"ثقافة للجميع": تنوع واسع يجمع المفيد والممتع

يقدم المشروع وفعالياته مجاناً لإتاحة المجال لكل الناس للتمتع بما يقدم، والنتيجة ممتازة.

من ضمن مشروعها "الثقافة للجميع"، حيّت "جمعية الصفدي الثقافية" كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم بأمسية فنية، امتدت على مدى ساعتين، بمشاركة جمهور غفير من محبي الفن الأصيل، وجمهرة بالمئات استطاعت الجمعية تنميتها خلال أكثر من عامين من النشاط المتواصل على مختلف الصعد الثقافية، والفنية، والتوعوية.

سبق هذه الأمسية، أمسيات متعددة مشابهة أحيت كبار الفنانين العرب أمثال محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وفريد الأطرش، وأسمهان، ووديع الصافي، وصباح، وفيروز فاصبحت الأماسي تقليدا يجذب عشاق الطرب الأصيل، والأغاني التي أحيت في نفوس مستمعيها فترة الزمن الجميل الناهض الذي شهدته المنطقة أواسط القرن الماضي.

المحبب في الأماسي أنها جمعت الشروح عن الفنانين، وأعمالهم، وتاريخهم، وعن كل أغنية جرى تقديمها، تولى الحديث عنها الدكتور سعيد الولي المتمكن بمختلف أصناف الفن، مع عازف على العود هو عادة المايسترو خالد نجار- استاذ العود في الكونسرفاتوار الوطني اللبناني، ومؤسس فرقة "الأعواد الصغيرة"، ومغنين متخصصين كل بحسب طابعه.

أمسية أم كلثوم شارك فيها إضافة للولي ونجار، ضابط الإيقاع استاذ الرق سليم النابلسي، والمغنية الصاعدة آية الشامي.

إستهلالاً تقديم من الولي لافتاً إلى أن السهرة مع أم كلثوم تتحول لعرض لتاريخ المنطقة انطلاقاً من مصر زمن أم كلثوم، حيث كانت مصر قلب العالم العربي. منتقلاً للتعريف بأم كلثوم التي ولدت سنة 1898، وتربت في منزل تسمع فيه الأغاني والتجويد عندما كان والدها يدرب شقيقها الأكبر طارق على تجويد القرآن الكريم.

داخلاً في برنامج الأمسية، تناول الولي بعض الشعراء - مؤلفي الأغاني- مثل محمد شفيق كامل الذي كتب كلمات "أمل حياتي" من ألحان محمد عبد الوهاب. ثم قدمت الفنانة الشامي مقاطع من الأغنية.

من الكلثوميات الشهيرة، أدت الشامي "الأطلال"، وهي قصيدة طويلة كتبها الطبيب إبراهيم ناجي يروي فيها تجربة حب محبطة عندما هاجر لمتابعة علومه، وصدم لدى عودته عند معرفته أن حبيبته قد تزوجت. وفي إحدى الليالي سمع طرقاً على الباب، والطارق رجل يريد طبيباً لمساعدة زوجته التي كانت في حالة ولادة متعسرة، فذهب مع الرجل إلى بيته، وكانت المفاجأة أن الزوجة هي حبيبته السابقة. عالجها ناجي وتمت الولادة، وكتب ناجي قصيدة "الأطلال" بعد هذه الحادثة.

ثمة رواية ثانية حول القصيدة، تذكر أن الشاعر زار باريس ليتفقد حبيبته التي كانت تتابع دراستها هناك، وأصيب بصدمة قاسية عندما شاهدها مع شخص آخر، وكانت القصيدة ثمرة الصدمة.

لحن الأغنية رياض السنباطي، وتعود للعام 1965، واضافت أم كلثوم عليها أبياتاً من قصيدة أخرى للشاعر عينه، أضفت مزيداً من الانفعالية العاطفية على القصيدة.

الشامي أدت أيضاً "أنا في انتظارك" من تأليف الشاعر محمد بيرم التونسي، والحان زكريا أحمد، وتعود للعام 1943، و"دارت الأيام" كتب كلماتها مأمون الشناوي، ولحنها محمد عبد الوهاب وتعود للعام 1970، وما "خطرتش على بالك يوم" كلمات أحمد رامي، تلحين سيد مكاوي وتعود للعام 1972.

و"أروح لمين" كلمات عبد المنعم السباعي، تلحين رياض السنباطي، تعود للعام 1958.

جانب آخر من الأماسي الموسيقية ركزت على الباليه والأوبرا، قدمت الكثير، وعلى سبيل المثال: أوبرا Faust- Gounod، وأوبرا Pelles et Melisande، وباليه Pierre et le Loup، وغيرها كثير.

المشروع تضمن علاوة على الأماسي الفنية، سلسلة من اللقاءات والمحاضرات، وورش العمل، تناولت مواضيع حياتية ذات صلة بحياة الناس مباشرة.

ومن عناوينها على سبيل المثال: الإعداد الجامعي للدكتورة ريما معوض من جامعة القديس يوسف- اليسوعية، جسور الثقافات: دروس من اليابان للدكتور مروان بصمه جي من جامعة العزم، فن الخطابة للدكتورة أسيل عياش من الجامعة اللبنانية-الأميركية، العنف عند الأولاد من المسببات إلى الحلول للدكتورة نايلة نحاس من جامعة البلمند، تمدد مخاطر أمراض العظام من الكهولة إالى الشباب للدكتور ثائر علوان من جامعة الجنان.

مديرة جمعية الصفدي الثقافية سميرة بغدادي تحدثت عن مشروعها، والهدف، كما قالت للميادين نت "تقديم ما هو مفيد في الحياة، والمواضيع المختارة تحتل حيزاً هاماً من حياة الناس، تتعلق بالنفس، والتربية، والصحة، ومختلف جوانب الحياة اليومية".

وأضافت:"من المواضيع العامة التي نالت اهتمامنا شؤون العمارة، وتطوراتها، وكل المجالات التي يتأمن لها تخصصات، كما دخلنا بالتكنولوجيا، وكذلك المواضيع التي تحسن سلوكيات الناس تجاه النفس، وتجاه الآخر، وتقرب الناس من بعض، وتحسن الأحوال الشخصية والعامة".

 

وتناولت بغدادي شقاً هاماً من المشروع وهو "تبني مهمة تذوق الموسيقى لدى الراغبين، والارتقاء بها، سواء بالموسيقى الكلاسيكية العالمية من أوبرا وباليه، أم بموسيقانا العربية".

عن هذا الجانب من المشروع، أوضحت بغدادي أنه "في كل يوم اثنين من العام المنصرم، كنا، ولا نزال نقدم عرضاً عن أوبرا أو باليه، ويتولى المنشط الدكتور سعيد الولي التعريف بأي مقطوعة تقدم في أمسية، ويتحدث عن مميزات المقطوعة، وفي كل أمسية، كان الناس يخرجون مشبعين بالمعرفة، والمتعة الجميلة المحببة على القلوب".

وعن الطرب العربي، قالت: "يهمنا جانب الأصالة، والإبداع في محيطنا العربي، في لبنان وسوريا ومصر والعراق، وكل الدول التي برز فيها عمالقة الفن، واعتدنا أن ننظم جلسة شهرية، بدأنا بها العام الماضي بشرح عن المقامات في الموسيقى العربية، وكل مقام في جلسة، وبعد شرح المقام، كان يتم تقديم أغانٍ بأصوات شابة، وناهضة متخصصة من المقام عينه، وفي هذا العام، وبعد إنجاز المقامات، تناولنا الفنانين الكبار مثل فريد الأطرش، وملحم بركات، وفيروز، وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم".

 

يقدم المشروع وفعالياته مجاناً لإتاحة المجال لكل الناس للتمتع بما يقدم، والنتيجة ممتازة، بحسب بغدادي التي قدمت الدليل وهو "التزايد الكبير بعدد الملتحقين بالحلقات، سواء بالثقافة للجميع، أو بالتثقيف الموسيقي، والحفاظ على التراث الموسيقي"، معاهدة الاستمرار بالمشروع "طالما الناس متجاوبون وراغبون به".

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]