولديّ كل الصّوَر ولم أضعها في المعرض، أحتفظ بها حتّى الآن في منزلي".

شكّلت جوفروا بعملها الفنّيّ حالةً فريدةً من نوعها قلّما نجدها بين مَن امتهنوا هذا النّوع من الفنّ. احتفظت بذاكرتها بالكثير من الصّوَر الجميلة والنّادرة، كما استطاعت بعينها الثّاقِبة أن تنقلها عبر الرّيشة إلى الورق، فكوّنت لنفسها وللمجتمع ذاكرةً بصريّة نادرة اختزنتها عبر عقود من الزّمن اختلفت فيها المدينة اختلافاً جذريّاً. حارات قديمة اندثرت وشوارع جديدة افُتتحت ومحال تجاريّة استُحدثت، وقلّة قليلة ممّن كُتِب لهم طول العُمر يستطيعون أن يحدّثونا عن تلك المعالم.

ألين جوفروا أرشيف مُتنقّل وحيّ. ذاكرتها تختزن نفحاتٍ من عبق الماضي الجميل.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]