الأسواني للميادين نت: "كأن" منعت في مصر وطبعت في بيروت
أجرى الميادين نت مقابلة خاصة مع صاحب "عمارة يعقوبيان" الروائي المصري علاء الاسواني. المقابلة تطرقت إلى روايته الجديدة "كأن" الصادرة عن "دار الآداب" في بيروت، والتي تتناول ثورة 25 يناير ومآلاتها وتحديداً علاقة المسلمين بها. الأسواني الذي اشتهر بمعارضته لنظامي مبارك مرسي، كان صاحب تأثير كبير على النخب المصرية، وصنفته جريدة التايمز البريطانية من أهم 50 روائياً عالمياً. وهنا نص المقابلة.
لماذا كتبت رواية "كأن"؟
كتابة الرواية تكون بإحساس وليس بقرار. إحساسك هو الذي يدفعك. لقد عشت ثورة 25 يناير وقبلها يوماً بيوم. عشتها في الميدان وتأثرت بشخصيات عرفتها وألحّت عليَّ حتى أكتب عنها، وفي الرواية أطرح أسئلة حول علاقة المسلمين بالثورة، وربما تمتد إلى العالم العربي كله. الأسئلة فيها لأن كل العالم العربي يحيا نفس الظروف.
هل يمكن اعتبار "كأن" أول رواية عن الثورة المصرية؟
هذا التقدير أتركه للكتّاب والنقّاد والفنّانين وأين يصنفون الرواية، لكني أدّيت واجبي ككاتِب.
لماذا لم تُطبَع الرواية في القاهرة كروايتكم السابقة؟
تعرّض الناشرون في القاهرة لضغوط لعدم نشر الرواية، وبعض دور النشر في بيروت وأنا أتفهّم ظروف الناشرين. أما نَشْر الرواية في "دار الآداب" في لبنان فهو امتداد للعادة العربية. مَن كان يُمنَع أن ينشر في بلده كان لبنان ينشر له. "دار الآداب" أخذت قراراً شجاعاً في نشر "كأن"، هذه ليست أول مرة وهي من قبل نشرت رواية "أولاد حارتنا". كان الوضع مُشابهاً لليوم وخافت بعض دور النشر العربية من نشرها.
روايتك كأن تدخل في "أدب الطغيان"؟
أوافق أن في أميركا اللاتينية ما يُسمّى رواية الدكتاتور. كل مجتمع يفرض حوائج. لن تجد في بريطانيا استبداداً بل يقرأون عن أشياء أخرى. لكن نحن مثل أميركا اللاتينية ولِدنا في بلاد مُستبدة. مُنِعتُ من الكتابة في مصر مُطلقاً ولا تُعطى فرصة لأي كاتب. أنا ممنوع من الكتابة والظهور على التلفزيون منذ 2014، وممنوع عَقْد ندوتي التي أسّستها منذ 20 سنة أي عام 1998 وكنت أعقدها كل أسبوع. أيام مبارك كان يُضيَّق علينا. الآن الضغوط أكبر.
هل وصلت رواية "كأن" إلى القاهرة؟
الرواية غير موجودة في القاهرة عملياً ويستطيع مَن يريدها أن يطلبها عبر الأنترنت.
لماذا تعتبرون أن أفضل جمهورية هي "جمهورية الأدب"؟
كتبت مقال "جمهورية الأدب" بعد أن بلغت مبيعات كُتُب ماركيز 35 مليون نسخة مُباعة وبالأخص روايته "مئة عام من العزلة"، وبالتالي فهؤلاء القرّاء يُشكّلون جمهورية وهم مواطنون في جمهورية، وهذا قلته في كلمة في فرنسا في ندوة، حيث أعلنت أن هذه الجمهورية هي الأرقى على وجه الأرض لأن مَن يؤمن فيها من كافة الانتماءات، حتى اولئك الذي يؤيدون العنف السياسي. الأدب يُحرِّر من كل هذه الأمراض.
كيف ترى الإنتاج الأدبي من ناحيتيّ القصة والرواية؟
في تاريخ الفن هناك المؤسّس والمُطوِّر .أنت تجد في القصة المؤسّس يحيى حقي والمُطوِّر لها أسماء كثيرة من ضمنها يوسف إدريس وإبراهيم أصلان والروائي السوري زكريا تامر. لكن نجيب محفوظ حالة فريدة في تاريخ الأدب فقد أسّس وطوَّر في آن، ولهذا يحتلّ مكانة فريدة في العالم العربي.
ماذا تتوقّع لمسقبل مصر؟
مصر منذ 1952 تعيش تحت سيطرة الحُكم العسكري، وهذا الحُكم بطبعه لا يقبل الآراء المُعارِضة، ولا أستطيع أن اتنبّأ برد فعل الشعب المصري. الثورة شيء غير متوقّع. يحدث فجأة، وأنا لا أريد أيّ تخريب لبلدي لكن أريد لمصرية عدالة وحرية. مَنْع الكاتب لا يتم بقرار رسمي والإعلام تحت سيطرة الأمن. هناك توجّهات أمنية بالموضوعات المطلوب الحديث عنها وأنا أكتب الآن مقالي في موقع ألماني باللغة العربية.
لماذا مارستم النقد لتجربة الإسلام السياسي في مصر؟
أنا ضد الإسلام السياسي. التجربة التاريخية أثبتت أنه ينتج قوّة فاشية مباشرة بغضّ النظر عن النوايا. هنا لا نتحدث عن النوايا بل عن الفلسفة. الدين مطلق وأية قوة دينية تقترن مع العمل السياسي تفرض ما أسمّيه الحقيقة المُطلَقة التي تراها. الإسلام في رأيي يجب أن يظل في النطاق الشخصي. الدول يجب أن تكون بلا أيديولوجيا دينية. فبعد بعد حرب أكتوبر 1973 تضاعف سعر النفط وأعطى لعوائل الخليج قوّة اقتصادية جبّارة وأصبح هناك تحالف بين الأُسَر المالِكة ومشايخ الوهّابية. تم عمل حملة لترويج الفكر الوهّابي للإسلام. الوهّابية هي قراءة مُتشدّدة وعنيفة جداً للدين، وهي ضد الديمقراطية، ومن ضمن مشكلات الفكر الوهّابي أنه يُحيل الدين إلى مجموعة إجراءات مثل خوض معارك طاحِنة من أجل فرض النقاب والحجاب، بينما هم لا يهتّمون بنفس القدر بسلوك الفرد في المجتمع.
لماذا أنت الآن في نيويورك؟
أعمالي مُترجَمة إلى 36 لغة وحصلت على 17 جائزة وتقدير على المستوى الدولي كان آخرها وسام الفنون والآداب من فرنسا، وبالتالي أتلقّى دعوات من إجل إعطاء محاضرات في الأدب. في زيارتي هذه ألقيتُ محاضرات في برنستون ونيويورك ودرت موس.
ماذا تقول في الذكرى الــ 49 لاستشهاد عبد المنعم رياض؟
رياض أحد الأبطال وعندما استشهد أذكر ذلك اليوم وكنت صغيراً. أذكر كيف استقبل الكبار في أسرتنا نبأ استشهاده. أنا كنت ضد الدور السياسي الذي لعبه المجلس العسكري الذي تولّى السلطة بعد عزل مبارك، ولكن لا علاقة لذلك بتقديري للجيش المصري فهو جيشنا جيش الشعب وليس جيش الحاكِم.
ما هي رؤيتكم الحالية للصراع العربي - الإسرائيلي؟
الصراع لن يُحلّ قبل تطبيق الديمقراطية في العالم العربي، لأن التاريخ يثبت أن الحاكِم المُستبدّ أهم ما يعنيه البقاء في السلطة بأي ثمن.
كيف ترون الحرب في سوريا؟
في البداية كانت ثورة عظيمة قامت من أجل التخلّص من أجهزة قمعية، وما حدث أن قوى إقليمية ودولية تدخّلت من أجل منع انتصار الثورة. وأقل بلد تم التدخّل فيه هو تونس. ولذلك ربما تكون ثورة تونس على الطريق الصحيح. الأنظمة العربية في تقديري انتهت تاريخياً، وصلاحياتها قد تبقى عاماً أو عشرة إلا أنها فقدت قدرتها على إعطاء أي شيء.
ما رأيكم بسياسة ترامب الخارجية؟
أنا أفرّق بين الرأي العام الأميركي الذي لو توافرت له معلومات لكان موقفه أفضل، وبين السياسة الخارجية الأميركية. السياسة الأميركية لم تنتصر إلا لمصالحها ولم تعبأ للديمقراطية.
ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]